30 ألف متطوع ينضمون إلى القوات الأميركية في تأمين المناطق «المطهرة» من «القاعدة»

الجيش الأميركي يضغط على الحكومة العراقية لضمهم إلى صفوف قواتها الأمنية

TT

تقدم أكثر من 30 ألف شخص من أبناء العشائر للعمل مع القوات الأميركية والعراقية خلال الأشهر الستة الأخيرة، وهذه ظاهرة انتشرت إلى ما وراء محافظة الأنبار لتصل إلى بغداد ومناطق العراق الأخرى، حسبما قال قادة عسكريون أميركيون.

من جانبها، أمرت الحكومة العراقية تحت إلحاح من السلطات الأميركية خلال هذا الشهر وحدات الجيش والشرطة بدمج المتطوعين في عملياتها. وقال الجنرال جون كامبل، نائب قائد القوات الأميركية في بغداد: «ذلك عمل هائل. وسيعطيهم دعما بقينا نبحث عنه».

مع ذلك، تظل أسئلة من هذا النوع مطروحة: هل ستصمد التحالفات مع شيوخ العشائر؟ وهل سيتمكنون من تحسين الأمن في المناطق المختلطة مذهبيا مثل محافظة ديالى وبغداد؟ وهل سيتمكنون من تعزيز الاستقرار والمصالحة الوطنية أو يدفع العراق إلى التجزئة عن طريق انتشار مجاميع مسلحة على رقعة أوسع.

من جانبهم، شن متمردون منتمون إلى القاعدة حملة اغتيالات لزعماء العشائر المتعاونين مع القوات الأميركية، وآخر ما قاموا به هو استخدام مهاجم انتحاري يوم الاثنين الماضي لقتل شيوخ عشائر ومسؤولين كانوا مجتمعين في جلسة مصالحة جمعت رجالا كبارا في السن من عشائر سنية وشيعية في محافظة ديالى. إضافة إلى ذلك، تعرضت مساعي القوات الأميركية قبل ذلك إلى قدر من العرقلة بسبب المعرفة المحدودة للزعامة العشائرية والأرض ودرجة النفوذ حسبما قال خبراء عسكريون.

وقال الليفتنانت كولونيل مايكل ايزنشتاد الذي أجرى بحثا بما يخص العشائر العراقية: «ما نقوم به سيؤول في الأخير إلى بروز اتجاهات طاردة. وعلى المدى البعيد سيتطلب جهودا كبيرة لإبقائها معاً».

وكان الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية في العراق قد أثنى على مبادرة العشائر للاشتراك مع القوات الأميركية كي تحمي مناطقها. واعترف أن «صحوة» العشائر التي بدأت قبل عام في محافظة الأنبار التي يشكل السكان السنة فيها نسبة 95% كانت لأسباب سياسية، وهي لا يمكن أن تحدث في كل مكان لكنه قال إن التحول في الولاء راح ينتشر.

وفي بغداد تطوع أكثر من 8000 شخص سني من أبناء العشائر في مناطق مثل المنصور وأبو غريب، وهم يمرون بفترة التدقيق قبل ضمهم إلى الشرطة العراقية حسبما قال كامبل. وهناك ما يقرب من 1500 شخص انضموا إلى الشرطة وتمكنوا من إكمال فترات تدريبهم خلال الأسبوعين الأخيرين، حسبما قال الميجور جنرال جوزيف فل، قائد القوات الأميركية في بغداد. وإلى جنوب بغداد في وسط العراق، تطوع أكثر من 14 ألف شخص خلال الأشهر الأخيرة لتوفير الأمن المحلي ويبلغ عدد السنة فيهم حوالي 12 ألفا بينما هناك 2000 شيعي ضمن هذا العدد من سكان المنطقة، حسبما قال الجنرال ريك لينتش القائد العسكري الأميركي للمنطقة.

وهذا يشكل زيادة بـ10 آلاف شخص عن عدد أولئك الذين تطوعوا في شهر أغسطس (آب) الماضي حسبما قال لينتش.

ويعزى مسعى القيادة العسكرية الأميركية لتجنيد أبناء العشائر جزئيا إلى الحاجة لعدد أكبر من القوات من أجل توفير أمن المناطق التي نظفت على يد القوات الأميركية والعراقية من المتمردين ضمانا لعدم سيطرتهم عليها لاحقا. وقد تمكنت هذه القوات من طرد المتمردين من 46% من مناطق بغداد البالغ عددها 474 حسبما قال فل، وأضاف أنه يأمل بأن تكون قوات الأمن المتأتية من السكان مصدر تحفيز للتغيير.

وقال الجنرال بنجامين ميكسون، القائد الأميركي لشمال العراق، ان العشائر توفر النفوذ الذي لا يمكن تجاهله. وقال في مقابلة معه «ليست لدينا قوات كافية لحماية كل قرية صغيرة. واذا كان بوسعنا الاتفاق مع أغلبية جيدة من الشيوخ للعمل معنا، فان هذا يقلص المنطقة التي يمكن أن يعمل فيها العدو». غير ان حكومة العراق التي يقودها الشيعة تنظر بقلق للقوات العشائرية السنية في معظمها، خصوصا وقد ظهرت في مناطق مختلطة الطوائف قرب بغداد. وقال كامبل ان «الحكومة لديها هذا الخوف من أن هذا سيتحول الى انتفاضة مسلحة»، مشيرا الى انه قضى اسابيع يرافق القائد العراقي لبغداد اللواء عبود قنبر في مناطق تتطوع الى العمل فيها قوات عشائرية.

وقال كامبل «في البداية كان مترددا ولكنه شجاع وحالم بما يكفي لدعمها». وكانت النتيجة قرار الحكومة العراقية الصادر في الأسبوع الأول من سبتمبر من جانب لجنة المصالحة الوطنية الى وزارتي الدفاع والداخلية ومؤسسات اخرى ويطلب من القادة العمل مع المتطوعين.

ويأمل القادة العسكريون الأميركيون ان وضع القوات السنية العشائرية على قوائم الرواتب الحكومية كشرطة او جنود سيعزز ايضا عملية المصالحة عبر توفير وظائف للسنة وربطهم بالحكومة المركزية.

وسيكون الاختبار هو المدى الذي يمكن أن يساعد به أفراد العشائر والمتطوعون الآخرون على تهدئة المناطق المختلطة مثل ديالى حيث كان القتال متصاعدا خلال العام الماضي. وفي ديالى التي تقع بين بغداد وايران 25 من العشائر الرئيسية، بينها ستة مختلطة بين السنة والشيعة.

وقلصت العمليات العسكرية الأميركية والعراقية العنف في ديالى في الأسابيع الأخيرة وفقا لما تظهره المعطيات العسكرية. وقد تطوع ما يقرب من 3500 من العشائر والجماعات الأخرى لقوات الأمن المحلية، وساعد اتفاق عقد مؤخرا بين 68 من زعماء العشائر على ايقاف القتال بين القرويين الشيعة والسنة وفقا للكولونيل ديفيد سوثرلاند، قائد لواء اميركي في ديالى. ولكنه قال ان الشكوك عميقة، وان اتفاق سلام عقد العام الماضي بين اثنين من المدن المتحاربة ارتبط بشهور من «الحرب الأهلية». ويصور بعض المحللين التعاون العشائري باعتباره سريع الزوال. وقال ايزنشتاد ان «الاتجاه الطبيعي بين العشائر هو التشظي». وقال ان أفعال العشائر اليوم مدفوعة بتهديد جماعات التمرد السنية مثل القاعدة في العراق. وتعهد شيوخ الأنبار في الرمادي بالمواصلة بعد أن قتل زعيمهم عبد الستار ابو ريشة يوم 13 سبتمبر الماضي حيث اعلنت «القاعدة» مسؤوليتها عن ذلك.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»