لبنان: «هدنة سياسية ودستورية».. ومهلة شهر للتوافق بعد تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية إلى 23 أكتوبر

بري يطلق حوارا برلمانيا حول الاسم.. والمعارضة تشارك «رمزيا» في الجلسة

زملائهم الذين قضوا اغتيالا (أ ب)
TT

مرّ يوم 25 سبتمبر (ايلول) على اللبنانيين بسلام على رغم كل المخاوف التي سادت عشية الجلسة النيابية العامة التي كانت مقررة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. لكن صندوقة الاقتراع بقيت فارغة ومركونة في زاوية منصة الرئيس في القاعة العامة للمجلس. وحظي اللبنانيون بـ«هدنة سياسية ودستورية لشهر بدلاً من ان يحظوا برئيس جديد للبلاد»، كما قال احد القياديين في فريق الاكثرية البرلمانية لـ«الشرق الاوسط».

وأفاد القيادي «المتشائم» حيال امكانية الوصول الى حلول، ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ابلغ النائب سعد الحريري الذي التقاه مرتين امس انه سيطلق تشاوراً واسعاً مع الكتل التي يتألف منها مجلس النواب سعياً الى التوافق على اسم الرئيس العتيد.

وقد اكتمل النصاب داخل مبنى البرلمان بحضور 93 نائباً من اصل 128. لكن النصاب داخل القاعة العامة لم يكتمل، اذ دخلها فقط 75 نائباً بينهم 68 نائباً من فريق «14 آذار» الذي حرص قادته على اعلان الاحتفاظ بحقهم باستعمال «النصف زائد واحد» في الجلسات اللاحقة لانتخاب رئيس الجمهورية. وقال الرئيس بري ـ كما نقل عنه مكتبه ـ انه «من الآن وحتى موعد الجلسة المقبلة لدينا فرصة حقيقية للوفاق. ويجب ان نتآزر جميعاً للوصول اليه».

وبدا واضحاً انعكاس اجواء التهدئة التي دعمتها زيارة الرئيس بري اول من امس للبطريرك الماروني نصر الله صفير. في حين لعب النائب سعد الحريري دور «الاطفائي» في فريق الاكثرية بتنقله بينهم وبين بري، وصولاً الى اعادة اطلاق اجواء التهدئة السياسية والاعلامية والتي انعكست في مواقف القوى السياسية. وقال النائب الحريري عقب لقائه بري: «ان الاجواء ايجابية وتوافقية لكي نصل جميعاً الى مرحلة الاستحقاق وانتخاب رئيس لجميع اللبنانيين». واضاف: «ان شاء الله نحن نسير قدماً في المبادرة. وسنكون على اتصال مع الرئيس بري ومع الافرقاء الآخرين في التكتل». وختم بالتأكيد: «انا متفائل».

كذلك انعكست اجواء التهدئة كسرا للجليد بين الاكثرية والرئيس بري الذي استقبل عدداً كبيراً من اعضائها، باستثناء النائب وليد جنبلاط الذي كان اول من غادر البرلمان مطلقاً تصريحاً عكس فيه موقفه «الخائف من الوصول الى رئيس بلا طعمة ولا لون» كما قالت مصادر قريبة منه لـ«الشرق الاوسط». في حين قالت مصادر قريبة من بري انه سيتصل مجدداً بجنبلاط على امل ان يؤدي هذا الاتصال الى لقاء.

عند العاشرة والنصف من صباح امس قرع الجرس في قاعة مجلس النواب ايذاناً بانطلاق جلسة الانتخاب. كان 68 نائباً من الاكثرية قد وصلوا ودخلوا القاعة، ومعهم بعض «الزوار» من نواب المعارضة، وتحديداً من كتلة الرئيس بري الذي قال احدهم ـ النائب علي بزي ـ انه يشارك من اجل اظهار «نية التوافق والوفاق»، بالاضافة الى 3 نواب من كتلة النائب ميشال عون. ولم «يسمع» بقية نواب المعارضة الجرس، فابلغ امين عام مجلس النواب عدنان ضاهر النواب بتأجيل الجلسة الى 23 اكتوبر (تشرين الاول) المقبل.

وبعد اعلان رفع الجلسة، عقد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري مؤتمراً صحافياً قال فيه: «جئنا، ليس بحثاً عن منصب، ولا نزاعاً على موقع، بل صموداً في وجه القتلة وحماية للاستقلال. لقد حضرنا الى هذا المجلس الذي يمثل ارادة اللبنانيين المجتمعة، بناء على دعوة رئيس المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية. وهو الاستحقاق الدستوري الاهم في نظامنا الديمقراطي البرلماني الحر». واضاف: «جئنا لأننا نعتبر ان حضور جلسات المجلس النيابي واجب على جميع النواب، كلفهم به اللبنانيون الذي انتدبوهم الى الندوة النيابية لتمثيلهم وتمثيل مصالحهم. .. جئنا استجابة لنداء السادة المطارنة الموارنة الذين اعتبروا اي مقاطعة لجلسة اليوم مقاطعة للوطن، ولاستغاثة اللبنانيين جميعا، من مختلف القطاعات الاقتصادية والنقابية والثقافية والاجتماعية، بعدم تعريض لبنان واللبنانيين الى خطر الفراغ».

وتابع: «ان هذه الانتخابات هي الاولى التي تتاح منذ اكثر من ثلاثة عقود لنوابكم الذين انتخبتوهم وكلفتوهم تمثيلكم في المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية خارج ارادة الوصاية السورية. ونحن سنبقى رغم كل شيء، وقبل كل شيء، ساعين الى الحوار البناء، والى النقاش العملي، مع جميع الكتل النيابية المعارضة من اجل انقاذ استحقاق رئاسة الجمهورية وانقاذ لبنان من خطر الفراغ في سدة الرئاسة الاولى وخطر الانقسام الداخلي في ظل الوضع الاقليمي الخطير الذي بات واضحا للجميع من حولنا».

وقال النائب وليد جنبلاط الذي انسحب مع اعضاء كتلته النيابية: «عندما ارى صور الشهداء النواب وجورج حاوي وغيرهم اتذكر كلاما لسمير قصير يقول باستحالة التوفيق بين النظام الدكتاتوري في دمشق والديمقراطية في لبنان». واضاف: «كان صائبا سمير قصير بكلامه. وهذا ينسحب على حلفاء النظام الدكتاتوري الذين اسميتهم انا بالاحزاب الشمولية التي لا تستطيع احترام الديمقراطية».

وعن السيناريوهات المتوقعة افاد جنبلاط: «سنستمر في المواجهة السلمية الديمقراطية. وفي هذه اللحظة لن اثير نزاعا دستوريا. ولكن من حقنا ووفق معلوماتي ان ننتخب رئيسا. ولكن طبعا لا نريد ان نفتح نزاعا من اجل ما يسمى توافق ومن اجل احترام ارادة البطريرك صفير الذي لا انتقده. لكن شخصيا انا لا اؤمن بالتوافق بين النقيضين. ولكن اذا كان هناك من توافق فلكل حادث حديث».

وبعد الجلسة صدرت تصريحات من الجانبين عكست مواقف الفرقاء مما يجري. ووجهت وزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض نداء الى «الاخوة في 8 آذار». وقالت: «نحن على استعداد لفتح حوار جدي ابتداء من اليوم. وعلينا ان نستفيد من الاجواء التي خيمت». فيما اشار عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله الى «ان لدى الرئيس بري، وهو رئيس كتلة نيابية كبيرة، هامشاً واسعاً من الخيارات والمواقف التي يتخذها».