الصحف الأميركية تغير مناهجها لتخطي خسائر التوزيع

تبيع نسخا أقل 10 في المائة بالمقارنة مع ما كان عليه الحال عام 2000

الصحف الأميركية تبيع اليوم نسخا أقل 10 في المائة بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في عام 2000 («نيويورك تايمز»)
TT

بينما تعبر صناعة الصحافة عن أسفها لانخفاض التوزيع فان الصحف الكبرى في البلاد تتسم بموقف مفاجئ تجاه الكثير من القراء المحتملين.

وتبيع الصحف الأميركية الكبرى نسخا أقل بحوالي 10 في المائة بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في عام 2000. وبينما يوجه اللوم في ذلك عادة الى هجرة القراء نحو شبكة الانترنت، فان الكثير من ذلك مقصود. فالعديد من الصحف، مدفوعة بتكاليف التسويق والتوزيع وضغط المعلنين، قررت أن قراء معينين غير جديرين بالكلفة المتعلقة بايجادهم وخدمتهم والحفاظ عليهم. وقال كولبي أتوود، رئيس بوريل أسوشييتس، وهي شركة أبحاث اعلامية «انه لقرار بزنس عقلاني أن الصحف تركز على التوزيع النوعي بدلا من الكمية، مقلصة من المشتركين الذين يكلفون اكثر ويحققون ايرادات أقل». وذلك القرار الإعلاني مدفوع جزئيا من جانب المعلنين، الذين غيروا موقفهم تجاه التوزيع.

ففي سنوات الازدهار «كان هناك مزيد من الاستعداد من جانب المعلنين لتوجيه قيمة معينة للقراء غير الثابتين والطلاب والقراء الذين لا يتمتعون بثقل معين"، وفقا لما قاله جيسون كلاين، الرئيس التنفيذي لشبكة الصحافة القومية، وهي مؤسسة تسويق.

ولكن المعلنين اصبحوا على دراية اكبر بالكلفة وتعلموا كيفية الوصول الى الجمهور على الانترنت. والجهات الراعية للإعلانات المرافقة للصحيفة والتي توزع معها اتخذوا موقفا متشددا في ابلاغ الصحف بأن بعض التوزيع لا يستحق جهدا.

ونتيجة لذلك فان الصحف قلصت الى حد كبير من مناهجها التقليدية في كسب الزبائن، وهي الاعلانات والاتصالات الهاتفية والأسعار التشجيعية. وكانت تلك الاستراتيجية باهظة الثمن على الدوام، وأصبحت أكثر كلفة ارتباطا بقوانين عدم الاتصال والعدد المتزايد للناس الذين لا يمتلكون الا الهواتف الجوالة. ووفقا لجمعية الصحف في اميركا فان متوسط الكلفة في الحصول على اشتراك جديد، بما في ذلك الخصم التشجيعي، كان 68 دولارا عام 2006 وهو ما يزيد على الضعف بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في عام 2002.

وقلص معظم الزبائن الذين جرى كسبهم عبر الأسعار التشجيعية والاتصالات الهاتفية اشتراكاتهم عندما انتهى الخصم التشجيعي، ولهذا فان كلفة متابعتهم ووضع الصحف عند أبواب بيوتهم يمكن أن يتجاوز ما يدفعونه للحصول على الصحيفة. وعلى الرغم من انخفاض مبيعات الإعلانات ما تزال معظم الصحف الأميركية تحقق ارباحا من الاعلانات أكثر من تلك الارباح التي تحققها عبر التوزيع. لذلك فإن الصناعة تقبل أن ذلك التوزيع سيهبط وتأمل أن تجد مستوى قادرة على الحفاظ عليه مع جهد قليل. ونتيجة لذلك فإن نسبة هبوط المشتركين السنوية كانت 36 في المائة خلال السنة الماضية من 54 في المائة في عام 2000.، حسبما قال اتحاد الصحافيين.

وهناك حالات استثنائية لهذا الاتجاه تتمثل في صحف التابلويد في مدينة نيويورك، وصحيفتي «الديلي نيوز» و«نيويورك بوست» اللتين تستمران في كسب أكبر عدد من القراء حتى لو أن الكثير منهم ابتعدوا عنهما. ويرى بعض المديرين التنفيذيين والمحللين أن الصحف قطعت شوطا بعيدا في تقليص الاستثمارات التي كانت توظف من أجل كسب قراء جدد مثل الإعلان عن الصحف في الراديو أو توزيعها في المدارس.

وقال جون كيمبال، مدير التسويق في «اتحاد صحافة أميركا»: «لم تنفق الصحف الكثير من المال على الترويج لنفسها وأظن أن ذلك أعاق من تحقيق النمو على المدى البعيد».

وقال جاك كلندر، نائب رئيس صحيفة «لوس انجليس تايمز» لشؤون التوزيع: «هناك طريقة تفكير هذه الأيام توقفك تماما عن البيع وتجعل القراء يبحثون عن مستوى طبيعي. نحن لم نصل إلى تلك النقطة، لكننا نقوم بترويج قليل ونوافق على أن عددا من القراء لن يشتري الصحيفة بسعر كامل على المدى البعيد».

ومثل الكثير من الصحف فإن صحيفة «نيويورك تايمز» قد قلصت كثيرا من حجم الإعلان عن نفسها. وقال كندر: «حينما تتقلص الأرباح تبدأ بالبحث عن الأمكنة التي يمكنك أن توفر من خلالها في النفقات بما فيها الإعلان. وأنت بحاجة إلى أن تعلن عن نفسك على المدى البعيد لكننا نتخذ قرارات قصيرة المدى في هذا البزنس».

من جانب آخر اتخذت بعض الصحف الكبيرة قرارات واعية من أجل تقليص مجال نشرها الجغرافي. والأكثر إثارة للاستغراب على سبيل المثال كان صحيفة «دالاس مورننغ نيوز» التي كان مدى توزيعها في السنة الماضية يصل إلى دائرة نصف قطرها 200 ميل، لكن مع تقلص توزيع صحيفتها اليومية بنسبة 15% كي يصل عدد المبيعات إلى أكثر قليلا من 400 ألف نسخة، فرضت الصحيفة حدا لتوزيعها يصل إلى 100 ميل. وتتوقع أن يحصل انخفاض آخر في المبيعات حينما تتم مراجعة الأرقام هذا الشهر.

وقال جيم موروني، الناشر والمدير التنفيذي للصحيفة: «نحن نوزع في تولسا ومدينة أوكلاهوما وليتل روك وهي بعيدة عن جنوب تكساس. وتكلفنا كثيرا من الأموال لإيصال الصحيفة إلى تلك الأماكن، وهذا بالتأكيد لم يكن أي شيء يقيمه المعلنون التجاريون عبر صحيفتنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»