بوتين يرفض استقالة وزير الدفاع ويسمح بالقرابة بين الوزراء الجدد

بدء عملية الاستعداد للخلافة

TT

بدا حرص الرئيس فلاديمير بوتين واضحا على اضفاء اكبر قدر من الغموض على اعلان تشكيل الحكومة الجديدة الذي ظل طي السرية والكتمان الشديدين لما يزيد عن الثلاثة ايام. ورغم تقديم رئيس الحكومة الجديد اقتراحاته الى رئيس الدولة يوم الجمعة الماضي، لم يعلن الرئيس شيئا عن التشكيل الجديد حتى وقت متأخر من مساء اول من امس الذي حفل باللقاءات الثنائية وتأجيل موعد اجتماع الحكومة اكثر من مرة. وجاء الاعلان خاليا من اية تغييرات جوهرية، مؤكدا لاستمرارية سياسات الكرملين، وإن تخلص من الرموز التي طالما اثارت انتقادات المواطنين الروس وهي: ميخائيل زورابوف وزير الصحة والتأمينات الاجتماعية وغيرمان غريف وزير التنمية الاقتصادية وفلاديمير ياكوفليف وزير الاسكان. واذا كان الاستغناء عن ياكوفليف متوقعا بعيدا عن اي ايحاءات سياسية فان ثمة من يعزو اقالة غريف وزورابوف الى نهجهما الليبرالي الذي وصفوه بالتطرف والجنوح كثيرا نحو الغرب. غير ان هناك من يقول ايضا ان خليفتي الوزيرين وكلاهما من ممثلي الجنس اللطيف ليستا بعيدتين عن سلفيهما. اذ ان الفيرا نبي اللينا، 41 عاما، شغلت منصب وزيرة التنمية الاقتصادية وكانت تشغل منصب النائب الاول للوزير السابق وتتمتع بثقته من منظور تمسكها بالنهج الاصلاحي الجديد وسياسات السوق، في الوقت الذي تولت فيه تاتيانا غوليكوفا وهي قرينة وزير المالية الكسي كودرين القريب نهجا وسياسة من غريف، لوزارة الصحة والتأمينات الاجتماعية التي اتهموا وزيرها السابق بالاغراق في خصخصة المؤسسات الصحية والدوائية الحكومية. اما عن ظاهرة القرابة المباشرة لعدد من اعضاء الحكومة الجديدة، فيقول الكثيرون بضرورة تفسيرها من منظور بعيد عن «قانون الخدمة الحكومية» الذي ينص على حظر التبعية المباشرة. مثلا، تاتيانا غوليكوفا وتبلغ من العمر 44 عاما شغلت منصب وزيرة الصحة والتأمينات الاجتماعية وتتبع بطبيعة الحال رئيس الحكومة وليس فيكتور خريستينكو وزير الطاقة والصناعة زوجها التابع بدوره الى رئيس الحكومة. وفيما يتعلق بقرابة وزير الدفاع اناتولي سيريدنيكوف لرئيس الحكومة الجديد (زوج ابنته) التي كانت سببا في تقديمه لاستقالته فور الاعلان عن تعيين فيكتور زوبكوف والد زوجته رئيسا للحكومة ورفضها الرئيس بوتين فيمكن تبريرها من حيث كون وزارة الدفاع احدى الوزارات السيادية التي تتبع مباشرة رئيس الدولة وليس رئيس الحكومة. كما ان هناك من يقول ان الحالتين المشار اليهما يجب تناولهما من منظور «قانون الحكومة» الذي لا ينص على شيء يحول دون قرابة اعضائها. وبعيدا عن الشكليات يمكن القول ان التشكيل الجديد للحكومة صار يخلو من الرموز التي كان يمكن ان يؤثر بقاؤها على سير العملية الانتخابية ومستوى شعبية الحزب الحاكم. كما ان توقيت تغيير الحكومة يبدو مؤشرا يسمح باستبيان رغبة الرئيس بوتين في اعداد خليفته وتدريبه عمليا على ادارة مقاليد الدولة بما قد يكشف عن تزايد فرص فيكتور زوبكوف في الفوز بخلافته. ويتوقف المراقبون عند شخصية زوبكوف بوصفه المرشح الاوفر حظا دون سيرغي ايفانوف ودميتري ميدفيديف نظرا لكبر سنه الامر الذي يبدو ملائما لسرعة عودة بوتين الى الكرملين وهو الذي لم يستبعد في اكثر من تصريح له العودة الى انتخابات 2012. ومن المعروف ان زوبكوف يبلغ من العمر 66 عاما، بينما لا يزال ميدفيديف في الاربعينات، فيما لم يتعد ايفانوف الخامسة والخمسين بعد، وإن كان من السابق لأوانه قصر عدد المرشحين على هؤلاء الثلاثة. ومع ذلك ورغما عن منطقية الكثير من جوانب مثل هذا الطرح فان احدا لا يستطيع الجزم بما يدور في خاطر الرئيس بوتين الذي طالما فاجأ مواطنيه بالكثير وكان آخر هذه المفاجآت اختيار زوبكوف رئيسا للحكومة الجديدة!.