وزير الدفاع ومصادر رئيس المجلس النيابي: الجيش سيتولى حماية مقر البرلمان اللبناني

بري يتابع مبادرته بلقاءات مع كل من صفير والحريري

مرشحون لمنصب رئيس الجمهورية في لبنان من الاعلى يمين: شارل رزق وبطرس حرب و ميشال عون ونسيب لحود (واسفل من اليمين) روبرت غانم والمحتمل ترشيحهم ميشال سليمان ورياض سلامة وجون عبيد (أ.ف.ب)
TT

قبل 24 ساعة من الموعد الذي حدده رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقد اول جلسة في المسار الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية غداً، بدت الاعصاب مشدودة و«الايدي على القلوب» ـ كما يقول المثل الشعبي ـ وخصوصاً ان هذا الاستحقاق يأتي على مسافة ايام قليلة من اغتيال النائب الكتائبي انطوان غانم الاربعاء الماضي ووسط تخوف اركان في قوى «14 آذار» من ان يستمر مسلسل الاغتيال لإنقاص عدد نواب الاكثرية بحيث لا يعودون يشكلون النصف زائد واحد من اصل مجموع النواب الاحياء في المجلس.

وفي ما يبدو انه سباق بين «التخوف» من تدهور الاوضاع على قاعدة انسداد افق الحلول التوافقية و«الاطمئنان» الى ان الاستحقاق الرئاسي سيسلك مساراً سلمياً، برزت مواقف متفائلة بان لا تكون جلسة الثلاثاء «آخر المطاف» بما يمهد لجلسة اخرى لانتخاب رئيس توافقي، على اساس المبادرة التي طرحها الرئيس بري الذي اكدت مصادره استمراره في الاتصالات العلنية وغير العلنية والتي سيكون ابرزها اللقاء المرتقب بينه وبين البطريرك الماروني نصر الله صفير والذي كان مقرراً الجمعة الماضي وأرجئ بسبب اغتيال النائب غانم.

وقد عرض رئيس «اللقاء الديمقراطي» رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مع السفير الاميركي لدى لبنان جيفري فيلتمان «الاوضاع السياسية الراهنة من جوانبها كافة». وذكرت «الوكالة الوطنية للاعلام» ان اللقاء بين جنبلاط وفيلتمان في قصر المختارة امس، تم بحضور المستشارين السياسيين في السفارة الاميركية سوزان روز وجايسون بيترسون. ولم يشأ السفير الاميركي او النائب جنبلاط الادلاء بأي تصريح عقب اللقاء.

الى ذلك، نفى المكتب الاعلامي لرئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري نبأ بثته محطة تلفزيون «نيو. تي. في» حول مغادرته لبنان الى واشنطن. وأكد المكتب الاعلامي ان النائب الحريري «لا يزال في بيروت ويقيم غروب اليوم (امس) مأدبة افطار في قريطم على شرف عائلات وأهالي منطقة عكار».

وفي اشارة الى المخاوف على امن النواب الذين سيتوجهون غداً الى مقر البرلمان، اكد النائب علي خريس (عضو قيادة حركة «امل» التي يرأسها بري) ان «حماية امن مجلس النواب لم تكن يوماً ولن تكون الا في عهدة الاجهزة الامنية اللبنانية الشرعية من جيش وشرطة مجلس النواب. والكلام الذي صدر غير دقيق وفيه افتراء على هذه المؤسسة التي لم تكن يوماً الا في صلب حياتنا الدستورية والقانونية». وابدى تفاؤلاً بالاتصالات التي يجريها الرئيس بري «على اكثر من صعيد على رغم الالم الذي اصاب الوطن برمته من خلال العملية الاجرامية البشعة التي اودت بالنائب انطوان غانم». وقال: «يتوجب على الجميع التمسك اكثر فأكثر بمبادرة الرئيس بري التي تشكل خشبة الخلاص وإنقاذ الوطن من ازمته لان الجريمة الكبرى حين نبقى نتفرج على وطننا وهو يغرق بالأزمات والتشنجات».

هذا، واعتبر البطريرك صفير «ان ما نشهده عندنا من احداث دامية مفجعة، يدل على فقدان الايمان لدى بعضهم والابتعاد عن تعاليم الله ووصاياه». وقال في عظة القاها امس: «ما ابعدنا عن هذه التعاليم السامية، عندما تودي عندنا عبوة ناسفة فيها كمية كبيرة من المواد المتفجرة بحياة نائب وتسعة اشخاص آمنين وتوقع ما يقارب الخمسين جريحاً وتنزل اضراراً جسيمة في المحلات والمباني المحيطة في مكان التفجير. ونتساءل قائلين: اما لهذا الليل من آخر؟».

من جهته، اجرى مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ محمد رشيد قباني، اتصالات بكل من الرئيس بري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة والرئيس السابق امين الجميل والنائبين الحريري وجنبلاط وبعائلة النائب غانم مقدماً التعازي باغتياله.

ووجه نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان دعوة الى النواب لكي «يجتمعوا يوم الثلاثاء ويتحاوروا ويتفاهموا وينتخبوا رئيساً صالحاً». وتوجه الى اللبنانيين مطالباً اياهم بـ«فتح صفحة جديدة والتعاطي مع بعضهم البعض باعتبارهم اخوة وشركاء في الوطن. وهذا يحتم عليهم حسن التعاطي». وقال: «ندعوكم الى المحبة والاتفاق والتشاور والسمع جيدا والتكلم بصدق. ولنتعامل في ما بيننا من منطق الاخوة والشراكة في الوطن الذي يجب ان نحميه ونحصنه».

وأبدى المرشح لرئاسة الجمهورية النائب روبير غانم ارتياحه الى «المناخ الحواري الذي بدأ يتبلور». ورأى في لقاء الرئيس بري والرئيس الجميل «دليلاً واضحاً على أن الرئيس بري لا يزال ماضياً في مبادرته، ومصرّاً على تفعيلها رغم رسائل القتل الهادفة الى وأدها، ومتمسكاً بتثميرها في سبيل الوصول الى انتخابات رئاسية تضع لبنان على سكة الخلاص». وثمّن مبادرة الرئيس الجميل بلقاء الرئيس بري «رغم مصابه الأليم»، معتبراً أن الجميّل «فتح بمبادرته مسار الحوار مجدداً، وشقّ الطريق أمام اعادة وصل اللبنانيين». ولاحظ أن لقاء برّي ـ الجميّل «يثبت أن قوى الأكثرية لا تزال منفتحة على كل محاولة للخروج من النفق، ومستعدة للتجاوب مع كل مسعى لإنهاء الدوامة التي يتخبط فيها لبنان منذ أشهر والتي تهدد مستقبل وحدته الوطنية».

واذ أمل غانم في «أن تكتمل الصورة بلقاء بين الرئيس بري والبطريرك صفير، وكذلك بينه وبين النائب سعد الحريري» شدد على «أن أي حلّ لا يمكن الا أن يكون لبنانياً».

ورأى الوزير المستقيل محمد فنيش (حزب الله) انه «كلما برزت في الافق امكانية ان تنجح مساعي الوفاق من خلال مبادرة ما، كالمبادرة التي اطلقها الرئيس بري، تبدأ السهام توجه من اجل تعطيل هذه المساعي الوفاقية لان البعض لا يريد ان يجتمع اللبنانيون للخروج من ازمتهم، بل يريد ان يبقي الوطن في دائرة الخلافات والنزاعات والانقسام» مشددا على «ان جريمة اغتيال النائب انطوان غانم جاءت في سياق استهداف هذه المبادرة واستهداف الوفاق ومناخات التفاهم في محاولة واضحة ومقصودة لتعطيل المساعي الوفاقية».

واعتبر فنيش: «ان نصاب الثلثين يعطّل عند البعض مشروع الهيمنة والتحكم بالقرار السياسي والاستئثار بحكم هذا البلد»، مشيرا الى «ان التزام الدستور هو من اجل ان يكون هناك فعلا توجه حقيقي للوفاق بين اللبنانيين وليس من اجل تعطيل الاستحقاق الرئاسي». ورأى ان «من حق المعارضة ان تمنع الاتيان برئيس لا يعبر عن وحدة اللبنانيين او فريق سياسي على شاكلة لون معين».

وزير السياحة جو سركيس (القوات اللبنانية) تحدث في مداخلة تلفزيونية عن زيارته الى واشنطن اخيراً. وقال: «سمعت كلاماً إيجابياً جدا بالنسبة إلى دعم الحكومة الحالية وبرنامجها وإجراء الانتخابات. وهم (الاميركيون) يدعمون ثورة الأرز التي تسعى إلى بناء الدولة القوية والديمقراطية، ويدعمون وصول رئيس من 14 آذار شرط أن يكون مقبولا من الجميع. لم نتطرق إلى الأسماء لكنني شعرت أنهم سيضغطون في كل الاتجاهات بالتنسيق مع الدول الصديقة من أجل تأمين ظروف طبيعية تضع حدا للتدخلات في الانتخابات والشؤون اللبنانية. وعلمت أن هناك نقاشا داخل الإدارة الأميركية عن الإجراءات الرادعة التي يجب اعتمادها لوقف ما يسمونه زعزعة الاستقرار في لبنان. ومن جهتي أكدت أن المواقف وبيانات الاستنكار لم تعد تنفع بل يجب الانتقال إلى خطوات عملية».

وكانت للمعزين بالنائب الراحل انطوان غانم مواقف من التطورات. وقال النائب ناصر نصر الله (أمل) بعد تقديمه واجب العزاء بزميله: «ان الثلاثاء سيكون نهار تلاق في هذا الاستحقاق لكي يؤمن مصلحة لبنان واللبنانيين. وستكون جلسة حوار اكثر مما هي جلسة انتخاب». اما النائب ميشال المر فقال: «ان خسارة انطوان كبيرة. لم يشتم ولم يتهجم على احد على شاشات التلفزيون ولم يؤذ احداً ولم يكن متطرفاً وكان صديقي الشخصي. واعتبر خسارته كبيرة ليس لعائلته فقط بل لكل لبنان».

وسئل عما يتوقعه بالنسبة الى مبادرة الرئيس بري، فقال: «اتصور انه سيعود فوراً الى اكمال مبادرته خلال ساعات لئلا نقول ايام. وسيلتقي البطريرك نصر الله بطرس صفير في بكركي ثم النائب سعد الحريري. حالياً ليست لدينا مبادرة سوى مبادرة الرئيس بري».

وعن توقعاته بشأن جلسة الثلاثاء، افاد المر: «لا اعطيها الاهمية الكبرى الا انها ستكون مناسبة لقاء ودرس بعض النقاط وليس الامر كما يقولون ان الذي يقاطع يكون عدو لبنان ويريد خرابه. هناك مواقف سياسية مستجدة. وبعد 25 ايلول هناك جلسة سيعينها الرئيس بري بعد فترة قصيرة اظن في منتصف تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. وستكون الامور تقدمت نحو التوافق والحلول. يجب الا نجعل اللبنانيين في حالة ذعر وخوف من المجهول. ويجب ان نبذل كل جهودنا من اجل ان تسير مبادرة الرئيس بري للتوصل الى الوفاق بين الجميع. لن يكتمل النصاب الثلاثاء الا اذا حدث امر ما في الساعات الـ24 المقبلة. والجلسة ستحمل مواقف سياسية».

وأكد وزير الدفاع الياس المر ان الجيش «سيتولى الامن في المجلس النيابي. وهو سيقوم بواجبه الامني». واعتبر ان «هذه المناسبة ستكون جامعة لجميع اللبنانيين تحت قبة المجلس النيابي ليتم الاستحقاق لاحقاً». وشدد على ضرورة دعم مبادرة الرئيس بري لأنها «فرصة يجب ان نستفيد منها قدر الامكان». ورأى «ان اغتيال النائب غانم ليس ضرباً للاستحقاق الرئاسي فحسب بل ضرب لكل لبنان».

من جهة اخرى، اكد عضو «التكتل الطرابلسي» النائب محمد كبارة، عقب تقديمه التعزية بالنائب غانم امس، ان «لا اشكالات. والتكتل واحد والأمور محلولة». وقال: «سنجتمع غداً (اليوم) بالوزير (محمد) الصفدي. والتكتل موحد. وان شاء الله نصل الى موقف واحد».

ورداً على سؤال، أعلن كبارة انه سيحضر جلسة مجلس النواب غداً «وسيحضرها كل اعضاء التكتل»، مضيفاً: «نحن مع المشاركة في كل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية لأن ذلك واجب وحق دستوري. وسنمارسه ان شاء الله».