بورما: الاحتجاج الداخلي ضد النظام العسكري تعززه الضغوطات الخارجية

النظام يواجه أوسع حركات الاحتجاج ضده

المتظاهرون يمسكون بأيدي بعضهم البعض في المظاهرة التي يقودها الرهبان (رويترز)
TT

في تحد للمجلس العسكري الحاكم الذي هدد باللجوء الى الجيش لفض المظاهرات بالقوة، قاد حوالي ثلاثين الف راهب مسيرة شعبية حاشدة في رانغون فاقت المائة الف شخص نادت بالديمقراطية وسقوط النظام العسكري، في حين تصاعدت حركة الاحتجاج الدولية على النظام عبر اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش عن عقوبات جديدة.

وقد اعلن بوش في خطاب امام الجمعية العامة للامم المتحدة امس تشديد العقوبات المالية التي تستهدف قادة في نظام بورما ومن يدعمهم ماليا. وأعلن ايضا حظرا واسعا على منح تأشيرات دخول «للمسؤولين عن اكثر انتهاكات حقوق الانسان جسامة اضافة الى افراد عائلاتهم» حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

كذلك، عقد سفراء دول الاتحاد الاوروبي اولى مناقشاتهم حول المظاهرات الجارية في بورما واحتمال تشديد العقوبات المفروضة على المجلس العسكري الحاكم.

وقال متحدث باسم الرئاسة البرتغالية للاتحاد مانويل كارفالو «سيكون هناك نقاش حول كل المسائل المرتبطة ببورما».

واضاف «رسالتنا السياسية واضحة الا ان مسألة الاجراءات التطبيقية يجب درسها لرؤية ما هو المفيد الذي يمكننا فعله».

وكانت شوارع العاصمة رايغون شهدت امس اوسع مظاهرة احتجاج ضد النظام العسكري الحاكم قادها الرهبان البوذيون الذين يحظون باحترام واسع بين الاهالي يرددون «الديمقراطية .. الديمقراطية» لليوم السابع على التوالي.

وقال شاهد عيان لوكالة رويترز «الشوارع مليئة بالناس الذين يصفقون ويهتفون لهم» مشيرا الى الرهبان البوذيين الذين يرتدون زيا برتقاليا ويلقون احتراما كبيرا من الشعب ويعتصمون عادة قرب معبد شويداغون باغودا وهو أقدس المعابد البوذية.

وكانت المنطقة قد شهدت أعمال عنف دامية عام 1988 في انتفاضة طلابية مطالبة بالديمقراطية سحقها جنرالات بورما وسقط فيها نحو 3000 قتيل.

وفي بادرة تحد، حمل الرهبان في المسيرة الاعلام ولوح البعض برايات عليها صورة طاووس يقاتل وهي نفسها التي استخدمها الطلبة شعارا لانتفاضتهم عام 1988 التي تعتبر واحدة من أحلك مراحل التاريخ المعاصر لبورما.

وشارك أمس أعضاء في البرلمان المنتخب عام 1990 من حزب المعارضة، الرابطة القومية من أجل الديمقراطية، في المسيرة لاول مرة بعد يومين من ظهور زعيمة المعارضة المحتجزة أونغ سان سو تشي لدعم الرهبان. وطافت عربات بمكبرات صوت في وسط العاصمة لتردد تحذيرات المجلس العسكري مستشهدة بفقرة قانونية تسمح بتفريق المحتجين «بالقوة العسكرية». وافاد شهود في رانغون عن انتشار 11 شاحنة عسكرية تنقل كل منها عشرين جنديا وعنصرا من شرطة مكافحة الشغب عصر امس قرب بلدية العاصمة البورمية. وقال الشهود ان عناصر قوات الامن لم يخرجوا من الشاحنات، فيما كان حوالى 500 شخص يراقبون التطورات بقلق.

وحمل بعض الرهبان لافتات صغيرة كتب عليها «طعام كاف وملبس وملجأ، مصالحة وطنية، الحرية لجميع السجناء السياسيين».

وكان الامين العام للامم المتحدة افتتح الاعمال السنوية للجمعية العامة للامم المتحدة امس بدعوة النظام العسكري الحاكم في بورما الى «ضبط النفس» في وجه المظاهرات المطالبة بالديمقراطية.

وقال بان كي مون امام زعماء العالم «نحث السلطات في بورما مرة اخرى على ضبط النفس والدخول دون تأخير في حوار مع كل الاطراف المعنية بعملية المصالحة الوطنية لمناقشة القضايا التي تهم الشعب البورمي». واضاف ان مبعوثه الخاص الى بورما ابراهيم غمبري سيتوجه «قريبا جدا» الى هذا البلد.

كذلك، دعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون امس الاتحاد الاوروبي الى التشدد في موقفه حيال بورما، مطالبا السلطات العسكرية في هذا البلد بـ«ضبط النفس» حيال المتظاهرين. ورأى رئيس الوزراء في رسالة موجهة الى الرئاسة البرتغالية للاتحاد الاوروبي والى رؤساء الدول الاعضاء «من الاساسي ان تتحلى سلطات بورما بضبط النفس حيال المتظاهرين وتطلق عملية اصلاح سياسي حقيقي». وتابعت الرسالة «انهم يهددون الان باللجوء الى القوة ضد المتظاهرين، وهذا مقلق». وكتب براون «سوف ادعم بحزم مبادرة تقوم بها رئاسة (الاتحاد الاوروبي) لتحذير الحكومة البورمية من اننا نراقب سلوكها وان الاتحاد الاوروبي سيفرض عقوبات اوروبية اشد اذا ما قاموا بالخيار السيء».

من جهته قدم الدالاي لاما، السلطة الروحية للبوذيين، دعمه «الكامل» للرهبان ودعا المجلس العسكري الحاكم الى عدم استخدام القوة. وعبرت وزيرة الدولة الفرنسية لحقوق الانسان راما ياد عن خشيتها من قمع المتظاهرين. من جانبها، دعت الصين امس حكومة بورما الى التعامل مع الحركة الاحتجاجية على المجلس العسكري الحاكم «بالطريقة الصحيحة»، مؤكدة مرة جديدة حرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية البورمية.