مخاوف من تحول طريق البصرة ـ الكويت الدولي إلى منطقة عنف بعد الانسحاب البريطاني

رغم ارتياح السكان لقرار السلطات الكويتية إعادة فتحه أمام الحجاج بعد غلقه 18 عاما

TT

في الوقت الذي أعرب فيه سكان البصرة، ثاني اكبر المدن العراقية، عن ارتياحهم لموافقة الحكومة الكويتية على افتتاح طريق البصرة ـ صفوان – العبدلي ـ الكويت، أمام قوافل الحجاج العراقيين القاصدين الديار المقدسة، بعد 18 سنة من اغلاقة على خلفيات حروب الخليج، الا انهم يخشون من تحول هذا الطريق، بعد انسحاب القوات البريطانية من داخل البصرة، إلى ميدان عنف وقتال بين الميليشيات الموالية لإيران وبين القوات الأميركية المرافقة لقوافل التموين.

عند اجتياز آخر الأحياء السكنية لمدينة الزبير (19 كم غرب مركز محافظة البصرة) تنفتح الأرض المجاورة للشارع العام على شكل بساط صحراوي ممتد إلى أفق بعيد. وبعد ان تقطع مسافة لا تزيد عن 15 كم يلوح لك عن بعد جبل سنام وعدد من أبراج النفط لحقل الرميلة الجنوبي وبيوتات متناثرة لفلاحي مزارع الطماطم المحمية ومقالع الرمل والحصى، وكأنها شواخص عائمة في بحر من الصحراء التي يقطعها خط المرتسم الحدودي العراقي الكويتي، الذي يمتد شرقا بمحاذاة مدينة صفوان وحتى أم قصر المطلة على الخليج العربي.

لا يخترق هذه المنطقة طريق معبد يربط العراق بالكويت غير هذا الطريق العام، الذي يعد محور دخول قوات التحالف الى العراق عام 2003، ومحور الإمدادات اللوجستية في ما بعد إلى أكثر من 163 ألف جندي أميركي في العراق وعصبا مهما في واردات العراق التجارية.

شيد الجانبان العراقي والكويتي على جانبي الطريق عند الفاصلة الحدودية بين البلدين، بوابات وأبنية حكومية للجمارك والجوازات والرقابة التجارية والصحية والمطافئ والإسعاف، وامتدت بموازاة هذا الطريق عشرات الطرق الرملية الرابطة بين البصرة والكويت، التي شق بعضها الجيش العراقي خلال غزو الكويت في 2 اغسطس (آب) 1990، إضافة إلى مسالك أخرى لا يعرفها غير المهربين ودوريات شرطة الجمارك، التي تخشى الدخول فيها لتجنب الصدام غير المتكافئ مع حمايات المهربين المدججين بأحدث سيارات المطاردة والأسلحة، ومن أشهرها المسلك المؤدي إلى منطقة (خضر الماي) في المثلث العراقي الكويتي السعودي، الذي يعد اكبر (سوق حرة) للمهربين في المنطقة، يشتهر بتجارة قطعان الماشية والكحول والمخدرات والأسلحة وإدخال المتسللين.

وقالت شخصيات اجتماعية في البصرة، ومن بينهم عبد الرزاق السبتي، 83 عاما، لـ«الشرق الأوسط»، إن افتتاح الطريق الدولي هو بادرة تعبر عن حسن النوايا بين البلدين، معربا عن أمله بافتتاحه أمام المسافرين الآخرين طوال أيام السنة..». وأضاف «أن العلاقة الاجتماعية والأسرية الرابطة بين العراقيين والكويتيين هي أسمى وارفع من الخلافات السياسية، التي وظفها البعض لإشباع نزواتهم  في الهيمنة والحروب التي لم يجن منها أحد غير الويلات والدمار وهدر الثروات».

من جهته، يرى حسن عبد الصمد (ضابط متقاعد) أن جغرافية الطريق تساعد الميليشيات على القيام بفعاليات عسكرية ضد القوات المتعددة الجنسيات، لكونه يمر بمنطقة صحراوية فيها محاور للتقرب والانسحاب والاختباء. وأضاف أن هذا الطريق شهد خلال العام الحالي عددا من أعمال العنف، من بينها اختطاف وقتل خبراء أجانب ومقتل عدد من العاملين في شركات الحماية الأميركية، على الرغم من وجود القوات البريطانية فيه، التي تمتلك وسائل المراقبة والإسناد الجوي بالطائرات المروحية والمقاتلة. مشيرا إلى أن أية أعمال عنف عليه ستؤدي إلى مشاكل كبيرة للجيش الأميركي والاقتصاد العراقي، الذي يعتمد على جزء كبير من استيراداته وخاصة المواد الغذائية ومشتقات النفط عبره. وتوقع انه بعد نجاح الميليشيات على إجبار القوات البريطانية على التقوقع داخل قاعدة في المطار، نتيجة تكبدها خسائر كبيرة، أن تلجا إلى مقاتلة القوات الأميركية من هذا المحور المهم والقريب من خطوط الإمدادات الإيرانية وربما النفاذ من خلاله إلى دول الجوار. يذكر ان مؤسسة «جيمس تاون فاونديشن» الأميركية قالت في تقرير صدر اخيرا: «إن إيران تأمل في فرض السيطرة الكاملة على جنوب العراق وفصله، من الوجهة العملية عن بقية أنحاء العراق». وأضاف «أن الميليشيات التي تدعمها إيران اخترقت أجهزة الأمن العراقية بكل مستوياتها ووسعت مجال عملياتها في كل أنحاء العراق بعد ان دربتها قوات التحالف وأنفقت على تدريبها مليارات الدولارات، على أساس أن هذه القوات ستخدم العراقيين وتنقذ العراق بدلاً من أن تتبع الأجندة السياسية الإيرانية».

ووصف ضابط في الشرطة برتبة عقيد، طلب عدم ذكر اسمه الإجراءات الأمنية على الطريق بأنها محكمة، وقال «هناك عدد من سيطرات الشرطة الموزعة على مفترق الطرقات ومديريات للشرطة في الزبير وصفوان وأم قصر، إضافة إلى الدوريات ومفارز شرطة النجدة».