المالكي يعد بتوفير الأمن لموظفي الأمم المتحدة.. وبان كي مون يقترح فتح مكتب صغير

في اجتماع حول العراق بنيويورك بمشاركة 20 دولة: رايس تتجاهل نظيرها الإيراني وترفض وعده بالمساعدة

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أثناء توجههما لعقد مؤتمر صحافي مشترك في نيويورك أول من أمس (أ.ب)
TT

حث العراق القوى الاقليمية والعالمية على تأييد توسيع دور الأمم المتحدة في العراق، لكن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قال ان هناك المزيد الذي يتعين القيام به على الصعيد الامني قبل ان يستطيع زيادة عدد موظفي الأمم المتحدة.

وشارك في الاجتماع الذي رأسه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي 20 دولة، منها الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن، الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، والدول السبع المجاورة للعراق: السعودية والبحرين وايران والاردن والكويت وسورية وتركيا بالاضافة الى مصر. كما شارك الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، اما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فشاركا بصفة مراقب.

وجلست وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الايراني منوشهر متقي على مقعدين متقابلين، لكنهما لم يخاطبا بعضهما. وأبلغ بأن الاجتماع الذي عقد على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، ان التعاون الإقليمي مهم لتعزيز الجهود العراقية للمصالحة و«تفادي تفاقم التوترات». وأضاف أن واجب ومسؤولية الأمم المتحدة المساعدة، واقترح إنشاء مكتب دعم صغير في بغداد وربما إرسال موظفين الى البصرة واربيل في المستقبل. لكن عندما سئل خلال مؤتمر صحافي عما اذا كان الأمن قد تحسن بدرجة تكفي لإرسال مزيد من موظفي الامم المتحدة بشكل فعلي، قال «الوضع الأمني سياسيا واجتماعيا.. غير مستقر في الوقت الحالي، اتعشم بشكل حقيقي ضمان الامن بأسرع ما يمكن.. حقيقة ان الامن تحسن ولكن اعتقد انه يتعين فعل المزيد».

وأكد بان كي مون على استعداد الأمم المتحدة لتوسيع دورها في العراق بالتوسط بين الطوائف المتصارعة وللقيام بدور لتحقيق المصالحة الوطنية ولزيادة المساعدات الإنسانية. وقال «اني اخذ هذه المسؤولية بجدية عالية». وبدوره تعهد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في أن تأخذ قوات الأمن على عاتقها مسؤولية توفير الأمن من أجل ضمان توسيع نطاق ولاية الأمم المتحدة، كما أقرها مجلس الأمن في قراره الأخير 1770. وبالرغم من الصورة المتفائلة التي قدمها المالكي عن الوضع الأمني بقوله إن الأمور تتحسن، «وأن بغداد اليوم هي ليست بغداد الأمس»، غير أنه استدرك في المؤتمر الصحافي قائلا «الأمن لا زال غير مستقر، واعتقد أنه يحتاج الى مزيد من العمل». وأشار إلى المشاكل التي لا زالت موجودة بين القوى السياسية، وأكد على وجود تحديات كبيرة تواجه العراق. وقال «قد حدث تطور كبير في القدرات ألأمنية وسقط الرهان على إسقاط المشروع السياسي الديمقراطي». وذكر أن عام 2008 سيكون عام التحسينات الاقتصادية. وبين أن العملية السياسية قد أفرزت التركيبة الحالية للحكومة العراقية التي تقوم على الولاءات الحزبية والطائفية، وفي الوقت ذاته شدد على أهمية العودة إلى حكومة التكنوقراط، وأن يكون ولاء الوزراء إلى رئيس الحكومة وليس للأحزاب، وبعيدة عن المحاصصات الطائفية والحزبية، وطالب بمنح صلاحيات أكبر لرئيس الوزراء. وقبل الاجتماع التقى المالكي كوندوليزا رايس. وقد تجاهل المالكي ورايس الحديث عن حادث إطلاق النار الذي وقع في بغداد من قبل حراس شركة «بلاك ووتر» الأمنية. وفي تصريحاتها للصحافة لم تتناول رايس الحادث واكتفت بالحديث عن دعم الولايات المتحدة وعن أهمية اجتماع العقد الدولي مع العراق وعن مسؤولية المجتمع الدولي من خلال توسيع دور الأمم المتحدة. ووصفت رايس المحادثات بأنها «اجتماع ممتاز»، وقالت انه كان هناك تفاهم على ان «مسؤولية المجتمع الدولي المساعدة». وأردفت قائلة للصحافيين ان «الوضع الامني في العراق صعب، ولكنه يتحسن وبالتأكيد ستكون لأمن موظفي الامم المتحدة أولوية كبيرة جدا بالنسبة لكل القوات الموجودة هناك».

ذكرت مصادر دبلوماسية شاركت في الاجتماع أن الولايات المتحدة كانت مستاءة جدا من بيان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الذي ألقاه بالاجتماع. ومن المصادفة أن المقعد المخصص لوزير الخارجية الإيراني كان يقابل مقعد رايس، وكان الوزيران يواجه بعضهما البعض طوال الاجتماع دون تبادل حتى كلمات المجاملة، كما حدث في لقاء آخر حول العراق، حيث تبادلت كوندوليزا رايس مع نظيرها الإيراني بعض عبارات المجاملة أثناء تناولها للآيس كريم. وأفادت نفس المصادر بأن متقي في بيانه قد شن هجوما حادا على الولايات المتحدة التي تتهم طهران بتغذية العنف في العراق وفي السعي إلى حيازة الأسلحة النووية. وذكرت المصادر التي شاركت في الاجتماع ان الوزير الإيراني في خطابه الطويل لم يتعرض إلى الوضع في العراق سوى إشارة مقتضبة إلى المصالحة الوطنية في العراق، ودعا الولايات المتحدة إلى إطلاق سراح الإيرانيين المعتقلين لدى القوات الأميركية، وقال متقي «كيف يمكن لإيران أن تلعب دورا واسعا إقليميا في الوقت الذي ترفض فيه أميركا إطلاق سراح الدبلوماسيين». وقد وافقت إدارة بوش على إجراء حوار مباشر مع إيران تحت الضغوط من أجل معالجة الوضع المتردي في العراق، واقتصرت المحادثات التي جرت مرتين في بغداد بين سفيري الولايات المتحدة وإيران في العراق. وانتقد منسق وزارة الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد بيان وزير الخارجية الإيراني الذي وصفه بالطويل والممل وقال «إن بيان متقي كان طويلا واستغرق وقتا اطول من أي خطاب آخر ركز فيه على الولايات المتحدة بدلا من العراق سوى إشارته إلى المصالحة الوطنية». وحث طهران أن تأخذ التزاماتها التي تعهدت بها لاستقرار العراق بجدية، غير أنه قال «إن ما يقومون به على الأرض يناقض سياستهم، وما يقومون به هو الاستمرار بتزويد السلاح وبتدريب العناصر الأكثر تطرفا وعنفا وخطورة في العراق». وزاد «لا نعتقد أن دعوتهم (الإيرانيين) إلى المصالحة الوطنية تنسجم مع ما يقومون به».