المدافع الإسرائيلية بدل المسحراتي توقظ سكان خطوط التماس في غزة

TT

بعد أن انفض المصلون من صلاة التراويح، بقي شاب واحد سمح له آذن المسجد بالبقاء حتى اداء صلاة الفجر. فلم يكن امام ابراهيم سعيدات، 29 عاما، بد سوى المبيت في مسجد «المهاجرين»، في حي بركة الوز، غرب مخيم المغازي للاجئين، بعد أن تأخر الوقت وخطورة العودة الى بيته الكائن في منطقة جحر الديك المتاخمة للخط الفاصل بين قطاع غزة واسرائيل.

فأهالي هذه المنطقة مثلهم مثل بقية المناطق الحدودية التي تتاخم الخط الفاصل التي يطلق عليها مناطق التماس، يفرضون على أنفسهم حظر تجوال تلقائيا خوفاً من عدوان الجنود الاسرائيليين الذين يكثرون من نصب الكمائن المسلحة لكل من يتحرك في كل المناطق الحدودية.

وتنص تعليمات قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الاسرائيلي التي تتسم بالصارمة، على التعامل مع أي شخص يتحرك ليلاً في هذه المناطق كمقاوم يخطط لتنفيذ عمل عدائي يتوجب اطلاق النار عليه. فهؤلاء الأهالي الذين كانوا يعانون الأمرين قبل رمضان بسبب الفزع من الإجراءات الاسرائيلية، تضاعفت معاناتهم في رمضان. فاصبحوا لا يشعرون كبقية الناس بطعم رمضان وطابعه الخاص، اذا تضطرهم الظروف الى اغلاق ابواب منازلهم منذ غروب الشمس، وهذا يعني انهم لا يستطيعون الصلاة في المسجد، وهم ايضا محرومون من التواصل الاجتماعي بين الناس والأقارب والزيارات المتبادلة بعد الافطار وهو ما يميز ليالي رمضان عن بقية ليالي أي شهر. وأن اراد احد من سكان المناطق الأخرى استضافة شخص من الأهالي في هذه المناطق، فعليه أن يضع في حسبانه أن يعد له مكانا للمبيت.

وغامر بعض شباب منطقة وادي السلقا الحدودية في أول ايام رمضان وتوجهوا لاداء صلاة التراويح في احد مساجد مدينة دير البلح القريبة وسط القطاع، ليقعوا عند عودتهم الى منازلهم في شرك الوحدات الاسرائيلية الخاصة، التي نقلتهم الى سجن عسقلان داخل اسرائيل. ويعتبر هؤلاء الشباب «محظوظين»، اذا كان بالامكان ان تنتهي مغامرتهم هذه بموت محتم لو ان الجنود نفذوا التعليمات بحذافيرها واطلقوا النار عليه. ولا يقتصر الامر على الصلاة والسمر في ليالي رمضان، بل ان المسحراتي لا يستطيع ممارسة نشاطه في هذه المناطق، ولكن هناك من يحل محل المسحراتي وهي مدفعية الجيش الاسرائيلي التي لا توقظ الناس على السحر فحسب بل تبقيهم مستيقظين طوال الليل. والكثير من العائلات في هذه المناطق لا تستطيع تناول طعام السحور، حيث تتعرض هذه المناطق بشكل يومي لعمليات توغل يحتجز خلالها الجيش الرجال ليخضعوهم لتحقيقات ميدانية. وفي معظم الاحيان يتم احتجاز الناس من الساعة الواحدة فجراً حتى الساعة التاسعة صباحاً، وفي احيان اخرى يتم اعتقال الذين يتم التحقيق معهم. الواقع البائس الذي يحياه الفلسطينيون في هذه المناطق خلال رمضان دفع بعضهم الى الانتقال للعيش في منازل يملكونها في مناطق اخرى او العيش عند اقاربهم في المناطق الساحلية.