بغداد تتفق مع أنقرة على مكافحة «العمال الكردستاني».. لكن من دون منحها «تفويضا مطلقا»

الاتفاق ينص على تسليم أو محاكمة قادة الحزب لكنه لا يجيز مطاردات عبر الحدود

وزير الداخلية العراقي جواد البولاني (يسار) ونظيره التركي بشير اتالي عقب توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين في أنقرة امس (رويترز)
TT

وقع العراق وتركيا أمس اتفاقية أمنية لمكافحة الارهاب تعهدت بغداد بموجبها بالتعاون مع أنقرة في جهود التصدي لمسلحي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في اقليم كردستان العراق، بيد ان بغداد رفضت منح أنقرة «تفويضا مطلقا» يسمح لقواتها بالتوغل في أراضي الاقليم لمطاردة المسلحين عبر حدودهما المشتركة. وقام بتوقيع الاتفاقية وزير الداخلية العراقي جواد البولاني ونظيره التركي بشير أتالي في أنقرة بعد يوم من الموعد الأصلي لتوقيعها. ونقلت وكالة الانباء الالمانية عن قناة «سي.إن.إن تورك» أن وزير الداخلية العراقي رفض خلال المباحثات، التي أجراها في أنقرة على مدى ثلاثة أيام، السماح للجيش التركي بمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني في الاراضي العراقية من دون تنسيق مسبق مع الجانب العراقي في حال تعرض تركيا لهجوم. وأكد البولاني أن السماح بهذا الامر يتنافى مع سيادة العراق. من جهته، قال أتالي للصحافيين إن المسائل المتعلقة بمطاردة المسلحين ستخضع لمزيد من المباحثات.

وتنص الاتفاقية على أن يتم في المستقبل تسليم قادة حزب العمال الكردستاني إلى تركيا أو الامتثال أمام المحكمة في العراق، كما سيكون تقديم الدعم المالي أو اللوجستي لحزب العمال الكردستاني من الامور التي تستوجب العقوبة في العراق. ومن المقرر أن تجتمع لجنة أمنية تضم عناصر من البلدين كل ستة أشهر لبحث تطورات الاوضاع.

ومن المنتظر أن يواجه تنفيذ هذه الاتفاقية بعض المشكلات حيث أن السلطات في منطقة شمال العراق الكردية، ذاتية الحكم، غير مستعدة للتصدي للمقاتلين الاكراد. وقال فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان «يجب ان يكون لحكومة الاقليم القول في هذه الاتفاقية لانها تخص الوضع في الاقليم». وقال في حوار هاتفي من أربيل لـ«الشرق الاوسط» ان الاتفاقيات الامنية، لا سيما مع دول الجوار، «امر حساس لانها تضم اطرافا في الحكومة العراقية ولها علاقة بالاقليم».

ووصف حسين ما اسماه بـ«المسار التفاوضي» للاتفاقية بانه كان «مليئا بالنواقص الواضحة» وقال انه لم يكن هنالك ممثل للاقليم في الوفد، كما لم يكن هنالك ممثل عن كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي. وأضاف حسين ان على وزير الداخلية الذي وقع الاتفاقية ان يطرحها على الحكومة العراقية ومن ثم الى مجلس النواب «وبالتالي لا يمكن اعتبارها (الاتفاقية) سارية المفعول من الناحية الدستورية».

وقال حسين ان مسألة دخول القوات التركية الى أراضي إقليم كردستان «مسألة حساسة»، واضاف انه «أمر مرفوض من قبل حكومة الاقليم لانها ستعيدنا الى اتفاقية (الرئيس السابق) صدام حسين مع الحكومة التركية مطلع الثمانينيات حين أعطاها صلاحيات بالدخول على عمق 20 كلم في الاقليم». وقال حسين ان حكومة الاقليم مع «العلاقات الجيدة والمصالح المشتركة مع تركيا ونحن نتمنى ان يكون هناك سلام». واضاف انه يجب التأني في الاتفاقيات الامنية وان تكون هنالك «قراءة واضحة للاتفاقية من قبل الجميع قبل ان نعطي رأينا».

وتنتقد تركيا منذ فترة طويلة حكومة بغداد والقوات الاميركية في العراق لتقاعسهما عن التعامل مع حزب العمال الكردستاني. وتزعم انقرة ان لها الحق وفقا للقانون الدولي في إرسال قواتها عبر الحدود الجبلية لمطاردة المتمردين، بحسب وكالة رويترز. ويشير الجيش التركي في تقديراته إلى أن حوالي 3 آلاف من عناصر حزب العمال الكردستاني يتمركزون في المناطق الجبلية شمال العراق ويشنون منها هجمات عبر الحدود على تركيا.

وهددت تركيا بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال العراق ما لم تتخذ القوات الأميركية والعراقية خطوات لتدمير قواعد حزب العمال الكردستاني. وتخشى واشنطن وبغداد من أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى زعزعة حـالة الاسـتقرار النسـبي التي تسود المنطـقة الخـاضـعة لسـيـطرة الأكـراد فــي شـمال العـراق.