مسؤولون أميركيون: إدارة بوش غيرت خططها إلى ضربات محدودة ضد الحرس الثوري الإيراني

لاريجاني يعرض على واشنطن التعاون في العراق ويحذرها من مهاجمة بلاده

مريم رجوى رئيسة «المجلس الوطني للمقاومة الايرانية» تستمع الى اسئلة خلال مؤتمر صحافي في ستراسبورغ امس (أ.ب)
TT

بينما تحدث مسؤولون اميركيون امس عن خطط لادارة الرئيس الاميركي جورج بوش لتوجيه ضربات جراحية جوية الى الحرس الثوري الايراني عرض علي لاريجاني كبير المفاوضين النوويين الايرانيين والمقرب من مرشد الجمهورية علي خامنئي على الولايات المتحدة التعاون في اعادة الاستقرار الى العراق اذا وضعت واشنطن جدولا زمنيا لانسحاب قواتها من هناك.

ونقلت مجلة «نيويوركر» الاميركية امس عن مسؤولين ومستشارين حكوميين اميركيين سابقين ان ادارة بوش غيرت خططها من ضرب المنشآت النووية الايرانية الى ضرب منشآت الحرس الثوري الايراني في طهران والمدن الاخرى من خلال ضربات جراحية. وحسب هؤلاء المسؤولين فان التغيير في السياسة يأتي في ضوء 3 تطورات هي ان الرئيس بوش وكبار مستشاريه وصلوا الى قناعة بان حملتهم لاقناع الرأي العام بان ايران تمثل خطرا داهما فشلت وذلك على عكس ما حدث قبل حرب العراق ونتجية لذلك لا يوجد دعم من الرأي العام بشكل كاف لشن ضربات واسعة. والتطور الثاني ان البيت الابيض وصل ايضا الى قبول رأي الجنرالات والمجتمع الاستخباري بان ايران امامها على الاقل 5 سنوات قبل ان تستطيع الحصول على قنبلة نووية وثالثا ان هناك اعترافا في واشنطن وفي انحاء الشرق الاوسط بان ايران تبرز كرابح استراتيجي اقليمي من الحرب في العراق. وتقضي الخطة المعدلة باستخدام «صواريخ يتم اطلاقها من البحر وهجمات على اهداف محددة على الارض وغارات جوية وتشمل خططا لتدمير اكبر معسكرات تدريب حراس الثورة ومستودعات المؤن ومنشآت القيادة والمراقبة».

وحسب «نيويوركر» فان نائب الرئيس ديك تشيني كان قد طلب في الصيف من هيئة الاركان اعادة احياء خطة لهجمات واسعة على ايران تشمل المنشآت النووية وذلك قبل تغيير السياسة نحو الضربات الموضعية ضد الحرس الثوري.

وحسب المصادر فان الرئيس بوش ابلغ ريان كروكر السفير الاميركي في بغداد في الصيف بانه يفكر في ضرب اهداف ايرانية عبر الحدود وان البريطانيين سيشاركون، وعندها تدخلت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية وطلبت المضي بحذر لان العملية الدبلوماسية ما زالت جارية.

وقال مسؤول سابق في الاستخبارات انه في اجتماع في البيت الابيض هذا الصيف اتفق على انه لو نفذت ضربات محدودة ضد ايران فان الادارة تستطيع مواجهة الانتقادات بان هذه خطوة دفاعية لحماية الجنود في العراق. واذا اعترض الديمقراطيون يمكن القول ان بيل كلينتون فعل نفس الشيء عندما نفذ هجمات في افغانستان والسودان والعراق لحماية ارواح اميركيين. واضاف المسؤول ان تشيني يسعى بكل جهده لتنفيذ عمل عسكري ضد ايران في اسرع وقت لكن السياسيين يقولون ان هذا سيضر الجمهوريين، لكن تشيني والرئيس غير مكترثين بقلق الجمهوريين.

ونقلت «نيويوركر» عن بريان ويتمان المتحدث باسم البنتاغون بان الرئيس كان واضحا في ان واشنطن ملتزمة بالسعي لحل دبلوماسي مع ايران بالتعاون مع المجتمع الدولي ورفض البيت الابيض التعقيب.

وقال سيمور هيرش كاتب المقال في «نيويوركر» انه ابلغ بان الرئيس بوش لم يصدر بعد الامر التنفيذي اللازم لشن هجمات ضد ايران وان هذا الامر يمكن ان لا يصدر ابدا، ولكن هناك نشاطا في تحضيرات الهجوم.

وقال مسؤول تقاعد اخيرا من الاستخبارات الاميركية (سي أي ايه) انهم ينقلون الجميع الى ديسك ايران بما في ذلك المحللين في خطوات تشبه ما حدث في عام 2002 قبل غزو العراق. واشار المسؤول ان الذين تم نقلهم ليست ليدهم خبرة في ايران وانه لم يتم اعطاء الانتباه الكافي الى رد الفعل الايراني على هذه الضربات.

ونقلت «نيويوركر» عن زبجنيو بريزينسكي مستشار الامن القومي الاميركي السابق انه سمع عن مناقشات شن هجمات محدودة ضد ايران وان المرجح ان ايران سترد بتأجيج النزاع في العراق وافغانستان وقد يجر ذلك باكستان ويمكن ان نتورط في حرب اقليمية لمدة 20 عاما اخرى. وقال بريزنيسكي ان الكثير يتوقف على الايرانيين وماذا كان يمكنهم تخفيف لهجة محمود احمدي نجاد.

ونقلت «نيويوركر» عن دبلوماسي اوروبي بارز ان هناك ادلة على ان ايران تقوم باستعدادات مكثفة لهجمات اميركية متوقعة، منها تقوية دفاعاتهم الجوية وانهم سيقومون بضرب اهداف في اوروبا واميركا اللاتينية وسيساعدهم فيها حزب الله اللبناني وهو قادر على ذلك.

واشار مسؤول اوروبي ان اكبر استقبال ايجابي لخطة الهجمات المحدودة جاءت من الحكومة البريطانية الجديدة برئاسة غوردون براون التي ترى ان طهران لا تحرز تقدما كافيا في معالجة ملفها النووي. كما اشار المسؤول الى ان الضربات المحدودة لن تجعل الايرانيين يلتفون حول قيادتهم مثلما هو متوقع في حالة ضربات واسعة، وانها يمكن ان تدفع مسؤولين مثل لاريجاني ورفسنجاني الى الذهاب للمرشد خامنئي وابلاغه بضرورة تغيير السياسات المتشددة حفاظا على النظام.

لكن قرار واشنطن عدم ضرب المنشآت النووية الايرانية اثار ذعر المسؤولين الاسرائيليين بينما شكك مسؤولون فرنسيون في امكانية شن غارات جوية محدودة.

وفي سياق متصل قال روبرت تراسنسكي، وهو خبير في مركز «ايان راند» في ايرفنغ في ولاية كاليفورنيا، ان «الحرب مع ايران لابد منها وان الرئيس جورج بوش لا يحتاج لان يعتمد على تدخل ايران في شؤون العراق لتبرير الحرب، وانه يقدر على ان يقنع الشعب الاميركي بهدفين: وقف التدخل الايراني، والقضاء على امكانيات ايران النووية». وقال ترانسسكي لـ«الشرق الأوسط»: «الحرب قادمة، وخيارنا الوحيد هو هل ننتظر كثيرا او قليلا، ولكن، كلما انتظرنا كثيرا، زادت تكاليف الحرب، وهي حرب ضرورية».

وقال ترانسسكي ان زيادة اخبار التدخل الايراني في العراق ليست الا خطوة حتمية لتطورات مستمرة، ربما منذ الثورة الايرانية بأن الولايات المتحدة وايران مقبلتان على مواجهة عسكرية. واشار الى تصريحات جنرالات اميركيين عن العثور على اسلحة ايرانية في العراق، وعن زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد لنيويورك قال ان «عاصفة الزيارة تزيد من قدرة بوش على اقناع الشعب الاميركي بأن النظام الايراني الذي يرأسه مثل هذا الرجل لابد من القضاء عليه». واشار الى جناحين في الادارة الاميركية، جناح يستعجل الحرب، متمثلا في نائب الرئيس ديك تشيني، وجناح يدعو لاستعمال الاساليب الدبلوماسية، متمثلا في كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية. وشدد على ان «الحرب التي لابد منها مع ايران ليست عن اهدافنا، ولكنها عن اهداف ايران، لو لم تعلن ايران سياسات عدوانية منذ ثورة الخميني ما كنا سنصل الى حتمية الحرب».

الى ذلك قال علي لاريجاني كبير المفاوضين النوويين الايرانيين في مقابلة امس لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية ان ايران ستساعد الولايات المتحدة على تحقيق الاستقرار في العراق اذا وضعت واشنطن جدولا زمنيا لانسحاب قواتها من هناك.

وقال (اذا كان لديهم تحديد واضح لجدول زمني فاننا سنساعدهم على تحقيقه). واعتبر لاريجاني وهو امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني ان اخفاقات واشنطن في العراق لا بد ان تردع ادارة الرئيس بوش عن التفكير في اي تدخلات خارجية اخرى وحذر الولايات المتحدة من الاقتراب من ايران.

واضاف ان اي هجوم تشنه الولايات المتحدة على ايران سيكون مثل قيام واشنطن بادخال يدها في خلية نحل. واردف قائلا للصحيفة انه يجب على الولايات المتحدة الا تهاجم ايران الا اذا كانت تريد ان تتسلم اسرائيل على مقعد متحرك. وقال لاريجاني انه يجب على ادارة بوش الانصات الى استراتيجية كل من الحزب الديمقراطي والحكومة البريطانية بشأن العراق. واضاف ان دعوة الديمقراطيين الى تحديد جدول زمني للانسحاب تبدو منطقية. وقال لاريجاني ان البريطانيين أذكى من الاميركيين في اجراء التعديلات اللازمة على استراتيجيتهم.

كما اكد لاريجاني استعداد ايران لمواصلة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لنزع فتيل خلاف بشأن برنامجها النووي. لكنه شدد في الوقت ذاته على ان ايران لن توقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم.