اتفاق دولي على تأجيل العقوبات ضد طهران حتى نوفمبر

أحمدي نجاد يهدد فرنسا بخطوات عقابية اقتصادية.. ويدعو بوش لإلقاء خطاب في جامعة إيرانية

TT

أعلنت الدول الست المكلفة التفاوض مع طهران حول برنامجها النووي في بيان امس انها ستؤجل اقرار عقوبات جديدة على ايران، وذلك بانتظار ورود معلومات جديدة حول البرنامج النووي الايراني في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وجاء في البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وممثل الاتحاد الاوروبي: «نحن متفقون على وضع نص قرار ثالث حول العقوبات في مجلس الأمن بصيغته النهائية». ويوضح البيان ان الموقعين سيحيلون النص حول العقوبات «على التصويت في مجلس الامن الدولي، الا في حال اثبتت تقارير» الممثل الاعلى لدبلوماسية الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي «ان جهودهما توجت بالنجاح»، وهذا يعني ان العقوبات ستؤجل حتى نوفمبر لان تقرير البرادعي سيصدر في نوفمبر. وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا لاستصدار قرار خلال الخريف في مجلس الامن الدولي، سيكون الثالث بحق ايران لرفضها تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم. لكن روسيا والصين لا توافقان وتفضلان منح مزيد من الوقت للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي توصلت الى اتفاق في اغسطس (آب) مع ايران، التي وعدت بالرد على أسئلة الوكالة حول برنامجها النووي. وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان «الروس والصينيين، بشكل خاص، عبروا عن تحفظات لاسيما بشأن الجدول الزمني للمصادقة على قرار جديد»، مؤكدا «نعتقد ان على مجلس الأمن ان يتحرك الان». من جانبه شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على اهمية عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأوضح لافروف خلال لقاء على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة، انه «في حين تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقدما، نريد التأكد من اننا سنتلقى تقريرا حول الطريقة التي تعالج بها المشاكل التي تعتبر الوكالة انها ما زالت لم تسو بعد». وأضاف «اعتقد انه توقيت مهم جدا في تلك العملية. نريد الحصول على هذه المعلومات ونريد تقييما مهنيا من المفتشين».

من جهة اخرى، نفى مسؤول كبير في البرنامج النووي الايراني وجود موقع نووي سري تحت الارض، كما اعلن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية (معارضة)، وفقا لما ذكره التلفزيون الرسمي أمس.

وقال جواد واعدي مساعد امين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني علي لاريجاني، في بيان تلي عبر التلفزيون الرسمي، «ان هذه الاتهامات التي لا اساس لها والخاطئة تهدف الى تدمير المناخ الايجابي.. الذي نشأ عن التعاون بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ورحلة الرئيس (محمود احمدي نجاد) الى نيويورك». وفي اعنف موقف إيراني ضد فرنسا، قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد: ان تشدد موقف فرنسا من البرنامج النووي الايراني يمكن ان يسيء الى العلاقات الاقتصادية بين البلدين، على ما افادت به الاذاعة الايرانية العامة يوم الجمعة. ونقلت عن احمدي نجاد خلال زيارته لاميركا الجنوبية، «نحن لسنا مؤيدين جدا لمواصلة العلاقات الاقتصادية بهذا المستوى معهم (الفرنسيين) لان مستوى العلاقات على الصعيد السياسي لا يتناسب مع مستوى العلاقات على الصعيد الاقتصادي». وأضاف «انهم يقولون الكثير من الامور على الصعيد السياسي، لكنهم يرغبون في الاستفادة القصوى على الصعيد الاقتصادي». وفرنسا هي احد ابرز شركاء ايران بين دول الاتحاد الاوروبي، حيث تعمل الكثير من الشركات الفرنسية في ايران مثل توتال وبيجو ورينو.

وقد وصل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى كراكاس آتيا من لا باز، في زيارة رسمية تستغرق بضع ساعات لفنزويلا، حيث يلتقي نظيره هوغو شافيز. وفي اعقاب زيارة خاطفة الى بوليفيا، حيث طالب مع مضيفه ايفو موراليس بالحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وقد استقبل احمدي نجاد بالتشريفات العسكرية من قبل وزير الخارجية الفنزويلي نيكولا مادورو في مطار ماكيتا الدولي على ان يتناول طعام العشاء مع هوغو شافيز. واوضح الوزير مادورو في بيان، ان الرئيسين اللذين يكثران من الخطابات المعادية للاميركيين، سيبحثان طوال ساعات في اتفاقات التعاون بين البلدين. وهذه هي الزيارة الثالثة التي يقوم بها احمدي نجاد الى الرئيس الفنزويلي منذ 2005. وتعهد الرئيس الإيراني بتقديم مليار دولار للمساعدة على تطوير الاقتصاد البوليفي، كما تعهد بالعمل بصورة وثيقة مع رئيسها ايفو موراليس ورئيس فنزويلا هوغو شافيز في محاربة «الإمبريالية». ووقع أحمدي نجاد خلال اجتماعه مع رئيس بوليفيا اليساري موراليس مجموعة من الاتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات النفط والغاز والتعدين والزراعة. وقال الرئيس الايراني في مؤتمر صحافي: «أريد أن أقولها بصوت عال إن إيران حكومة وشعبا تقف دائما بجانب شعب وحكومة بوليفيا». وجرى خلال زيارة أحمدي نجاد أيضا الإعلان رسميا عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران وبوليفيا. وفي كاراكاس وقعت فنزويلا وإيران اللتان تشتركان في انتقادهما للحكومة الأميركية اتفاقيات للتعاون في مجالات البتروكيماويات وإنتاج أجزاء السيارات في وقت متأخر من ليل اول من امس. وأشاد رئيس فنزويلا شافيز وهو أوثق حليف لأحمدي نجاد في أميركا الجنوبية بالرئيس الإيراني الذي يقوم بثالث زيارة لفنزويلا خلال عام واحد. ووصف شافيز ضيفه بأنه «مقاتل عظيم ضد الإمبريالية ومن أجل السلام». وتحدث أحمدي نجاد عن «انتهاء عصر الاستغلال والإمبريالية" مشيرا إلى وجود «مؤشرات واضحة على حدوث صحوة وثورة في العالم ستوحد بين مختلف شعوب العالم». وأكد الرئيس الإيراني أنه سيعمل مع شقيقي شافيز لدعم الشعوب المقهورة في العام ومقاومة «الإمبريالية» حتى النهاية. وجاءت زيارة أحمدي نجاد السريعة للبلدين أمس عقب زيارته نيويورك حيث حضر اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

يذكر أن إيران وفنزويلا وقعتا أخيرا 164 اتفاقية تعاون في مجالات الطاقة والصناعة والتجارة وبناء المساكن. واتفق رئيسا البلدين أيضا على تأسيس صندوق برأسمال قدره مليارا دولار في بداية 2008 لمساعدة الدول الأخرى على تخليص نفسها من «نير الإمبريالية».

كما اعلن الرئيس الايراني انه يسمح لنظيره الاميركي جورج بوش بالقاء خطاب في جامعة ايرانية لو رغب في ذلك، كما ذكر التلفزيون الرسمي الايراني امس. وقال احمدي نجاد خلال زيارته الى اميركا اللاتينية، حسب ما قال التلفزيون الايراني العام، «اذا اراد رئيسهم (جورج بوش) ان يأتي، فسنسمح له بالقاء خطاب» في جامعة ايرانية. وكان يرد على سؤال احد الصحافيين في التلفزيون الايراني عما اذا كان يقبل بالقاء رجال سياسة اميركيين خطابات في جامعة ايرانية، كما فعل في جامعة كولومبيا اثناء زيارته الى نيويورك بمناسبة الجمعية العامة للامم المتحدة.

وفي طهران، أشاد آية الله جنتي رجل الدين الإيراني البارز بأداء الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد خلال مشاركته في افتتاح الدورة 62 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ووصفه بأنه كان «نجما لامعا». وقال جنتي خلال خطبة الجمعة في طهران: «أحيي رئيسنا على أدائه الشجاع في الولايات المتحدة. لقد كان نجما لامعا حقا في نيويورك وأشار إلى قضايا ضد الولايات المتحدة وإسرائيل لم يجرؤ مسؤول آخر على ذكرها». وأضاف جنتي الذي يتولى رئاسة مجلس صيانة الدستور، وهو أحد أركان النظام في إيران: «القضية ليست احمدي نجاد وإيران وإنما العالم الإسلامي بأسره، لذا فهو ليس مصدر الفخر لإيران فحسب وإنما للعالم الإسلامي أجمع».

وحول اتهامات رئيس جامعة كولومبيا لي بولينغر لاحمدي نجاد بأنه «ديكتاتور»، قال جنتي إن «هذه الإهانة الوقحة ليست لاحمدي نجاد فحسب وإنما لممثل 70 مليون إيراني. إذا تصرف الأكاديميون مثل هذا في بلد فماذا يمكنكم أن تتوقعوا من ساستهم (الأميركيين)». وأكمل جنتي خطبته وسط حماسة من الحاضرين الذي رددوا: «الموت لأميركا». وتابع: «هذا سيظل مسجلا في تاريخ العالم للأبد». وفي إشارة إلى إسرائيل، خفف جنتي من تصريحات احمدي نجاد المتعلقة بإنكار المحرقة (هولوكوست) وقال: « يجب ألا يدفع الفلسطينيون ثمن الإيذاء التي وقع في ألمانيا لعدد من اليهود». وكان احمدي نجاد قد انكر حدوث المحرقة ووصفها بأنها «أسطورة»، ما أثار موجة احتجاجات وإدانات في مختلف أنحاء العالم. لكن احمدي نجاد حاول جاهدا خلال الشهور القليلة الماضية التخفيف من تصريحاته في هذا الشأن، حيث قال إنه يتعين السماح بمراجعة الحقائق التاريخية وإن إيران ضد الحكومة الإسرائيلية وليست ضد اليهود.