عباس: ولدت في الجليل وأريد العودة.. وهذا حقي

الرئيس الفلسطيني: نأمل التوصل إلى خطة «إطار عمل» مع الإسرائيليين قبل الاجتماع الدولي

الرئيس محمود عباس يتحدث الى الصحافيين بعد لقاء العاهل الاردني في عمان أمس (أ.ب)
TT

عندما طرد متطرفو حماس الاسلاميون خصومهم في فتح (أكثرية علمانية) من قطاع غزة في يونيو (حزيران) الماضي بدا وكأن عملية السلام انتهت.

لكن مما يثير الدهشة ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت عقدا سلسلة من المحادثات المهمة التي يأمل مسؤولون أميركيون أن تصل ذروتها في نوع معين من اتفاق أو اطار عمل يقدم الى المؤتمر المقترح لزعماء الشرق الوسط في واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وفي الأسبوع الماضي حضر زعيم فتح افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة والتقى مع ما يزيد على 35 من زعماء العالم لحثهم على دعم الاتفاق الذي يمكن أن يتوصل اليه مع أولمرت. وناقش عباس محادثات السلام في الحوار الذي اجريته معه لصالح نيوزويك وواشنطن بوست.

* أفهم أنه في محادثاتك مع رئيس الوزراء الاسرائيلي يهود اولمرت ناقشت القضايا الحساسة مثل الحدود واللاجئين والقدس. الى أي مدى مضيتما في محادثاتكما؟

ـ لا أستطيع، في الواقع، أن اتحدث عن المحادثات، لأنها محادثات استكشافية وليست مفاوضات. لقد عالجنا جميع القضايا الحساسة مثل الحدود واللاجئين والمستوطنات والقدس والأمن. ولكن في اطار المحادثات حسب. لا استطيع ان اقول أي شيء عن موقفه، كما لا يستطيع هو أن ينقل ما قلته. لماذا؟ لأننا في البداية قلنا لنتحدث وبعد ان ننتهي سنحدد فريقنا. وقد حددنا الفريقين اللذين يقومان بإعداد مسودة اتفاق حول هذه القضايا الحساسة.

* ما الذي تحسسته بشأن أولمرت؟

ـ اعتقد انه صادق وجاد ويريد تحقيق السلام. أعرف مشاكله الداخلية. ولكنه عازم على القيام بشيء.

* أليس من الصعب التوصل الى صياغة وثيقة في مثل هذا الوقت الضيق؟

ـ انه صعب لكنه ليس مستحيلا.

* هل تتحدث عن اعداد اعلان مبادئ (مثل معاهدة 1993 التي جرى التوصل اليها بين اسحاق رابين وياسر عرفات)؟

ـ ليس اعلان مبادئ وانما اطار عمل، وهو اطار عمل يتعامل مع مبادئ كل عنصر من عناصر قضايا الوضع النهائي. وهذا ما نقترح عرضه على المؤتمر. وبعد المؤتمر سنبدأ التفاوض على تفاصيل هذه القضايا من أجل التوصل الى معاهدة سلام.

* القضايا الأساسية مطروحة منذ زمن بعيد، أليس من الصعب حلها خلال اسابيع قليلة؟

ـ هذه قضايا صعبة جدا ولكن ليس من المستحيل حلها لأننا نعرف مواقف بعضنا، ونحن نعرف كيفية معالجة هذه القضايا على الرغم من الصعوبات التي تواجهنا.

* ما رأيك بالأفكار التي طرحها نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون حول منح الفلسطينيين مناطق في القدس الشرقية حيث يشكلون أغلبية؟ هل هذا مقنع لك؟

ـ من الناحية المبدئية يعتبر هذا هو الاتجاه الصحيح. لا بد أن يكون للفلسطينيين الجزء الخاص بهم وكذلك الحال مع الاسرائيليين. اقول وقلت دائما ان القدس الشرقية منطقة محتلة. يتعين ان نستعيدها.

* الاسرائيليون يتخذون موقفا راسخا من انهم لا يمكن أن يقبلوا حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى اسرائيل. هل تعتقد أنه يتعين السماح للفلسطينيين بالعودة؟ لقد ولدت في الجليل. اتريد العودة الى هناك؟

ـ هذا حقي ولكن كيفية استخدام هذا الحق تعود لي وللاجئين وللاتفاق الذي سيحدث بيننا. نريد ان نحقق حلا دائما. يريد الاسرائيليون الأمن ونحن بحاجة الى الاستقلال. كيف يمكننا التعامل مع هاتين القضيتين؟ هناك فجوة بين الجانبين. ونريد تجسير الفجوة خلال المفاوضات.

* اعتقد الاسرائيليون انهم فعلوا خيرا عندما انسحبوا من غزة في يوليو 2005، ولكنهم يرغمون الان على اخلاء مدينة قرب غزة لأنها تتعرض الى قصف متكرر بصواريخ حماس.

ـ قاموا بذلك من جانب واحد. لم يفعلوا ذلك بصورة ثنائية معنا. طلبنا منهم مرات كثيرة أن يجعلوا من انسحاب غزة نتيجة اتفاق بيننا. ولكن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أرييل شارون رفض. لم يكن يريد الحديث معنا.

* ولكن هل سيوافق الاسرائيليون على التوجه الى قضايا الوضع النهائي بينما هم مهددون باستمرار بهجمات على مدنهم؟

ـ في الليلة الماضية استولت قوات أمننا على صاروخين. وسلمناهما الى اسرائيل. نحن قلقون جدا بشأن هذه الأعمال وأعتقد ان بوسعنا ان نضع نهاية لكل هذه. اجهزتنا الأمنية مستعدة لإيقاف كل أنواع العنف.

* بموجب اية شروط ستتوصلون الى اتفاق مع حماس؟

ـ ارتكبوا خطأ قاتلا عندما شرعوا بانقلابهم ضد السلطة الفلسطينية في غزة. وعليهم الآن الغاء انقلابهم. وبدون هذا لن نبدأ أي حوار معهم.

* ماذا تعني بـ«إلغاء انقلابهم»؟

ـ لإعادة الوضع كما كان قبل الانقلاب.

* ألم تكن ضمن حكومة وحدة مع حماس؟

ـ أنا لا أريد العودة إلى حكومة وحدة وطنية لأنها كانت تجربة سيئة، وهم قاموا بتدميرها.

* لا وحدة وطنية تحت أي ظروف؟

ـ تحت أي ظروف.

* كم هو حجم النفوذ الإيراني الآن في غزة؟

ـ أنا لا أحب أخذ هذا السؤال لأننا نريد الحفاظ على علاقاتنا مع الجميع حتى مع الإيرانيين.

* هل تحب فكرة اللقاء في واشنطن، لقاء نوفمبر؟

ـ نعم.

* ما الذي يمكن أن ينتج عنه؟

ـ إطار العمل، سيتم الاتفاق عليه قبل 15 نوفمبر.

* ثم المؤتمر، إنه سيعطي نوعا من بصمة مصادقة دولية؟

ـ لا مصادقة بل قبول. إنهم سيقولون: «نعم أنتم وصلتم إلى هذه النتيجة والآن امضوا في طريقكم، استمروا في المفاوضات مع الإسرائيليين من أجل صياغة كل التفاصيل».

* هل كانت الولايات المتحدة نشطة بما فيه الكفاية؟

ـ نعم. فهم أظهروا استعدادا وجدية، مثلما سمعت من الرئيس بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. إنهم يريدون تحقيق قدر من التقدم في هذا المسار خلال فترة حكم الرئيس بوش.

* هل قال لك الرئيس بوش إن ذلك صحيح؟

ـ نعم. نحن سمعنا من بوش. هو قال إنه يؤيد كليا كوندوليزا رايس وهي تتحدث باسمه إنها ممثلة عنه. لا تستطيع رايس لوحدها أن تحقق تغييرا. هل تذكر مبادرته حينما تحدث عن حل الدولتين.

* لكن الآن لديك ثلاث دول.

ـ لا، غزة ليست دولة. لا أحد يعترف بغزة. نحن لدينا سلطة واحدة، وحكومة واحدة. حماس هي حكومة غير شرعية.

* كيف تتصور شكل الحدود مستقبلا؟

ـ حدود عام 67.

* لكن حدود 67 ستشمل غزة.

ـ نعم، بالتأكيد. من دون غزة نحن لا نستطيع أن تكون لدينا دولة. ونحن يجب أن يكون لنا عبور آمن ما بين غزة والضفة الغربية لأن غزة هي جزء من فلسطين... كل العرب يدعمون هذه الرؤية. في آخر اجتماع للجامعة العربية أصدروا بيانا قالوا فيه إن عمل حماس غير شرعي. وهم اعترفوا بسلطتي باعتبارها السلطة الشرعية.

* هل ستأتي السعودية إلى واشنطن في نوفمبر؟

ـ كان لدى السعودية تحفظات في البداية لأن الوضع بالكامل غائم جدا. لكن الآن كل شيء أصبح واضحا. وأنا التقيت أمس الأمير سعود الفيصل وكان راضيا. لذلك فأنا مقتنع بأنها ستحضر المؤتمر.

* هل ستكون هناك أي تنازلات أنت على استعداد لتقديمها من أجل الوصول إلى اتفاق مع الإسرائيليين؟ هل هناك تنازلات ستطالب بها من الجانب الآخر؟

ـ نحن سنكون مرنين، لكن قبل عام 1947 كان لدينا 95% من فلسطين. وفي عام 1937 أعطت خطة التقسيم الإسرائيليين جزءا فقط من فلسطين. وكانوا راضين جدا آنذاك. كان ديفيد بن غوريون راضيا جدا بذلك. لكنها لم تنجح. بعد ذلك جاءت خطة تقسيم عام 1947 ونحن رفضنا هذه لذلك نحن خسرنا.

* كان عليكم أن تقبلوا بها؟

ـ نعم، في ذلك الوقت بالتأكيد. لكن الخطة اعطتنا 46% من فلسطين... والآن نحن نقبل بحدود عام 67.

* لكن ما هو الاختلاف مع هذا عما عرضه الرئيس كلينتون لعرفات؟ ألم يقدم له ما يقرب من 98 % من الضفة الغربية؟

ـ لا، لا. في كامب ديفيد قدم 92% فقط. 92% غير مقبولة بالنسبة لنا.

* زادت شعبيتك منذ إعلانك عن استقلالك من حماس وتعيين حكومة في الضفة الغربية. هل هذا يظهر أنك حينما تتخذ إجراء حازما فإن الناس يحبونه؟

ـ نعم، لكنني إذا قدمت تنازلات غير مقبولة من الناس، فإني على ما أظن لن أكون شعبيا. لكن المسألة هي ليست مسألة شعبية ـ إنها مسألة عدالة.

* هل تظن أن حماس ستحاول تقويض أي اتفاق تصل إليه مع رئيس الوزراء أولمرت؟

ـ إنهم سيحاولون.

* هل تعتبر سياسة الولايات المتحدة الرامية إلى عصر وعزل حماس خاطئة، أم أنك تراها سياسة صحيحة؟

ـ في البداية، كنت مقتنعا أنهم كانوا على خطأ، لكنني الآن أقف معها وفي الموقف نفسه. أنا ضد حماس.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»