مقتل رجل دين سوري ساعد على تهريب مقاتلين أجانب للعراق

شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط»: مسلحان دخلا الجامع وأطلقا النار عليه > شكوك في تصفية زعيم «غرباء الشام» على يد مريديه السابقين

TT

اغتيل بعد صلاة الجمعة في حلب امس إمام وخطيب جامع الإمام محمد قول أغاسي الملقب بأبو القعقاع، وذلك عندما تقدم منه شخصان يحملان مسدسين أفرغا خمس رصاصات في صدره وفرا هاربين حيث كانت في انتظارهما سيارة (بيك آب). وقال أحمد صادق مدير المكتب الاعلامي لمحمد قول أغاسي، إن سيارة كانت مارة في الشارع طاردتهما لمسافة 10 كيلومترات حتى تم إلقاء القبض عليهما وتسليمهما إلى الجهات المختصة.

وأضاف أحمد صادق، أن «أبو القعقاع»، من مواليد 1973، خريج كلية الشريعة من جامعة دمشق ويحمل دكتوراه في الشريعة من جامعة كراتشي والان هو مدير الثانوية الشرعية في حلب منذ سنة وخطيب جامع الامام. واتهم أحمد صادق «الإرهابيين بقتل أبو القعقاع لوطنيته»، مشيرا الى أن أبو القعقاع توفي عن زوجة وأربعة أبناء، صبين وبنتين. وقال شاهد عيان في مدينة حلب لـ «الشرق الاوسط» إن ابو القعقاع لقي حتفه إثر تعرضه لإطلاق نار عقب صلاة الجمعة في منطقة «حلب الجديدة» وتم نقله الى المستشفى، ليفارق هناك الحياة عند المغرب. وأضاف الشاهد ، أن شخصين مسلحين دخلا الجامع واطلقا النار مباشرة على أبي القعقاع، فأصابته رصاصة قاتلة في الرأس وأخرى في البطن، ومع دوي اطلاق النار جرى إغلاق كافة ابواب الجامع، ويعتقد شاهد عيان أن احد المسلحين كان مسجوناً في العراق.

ومحمود قول أغاسي الذي كان يشغل موقع مدير مدرسة التعليم الشرعي (المدرسة الخسراوية) شاب كردي سوري من مواليد 1973 في قرية الغوز شمال مدنية حلب، وينتمي الى عشيرة الديدان، وبرز كرئيس جماعة تعرف باسم «غرباء الشام».

وأول مرة دخل فيها ابو القعقاع دائرة الضوء الإعلامي في مارس (آذار) عام 2006، لدى تصدي قوات الأمن السورية لمجموعة متطرفة قرب مبنى التلفزيون وسط دمشق، ونشرت وسائل الإعلام المحلية حينها صوراً ظهرت فيها الأشياء التي كانت بحوزة المجموعة، وهي ذخيرة ومواد متفجرة وبنادق واقراص مدمجة تتضمن خطبا جهادية لـ «ابو القعقاع»، الذي كان معروفاً بتسهيل ارسال «مقاتلين» الى العراق قبيل سقوط نظام صدام حسين. وأطلق أتباع اغاسي على انفسهم «غرباء الشام» واقاموا موقعا على الانترنت تحت هذا الاسم. وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الشكوك في حلب تتجه الى ضحايا ابي القعقاع ممن غرر بهم ودعاهم الى الجهاد ثم قام بتسليمهم الى السلطات السورية. وأضاف: «حتى صهر ابي القعقاع لم يسلم منه».

وبحسب مصادر مطلعة في حلب، فإنه قبل احتلال العراق، لم يكن أبو القعقاع معروفا للمتدينين في الشمال السوري، لكن بعد الاحتلال الأميركي للعراق برز كداعية لامع في جامع العلاء بن الحضرمي في حي الصاخور في حلب، وتميز بخطب «جهادية» جذبت اليه الكثير من الاتباع.

وكان أبو القعقاع يؤكد دائما أنه «ليس ضد الدولة» وأنه و«الدولة ضد الخطأ»، بل وكان يحث على التعاون مع الحكومة ويدعو الى «توحيد الجهازين الأمني والايماني» لأن «كل انسان مؤمن عليه أن يرى الأمن فعلا ايجابيا طالما كان هدف دين المؤمن الحض على رفع الأذى عن الانسان، والأمن يفعل ذلك».

وينتقده الكثيرون لانه بعدما اقنع الكثيرين بالسفر للعراق، نفض يده من «الجهاديين» الذين ارسلوا الى العراق عندما طلبت منه السلطات الكف عن ذلك. كما اتهم من قبل بعض اتباعه بأنه يساعد السلطات السورية في تعقّب «خطوط تهريب المجاهدين». وكان «مجاهد» يمني في «الفلّوجة» قد أعرب عن نفس الشكوك تجاه «أبو القعقاع» في خريف 2005. وظهر بيان على شبكة الانترنت لما يسمى «مركز خدمات المجاهدين في العراق» حذر ممن وصفهم بالمندسين والمنافقين. وتم اتهام «ابو القعقاع» بالتجسس والعمالة لسلطات الاحتلال الأميركية، ورد ابو القعقاع على الاتهام بالنفي، عبر بيان نشر في الصحف، ورد فيه «اتهامي عار عن الصحة تماماً.. وكذب وافتراء». وحول اتهامه من قبل مركز خدمات المجاهدين في العراق باختراق مجموعات من المقاتلين الذين قصدوا العراق للقيام بعمليات تستهدف قوات الاحتلال وبكونه مسؤولاً عن اعتقال اعداد منهم بيد المخابرات الاميركية قال: «يعلم الله ان ما من احد حافظ على هؤلاء الشباب ونصرهم مثلي باقناعهم بالعودة الى بلادهم وعدم الدخول الى محرقة العراق اوائل سقوط بغداد حيث صار مسجدي يغص بالآلاف منهم وقد عاد الكثير بقناعة».

بعد القبض على المجموعة المتطرفة قريباً من مبنى التلفزيون السوري، توقف ابو القعقاع عن القاء الخطب في جامع العلاء بن الحضرمي في حي الصاخور ليتوارى عن الأنظار، لعدة شهور ويظهر مجدداً مديراً لأهم مدارس التعليم الشرعي في حلب (المدرسة الخسراوية التي خرجت كبار علماء حلب) وقد خفف لحيته وتخلى عن زيه الأفغاني ليلبس بدلة غربية مع ربطة عنق ومظاهر ثراء واضحة حيث يتحرك مع مريدين يرافقونه ويقومون بحمايته ويركب سيارة مرسيدس، بعدما انتقل من حي الصاخور الفقير حيث ذاع صيته ليسكن شقة بحي راق ويلقي خطبه الدينية في جوامعه، منها جامع الإمام حيث قتل.