مصادر إسرائيلية وأميركية: عملية إنزال بإشراف باراك ضبطت مواد نووية في الموقع السوري

حضرت للغارة على الموقع وحصلت على موافقة واشنطن * دمشق: الرواية لا أساس لها

اشارة تدل الى دمشق من معسكر اسرائيلي في هضبة الجولان (أ.ب)
TT

بعد يوم من اعلان اسرائيل رصد طائرة سورية تحوم في الاجواء فوق هضبة الجولان ومن ثم تحطمها لاحقا في ظروف غامضة، تحدثت صحيفة بريطانية امس عن عملية انزال برية قامت بها وحدة النخبة الاسرائيلية قبل شن الغارة على الموقع السوري، قالت ان الهدف منها كان الحصول على عينة من معدات نووية كدليل على وجود علاقات نووية بين بيونغ يانغ ودمشق، الامر الذي منح الغارة الاسرائيلية على الموقع السوري مباركة واشنطن التي كانت وبحسب المصدر نفسه تعارض شنه.

وفي ما يبدو وكأنه فصل جديد في المواجهة المتصاعدة بين سورية واسرائيل، قالت الصحيفة إن العملية التي انتهت بمصادرة مواد تبين بعد اخضاعها للتحليل انها كورية شمالية، اشرف على قيادتها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك شخصيا كونه كان دوما «يشعر بقلق عميق» حيال نشاطات هذا الموقع العسكري السوري السري.

وفي دمشق، اكتفى وزير الإعلام السوري محسن بلال ردا على اسئلة «الشرق الاوسط» بالقول ان «الخبرين لا اساس لهما من الصحة»، مضيفا «انها فبركة لا اساس لها على طريقة العراق». وكرر ان الرد السوري «سيأتي في حينه»، مضيفا «على كل الاحوال، نحن في ضبط دقيق لنبض العدو ولا ثقة لدينا به ونعي ان لديه أهدافا توسعية». وردا على سؤال حول ما اذا كانت سورية تترقب عملية إسرائيلية جديدة في اطار التوتر المتصاعد بين الطرفين، قال وزير الاعلام السوري «كل شيء ممكن، اسرائيل تحظى بدعم الادارة الاميركية، انهم يتحدون المجتمع الدولي ولم ينفذوا يوما قرارا لمجلس الامن، يقولون الشيء ويفعلون عكسه». وأضاف «ان حكومة اولمرت ضعيفة جدا ويمكن ان تقوم بأي شيء لتحسين وضعها». وتابع قائلا «نحن طلاب سلام واستعادة الحق والارض ونعرف ان الجولان ستعود الى سورية بشكل محتوم وبالكامل. أما الطرف الآخر فهو يتحدث عن سلام للاستهلاك المحلي وينفذ في اليوم التالي عدوانا وانتهاكا لقرارات الشرعية الدولية والامم المتحدة».

وردا على سؤال حول ما اذا كانت دمشق قد اتخذت اجراءات خاصة لمواجهة احتمال تكرار العملية الاسرائيلية، اكتفى وزير الاعلام بالقول «طالما نعرف نواياهم العدوانية، انهم يضمرون الشر والاستمرار في تحدي الشرعية الدولية، لا بد من ان يقفوا عند حدهم وينصاعوا للشرعية الدولية..». وكانت صحيفة «صانداي تايمز» البريطانية قد كتبت امس ان رجال كوموندوس اسرائيليين كانوا على ما يبدو يرتدون الزي العسكري السوري سلكوا طريقهم متسللين الى قاعدة عسكرية سورية سرية بالقرب من دير الزور في الشمال وكانوا يبحثون عن دليل قاطع على ان سورية وكوريا الشمالية تتعاونان في اطار برنامج نووي. وبحسب الصحيفة، فان اسرائيل كانت تراقب الموقع منذ أشهر كما نقلت عن مصادر اسرائيلية واخرى في واشنطن، الا ان تل ابيب ارادت ان تتفادى أي مجازفة في الامر. ورغم انها كانت تحضر لقصف الموقع السوري على نسق الغارة التي نفذتها عام 1981 على مفاعل تموز العراقي، إلا ان واشنطن لم توافق على الامر وطلبت أدلة دامغة على وجود نشاطات نووية قبل ان تبارك العملية. وكانت مهمة الكوماندوس الاسرائيلي ان يقدم هذه الادلة. وقبل ان تصدر السلطات الاسرائيلية الامر بتنفيذ العملية، صادر الكوماندوس الاسرائيلي عينة من المواد النووية واخذها الى اسرائيل لفحصها من جانب خبراء بحسب المصادر نفسها، وقد اكدت مختبرات علمية ان المواد التي صودرت اصلها كوري شمالي، فوافقت واشنطن اخيرا على شن العملية. وبحسب الصحيفة، فان العملية تظهر عمق التعاون بين اسرائيل واميركا حول القضايا الامنية ذات العلاقة بالمسائل النووية في الشرق الاوسط. ويبدو الهجوم على ما يسميه الاسرائيليون «المشروع الكوري الشمالي» جزءا من حرب واسعة النطاق وسرية ضد الطموحات السورية والكورية الشمالية لحيازة اسلحة غير تقليدية.

وبحسب الصحيفة، فان العملية قادها مباشرة وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الذي ينقل عنه انه يشعر بقلق كبير حيال الموقع منذ تسلمه منصبه. ويقول دبلوماسيون في كوريا الشمالية والصين انهم يعتقدون ان عددا من الكوريين الشماليين قتلوا في الغارة الاسرائيلية باعتبار ان عددا من التقنيين في مجال الصواريخ الباليستية والخبراء العسكريين كانوا يعملون منذ فترة مع السوريين.

وتقول الصحيفة ان مسؤولا رفيعاً في حزب البعث السوري سافر الى كوريا الشمالية عبر الصين، الخميس الماضي، في ما يبدو انه يعزز فرضية وجود تنسيق بين بيونغ يانغ ودمشق في الرد على الغارة الاسرائيلية التي نفذت في السادس من سبتمبر.

وحتى الآن، لا تزال تل ابيب تلتزم الصمت الكامل على العملية ومصادرها الرسمية لا تقدم أي معلومات عنها.

ولا تزال الاسئلة تطرح حول نوع المواد التي صودرت وطبيعتها وطبيعة النوايا السورية وكيفية الرد: هل ان سورية تخبئ منشآت نووية كورية شمالية، في حين ان بيونغ يانغ تحضر لمفاوضات سداسية لحل معضلة برنامجها النووي؟ ام ان دمشق تريد ان تزود صواريخ سكود التي تمتلكها برؤوس نووية ام ان هذه المواد كانت مهيأة أصلا لايران كما قال جون بولتون السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة، والى أي حد يصل التعاون الكوري الشمالي ـ السوري في المجال النووي؟

وكانت مجلة «جينز ديفنس ويكلي» العسكرية قد كتبت الاسبوع الماضي ان سبب الانفجار الذي وقع في مجمع عسكري سوري في يوليو (تموز) الماضي لم يكن حرارة الطقس كما أعلنت سورية آنذاك بل رأس كيماوية ايرانية أصابها عطل.

وقد قدمت سورية شكوى الى الامم المتحدة ولكنها لم تتخذ أي اجراء آخر معلن الى الآن. وجاءت الاشارة الرسمية الاسرائيلية الوحيدة الى العملية من زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، الاسبوع الماضي، اذ صرح بأنه جرت مشاورته قبل العملية، وانه هنأ رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت، وهو ما يشير الى أن العملية كانت مهمة وناجحة في الوقت ذاته.

وكان مصدر اسرائيلي قد اعلن اول من امس ان الرادارات الاسرائيلية رصدت طائرة سورية مقاتلة من طراز ميغ 21 تحوم في الاجواء السورية فوق هضبة الجولان قبل ان تختفي فجأة. واضاف ان الطائرات المقاتلة الاسرائيلية انطلقت فورا لملاحقة الطائرة السورية واكتشفت انها تحطمت فوق الاراضي السورية، وانها لم تكمن تقصد القيام بشن هجوم على اسرائيل، من دون ان توضح سبب تحطمها الذي لا يزال غامضا. من جانب آخر، سمع دوي انفجار وسط القدس امس إلا ان الشرطة الاسرائيلية اعلنت انه ليس ناجما عن هجوم بل انفجار تم التحكم فيه بموقع للبناء.

وقال المتحدث باسم الشرطة، ميكي روزنفيلد، لوكالة رويترز«كان انفجارا محكوما نفذته شركة مقاولات تقوم بأعمال بناء قرب محطة الحافلات المركزية في القدس». وفي الاسابيع الاخيرة، وضعت اسرائيل في حالة تأهب تحسباً لوقوع هجمات. وقالت الشرطة انها عثرت على حزام ناسف اول من أمس كان سيستخدم في تفجير انتحاري بتل أبيب.