الكتلة الموالية للغرب تفوز في انتخابات أوكرانيا

تيموشينكو أبرز وجوه «الثورة البرتقالية» تستعد لاقتناص فرصتها

يوليا تيموشينكو زعيمة المعارضة الأوكرانية تتحدث إلى وسائل الإعلام بعد أن حققت اختراقا في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

افادت نتائج جزئية امس ان يوليا تيموشينكو التي كانت من قادة الثورة البرتقالية حققت اختراقا في الانتخابات التي جرت اول من أمس في اوكرانيا، حيث جاءت في الطليعة بفوزها بـ31،33% من الاصوات. وقالت اللجنة الانتخابية في هذه النتائج التي تأتي بعد فرز 2،50% من الاصوات، مشيرة الى ان تيموشينكو حصلت على 31،33% من الاصوات بينما حصل حزب المناطق الذي يقوده رئيس الوزراء فكتور يانوكوفيتش على 31،30% من الاصوات.

وأظهرت النتائج الاولية لفرز الاصوات أن الأحزاب المؤيدة للرئيس فكتور يوشنكو الموالي للغرب متقدمة بفارق ضئيل على كتلة فيكتور يانوكوفيتش رئيس الوزراء المؤيد لروابط اقوى لبلاده مع موسكو. وكان الرئيس الاوكراني يوشنكو قد دعا لهذه الانتخابات في مسعى لانهاء شهور من الخلافات المحتدمة مع يانوكوفتش اما «حزب المناطق» الذي يتزعمه الرئيس فكتور يوتشينكو حليف يوليا تيموشينكو في الثورة البرتقالية التي جرت في 2004، فاحتل المرتبة الثالثة بحصوله على 56،15% من الاصوات. وقال مسؤولون في اللجنة ان الحزب الشيوعي حصل على 08،5% من الاصوات مقابل 4،17% لحزب «كتلة ليتفين» الصغير و19،3% للحزب الاشتراكي، وبذلك يمكن لستة احزاب وليس اربعة كما رجحت استطلاعات الرأي خلال الاقتراع، دخول البرلمان اثر حصولها على اكثر من ثلاثة في المائة من اصوات الناخبين. وافادت معلومات جمعت من كل الدوائر الانتخابية تقريبا ان نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 51،62%. وبذلك يكون حزب تيموشينكو قد حقق اختراقا من عشر نقاط بالمقارنة مع الاقتراع التشريعي السابق الذي جرى في مارس (آذار) 2006 (29،22%). اما حزب المناطق فتراجع نقطتين (14،32%) بينما حسن الحزب الرئاسي مواقعه بنقطة ونصف النقطة تقريبا (95،13%). واعلنت يوليا تيموشينكو ليلة الاحد الاثنين انها تعتزم الطلب من الرئيس يوتشينكو «بدء تشكيل التحالف والحكومة» اعتبارا من صباح امس. وكان يوتشينكو وتيموشينكو قد تحالفا في الثورة البرتقالية التي طالبت بالديمقراطية وحملت يوتشينكو الى السلطة في 2004، الا ان العلاقات بينهما لم تكن مثالية وهما يتنافسان باستمرار منذ ذلك الحين. واعلن فياتيشسلاف كيريلينكو القيادي في حزب الرئيس ان «المعطيات المتوفرة تشير الى ان تيموشينكو ستصبح رئيسة الحكومة». من جهته، اعلن رئيس الوزراء القريب من روسيا فكتور يانوكوفيتش انه «فاز» وطالب بحق تشكيل تحالف ايضا.

ورأت الصحف الاوكرانية ومحللون الاثنين ان تحالفا «برتقاليا» سيشكل على الارجح لكن الاطراف قد تكون تحتفظ بمفاجآت. وكتبت صحيفة «سيغودنيا» القريبة من التيارات الموالية لروسيا ان «الفارق الكبير بين حزبي الرئيس وتيموشينكو يقلق الرئيس بشدة على الارجح، هذه الانتخابات كانت مهمة لتعزيز موقعه الرئاسي»، واضافت ان «آفاق الرئيس تبدو قاتمة وعليه تحييد السيدة يو (يوليا) حتى لا تصبح منافسته المحتملة للرئاسة». ويتوقع ان يضع حزب الرئيس شرطين لتشكيل تحالف اولهما تأييد تعديلات دستورية تعزز موقع الرئيس وتخلي رئيس الحكومة عن خوض الانتخابات الرئاسية، حسب الصحيفة نفسها. اما صحيفة «غازيتا» فكتبت ان «فكرة تشكيل تحالف واسع بين يوتشينكو ويانوكوفيتش ما زالت كبيرة».

ورأى تانيسلاف بيلكوفسكي انهما «سيعملان حتى لا تتمكن من ان تصبح رئيسة للوزراء». واضاف ان «تيموشينكو طموحة. انها تريد منصب رئيس الوزراء كمعبر للوصول الى الرئاسة»، مؤكدا انه «ليست هناك جبهة برتقالية اهدافها مشتركة في الوقت الحالي». ودعي حوالي 37 مليون ناخب الى الاقتراع لاختيار اعضاء برلمانهم الذي يضم 450 مقعدا، بعد سلسلة من الازمات السياسية اضرت بصورة الديمقراطية الفتية في اوكرانيا. فقد اتسم التعايش الصعب بين يوتشينكو ويانوكوفيتش اللذين كانا خصمين في الانتخابات الرئاسية في 2004 واضطرا الى تقاسم السلطة في 2006، بسلسلة نزاعات انتهت في ابريل (نيسان) بحل البرلمان الذي كان الموالون للروس يشكلون فيه الغالبية.

وكانت الصداقة بين يوتشينكو وتيموشينكو التي تولت رئاسة الحكومة بينفبراير (شباط) وسبتمبر (ايلول) 2005، انتهت بشكل سيئ لاسباب عدة بينها التنافس على السلطة. وتتفق القوى الثلاث على مسألة الانضمام الى الاتحاد الاوروبي مع الحفاظ على العلاقات المميزة مع روسيا التي تعتمد عليها اوكرانيا بشكل كبير لمدها بالطاقة. اما نقطة الخلاف الرئيسية فتكمن في مسألة الانضمام الى حلف شمال الاطلسي التي يدعو اليها يوتشينكو ويعارضها يانوكوفيتش. ويرجح الا تؤدي نتائج الانتخابات الى تغييرات جيوسياسية كبرى. ونجح حزب «كتلة ليتفين» الصغير الذي ليس لديه توجه سياسي واضح في الحصول على نتيجة تؤهله دخول البرلمان، لكنه لا يبدو قادرا على لعب اي دور فعال بين مختلف القوى السياسية الكبرى. وتمكنت السياسية الجذابة يوليا تيموشينكو احد ابرز وجوه الثورة البرتقالية في اوكرانيا والتي عاشت النجاح والاخفاق والثراء وعتمة السجن، من الصعود مجددا وهي تتأهب لتولي رئاسة الوزراء اثر الانتخابات التشريعية الاحد التي حققت فيها اختراقا كبيرا. وبنحو 55،33 في المائة من الاصوات بحسب نتائج جزئية نشرت الاثنين مقابل 29،22 في المائة في الانتخابات السابقة في مارس 2006، فان يوليا تيموشينكو (46 عاما) تبدو في موقع يؤهلها لتصبح رئيسة وزراء اوكرانيا الجديدة. ويوليا السيدة الرقيقة الانيقة التي تربط ضفيرة شعرها الاشقر حول فروة رأسها والتي لا تزال تحتفظ بهالتها رغم انها اصبحت اكثر اتزانا، تؤكد انها اخذت العبرة من اخطائها المرتكبة اثر الثورة البرتقالية التي اوصلت الرئيس فيكتور يوتشينكو الموالي للغرب الى السلطة في 2004. وقالت في مقابلة مع آخر عدد لاسبوعية «كورسبندنت» ان «تحقيق الفوز اسهل من الحفاظ عليه والافادة منه». وكانت يوليا التي اثارت حماسة جموع الاكرانيين اثناء الثورة البرتقالية في 2004 الى جانب المعارض فيكتور يوتشينكو ذي الوجه الشاحب بعد تسمم غامض، قد حصلت على منصب رئيس الوزراء في فبراير 2005.

ويوليا التي اصبحت اول اوكرانية ترأس الحكومة انهمكت في العمل وقيل انها كانت تنام في مكتبها غير ان ذلك لم يمنعها من تخصيص بعض الوقت لمجلة «آل» التي نشرت صورتها على غلافها، وتعرضت حينها الى نقد شديد بسبب دعمها اعادة النظر في عمليات التخصيص ولتدخلها في الاقتصاد الذي اثر على استقطاب المستثمرين.

ولم تستمر في منصبها الا سبعة اشهر وانتهى صراع الاجنحة باقالتها ثم قطيعتها المدوية مع يوتشينكو. واوضحت «كنت المقاتل الوحيد في ساحة المعركة وبدأت اتسبب في افلاس النظام، لقد كنت استهين بقواي». وعادت يوليا بقوة بعد الانتخابات التشريعية في مارس 2006 وكانت على وشك ان تعود الى منصب رئيس الوزراء غير انها فشلت. فقد استفاد الموالون لروسيا من الخلافات بين قادة الثورة البرتقالية وشكلوا تحالفا واضطر يوتشينكو لتعيين خصمه فكتور يانوكوفيتش رئيسا للوزراء.

وبدأت يوليا منذ ذلك التاريخ المطالبة بحل البرلمان، الامر الذي بدا غير واقعي حتى توقيع الرئيس الاوكراني امرا في الثاني من ابريل بحل البرلمان.

وانطلقت حينها المناضلة مجددا لكسب ود الناخبين ونظمت 300 تجمع انتخابي اضافة الى «صلاة جماعية من اجل اوكرانيا» امام كاتدرائية سانت ـ صوفيا مستغلة بذلك كل ما هو ممكن لكسب الاصوات.

وقال نيل باتي المستشار في استراتيجية الاتصال في وكالة «ريدجي كونسلتينغ» ان «لوليا هي اسم وهي علامة قوية، وسيكون من الغباء تغييرها».

اما مسيرتها فهي لا تكاد تصدق، فقد بدأت العمل مهندسة ـ اقتصاد في الحقبة السوفياتية ثم اصبحت الرئيسة الغنية لشركة طاقة في تسعينات القرن الماضي ثم نائبا في عام 1998 ثم نائب رئيس الوزراء بين ديسمبر (كانون الاول) 1999 ويناير (كانون الثاني) 2001 في الحكومة التي كان يرأسها فيكتور يوتشينكو. ويوليا تيموشينكو التي تهاجم الفساد متهمة من قبل خصومها بانها جمعت ثروتها بفضل تجارة الغاز المجزية وغير الواضحة في تسعينات القرن الماضي. وتسببت اتهامات الفساد في سجنها شهرا في 2001 وهي التجربة التي حولت سيدة الاعمال والموظفة السابقة الى معارضة عنيدة. ويوليا هي ام لبنت وحيدة من زواجها من مغني روك بريطاني الذي كان قد شغل وسائل الاعلام في 2005. والسيدة تيموشينكو معجبة بكبار مصممي الازياء غير انها تراوغ في الرد عن الاسئلة التي تتعلق بقيمة ثروتها.