بوش سيطلب 200 مليار دولار لتمويل حرب العراق

التكاليف الإضافية تشعل حربا في واشنطن بين المؤيدين والمعارضين

TT

ارتفعت حمى الحرب المشتعلة بين معارضي حرب العراق ومؤيديها في الولايات المتحدة عقب الكشف عن خطط للبيت الأبيض لطلب نحو مائتي مليار دولار لتغطية تكاليف الحرب الدائرة في العراق وأفغانستان للعام 2008، وهو يتجاوز ضعف التكاليف السنوية الحالية المقدرة بمائة مليار دولار. وإذا تمت الموافقة على هذا الطلب، فإن تكاليف حرب العراق تكون قد تجاوزت حتى الآن تكاليف الحرب الكورية ووصلت إلى مستوى تكاليف حرب فيتنام التي استمرت سنوات أطول مما استمرت فيه حرب العراق حتى الآن.

ولم يصدر من البيت الأبيض أي تأكيد أو نفي عن عزمه طلب المبلغ المهول من الكونغرس، لكن النبأ الذي أوردته صحيفة «لوس أنجليس تايمز» مساء اول من امس أثار حمما من الغضب في الإعلام الأميركي، وتبارى المعلقون في انتقاد سياسات الرئيس الاميركي جورج بوش، بل وطالب بعضهم بمحاكمة الرئيس وكبار مساعديه بحجة اساءة استخدام موارد البلاد. وكان ميتش دانييلز مدير الميزانية للبيت الابيض قبل الغزو قد تنبأ بأن غزو العراق سيكون «جهدا يمكن تحمل تكاليفه». ورفض تقدير مستشار البيت الابيض الاقتصادي آنذاك لورانس لينزي بأن تبلغ تكاليف حرب العراق الكلية مائة مليار دولار الى 200 مليار، ووصفه بأنه «مرتفع للغاية».

ولفت خبراء في الشأن العسكري الأنظار إلى أن نسبة كبيرة من تكاليف الحرب تذهب لعشرات الآلاف من المقاولين الذي يقومون بأعمال خدمية في العراق تعفي الجنود الأميركيين من القيام بها‏، ولكن تكاليف التعاقدات هي الأعلى في تاريخ الحروب الأميركية.

وأشار معلقون مؤيدون للحرب إلى أن الإدارة الحالية امتنعت عن تفعيل قانون الخدمة العسكرية الإلزامية لمن هم في سن الخدمة، وهو الأمر الذي لم تتمكن الولايات المتحدة من تجنبه في حربي كوريا وفيتنام، ويعود الفضل في ذلك برأيهم إلى الاستعانة بشركات المقاولات والحراسة الخاصة التي تستهلك جزءا كبيرا من الميزانية المخصصة للحرب. ونقلت صحيفة «لوس انجليس تايمز» على موقعها الالكتروني عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، قولهم إن 2008 سيكون العام الأغلى بالنسبة للحرب في العراق ان تمت الموافقة على طلب الرئيس المفترض أن يقدم للكونغرس الأسبوع المقبل.

وكانت ادارة الرئيس جورج بوش قد أعلنت انها ستحتاج على الارجح الى 147 مليار دولار للسنة المالية 2008، لكن بحسب مسؤولي وزارة الدفاع، فان مبلغ 47 مليار دولار اضافي سيكون امرا ضروريا، كما اوضحت الصحيفة.

وأفاد تقرير نشره في يوليو (تموز) قسم الابحاث في الكونغرس، وهو هيئة غير حزبية، ان الولايات المتحدة قد أنفقت أكثر من 500 مليار دولار لتمويل حرب العراق وافغانستان، والنفقات الجارية المخصصة، لذلك تبلغ 12 مليار دولار شهريا.

غير أن دراسة نشرت نتائجها في 2006 قالت إن تكاليف حرب العراق قد تتخطى تريليوني دولار، وهو ما يفوق كثيرا تقديرات البيت الابيض قبل الحرب اذا تم حساب التكاليف غير المنظورة التي تشمل تجنيد عناصر جديدة للانضمام الى الجيش وتباطؤ نمو الاقتصاد الاميركي على الأجل الطويل وتكاليف الرعاية الصحية لعلاج الأمراض العقلية لقدامى المحاربين على الاجل الطويل. وضمن كاتبا الدراسة جوزيف اي. استيجليتس استاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا وليندا بيلمز المحاضرة في جامعة هارفارد في دراستهما، مبالغ التعويض عن العجز لآلاف الجنود الأميركيين الذين يعانون من إصابات خطيرة في المخ والعمود الفقري، وقالت الدراسة ان دافعي الضرائب الاميركيين سيتحملون أعباء تكاليف سوف تبقى طويلا بعد انسحاب القوات الاميركية من العراق. وقالت الدارسة في اشارة الى التكاليف الكلية للحرب «حتى اذا نظرنا نظرة متحفظة فاننا نندهش من ضخامتها. ويمكننا القول ببعض الثقة انها تفوق تريليوني دولار». وقال الباحثان ان نحو 30 في المائة من الجنود الاميركيين أصيبوا بأمراض تتصل بالصحة العقلية خلال ثلاثة اشهر او اربعة من عودتهم من العراق حتى يوليو (تموز) عام 2005؛ وذلك استنادا الى احصاءات الجيش. ويفترض تقدير التكلفة الكلية للحرب بمقدار تريليوني دولار لبقاء القوات الاميركية في العراق حتى عام 2010، ولكن بتناقص مستقر كل عام. وقدرا عدد القوات الاميركية في العراق بنحو 136 ألفا في حين يصل تلك القوات في العراق الى 163 الفا حاليا. وقالت الدراسة ان تكلفة اخرى غير مرئية هي الخسارة التي يعانيها الاقتصاد الاميركي من قدامى المحاربين الجرحى الذين لا يستطيعون الانتاج بفاعلية مثلما كانوا سيفعلون في احوال اخرى، بالإضافة الى تكاليف قتلى المتعاقدين المدنيين الاميركيين والصحافيين في العراق. ويقارب عديد الجنود الاميركيين في العراق حاليا الـ168 ألفا، لكن الرئيس الاميركي جورج بوش أعلن الاسبوع الماضي انسحابا تدريجيا ليصبح العدد 130 ألفا في منتصف 2008.