شلقم: ملف تعويضات لوكربي أغلق ونسعى لإبرام 3 اتفاقيات مع أميركا

وزير الخارجية الليبي لـ«الشرق الأوسط» : نسعى لإيفاد 3 آلاف طالب إلى أميركا سنوياً

TT

كشف وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم أن ملف تعويضات قضية لوكربي قد أغلق تماما، وأن بلاده تسعى لإبرام اتفاقيات مع الولايات المتحدة في مجالات الاستثمار وإلغاء الازدواج الضريبي والتبادل العلمي. وأوضح في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر الأمم المتحدة بنيويورك أن ليبيا قررت خصخصة كل قطاع النفط وفي كل المراحل بدءا من التنقيب والإنتاج وحتى الصناعات البتروكيمياوية. وعبر شلقم عن قناعته بأن الشركات الأميركية هي المؤهل الأساسي للاستثمار في قطاع النفط الليبي.

وأكد أن الاجتماع الأخير الذي عقده مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ركز بالدرجة الأولى على تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا التي شهدت انقطاعا دام حوالي ثلاثة عقود. وأوضح أن بلاده تأمل في إيفاد ثلاثة آلاف طالب للدراسة في الولايات المتحدة سنوياً. وفي ما يلي نص الحوار:

> عقدتم ثالث اجتماع مع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. تردد أنكم بحثتم موضوع تعويضات لوكربي وقضايا أخرى. هل يمكنكم إبلاغنا ما تم التطرق اليه في الاجتماع؟

ـ موضع تعويضات (لوكربي) قد انتهى، وما بحثناه في كل الاجتماعات وخاصة اجتماع الأسبوع الماضي (الأخير) هو العلاقات الثنائية. نركز الآن على (السعي لإبرام) ثلاث اتفاقيات. تتعلق الاتفاقية الأولى بحماية وتشجيع الاستثمار بين البلدين، لأن ذلك سيسمح لنا بالاستثمار في أميركا والدخول في أسواق البورصة الأميركية وكذلك للدخول في السوق الأميركية وهذا يحتاج الى حماية وإلى قانون للاستثمار. الشركات الأميركية تستثمر الآن بالمليارات في ليبيا وبالذات في قطاع النفط والآن بدأت تستثمر في البنى التحتية، ونحن في ليبيا سوف نقوم بخصخصة كل قطاع النفط (من الاستكشاف الى الانتاج والبتروكيمياويات) ونعتقد أن أكبر مؤهل للاستثمار في هذا القطاع هي الشركات الأميركية.

أما الاتفاقية الثانية التي نريد الوصول إليها فتتعلق بإلغاء الازدواج الضريبي أي أن الشركة التي تستثمر في ليبيا قد تدفع ضريبة في ليبيا ولا تدفع الضريبة في أميركا وبالعكس. وهذا الأمر سيساعد الشركات لتجنب دفع الضرائب المزدوجة وبالتأكيد سيكون الاستثمار الأميركي في حقل النفط في ليبيا أكبر من الاستثمار الليبي في الولايات المتحدة.

وتتعلق الاتفاقية الثالثة التي نسعى للوصول إليها بالمجال العلمي والبحث العملي. ونحن نأمل في ليبيا التمكن في إيفاد حوالي ثلاثة آلاف طالب ليبي سنوياً. كان لنا في أميركا قبل مشاكلنا مع الولايات المتحدة حوالي 4 آلاف طالب ليبي في الجامعات الأميركية. ما نريده هو العودة لتعليم شبابنا في مجال هندسة النفط والهندسة بصفة عامة والطب وغيرها من المجالات العلمية.

> وماذا عما تبقى من تعويضات لوكربي؟ ـ هناك أفراد رفعوا هذه القضية لكن هذه المسألة عالجناها عن طريق فتح حساب كان مشروطا. كان الاتفاق مع أسر الضحايا يقضي بتقديم تعويضات قدرها 10 ملايين دولار (لعائلة كل ضحية) تقسم على ثلاث مراحل، فعندما رفع الحظر الدولي المفروض علينا من قبل مجلس الأمن حول مبلغ 4 ملايين دولار لكل ضحية. وعندما رفعت العقوبات الأحادية الأميركية المفروضة علينا دفعنا 4 ملايين دولار أيضا من نفس الحساب. كان الاتفاق بأن تدفع لعائلة كل ضحية 2 مليون دولار عندما يرفع اسم ليبيا من قائمة وزارة الخارجية الأميركية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب. كان لهذا الاتفاق تاريخ محدد. لم تنفذ الاتفاق وكان المفروض أن نسحب أموالنا من الحساب الموجود في سويسرا، لكننا قررنا من جانبنا تمديد الاتفاق أكثر من مرة ولم تتخذ الاجرءات الأميركية برفع اسمنا من القائمة فقمنا بإعادة المال، وما حدث أن الولايات المتحدة قررت رفع العقوبات خارج إطار الاتفاق مع محامي عائلات الضحايا، وبالتالي فإن ملف التعويضات قد أصبح مغلقا.

> تردد أنكم وجهتم دعوة الى وزيرة الخارجية الأميركية رايس لحضور اجتماع طرابلس الخاص بقضية دارفور في نهاية الشهر الحالي، وأنها كانت مترددة ولم تحدد موعدا للزيارة. هل يعني هذا أن العلاقات بين البلدين لم تصل الى المستوى الذي يهيئ لزيارة وزيرة الخارجية الى طرابلس؟ ـ لم تكن مترددة وهي، كما أوضحت لنا، حريصة على زيارة ليبيا وعلى حضور المؤتمر الخاص بدارفور، لكنها اعتذرت بسبب التزاماتها السابقة. لديها جدول أعمال مزدحم وضاغط. لكن رغم هذا وعدت أنها في حال حصلت على أية ثغرة زمنية أو فاصل، فستحرص على زيارة ليبيا.

> وماذا عن التبادل الدبلوماسي بين طرابلس وواشنطن هل وصل الى مستوى السفراء أم ما زال على مستوى القائم بالأعمال؟ ـ لقد جرى هذا منذ زمن طويل، والتمثيل الدبلوماسي بين البلدين هو على مستوى السفارات الآن. وعدم وجود سفير لا يعني أن التمثيل الدبلوماسي ناقص. رشحت الإدارة (الأميركية) سفيرا لها في ليبيا وهو ينتظر موافقة الكونغرس ونحن أيضا سنبحث عن سفير (نعينه) في واشنطن. العلاقات الدبلوماسية موجودة وتوجد لنا سفارة في واشنطن كما لديهم سفارة في طرابلس. > ما هو الدور الذي ستلعبه ليبيا في اجتماع دارفور ولماذا اختيرت طرابلس لاستضافة هذا المؤتمر؟ ـ لقد تابعت ليبيا هذه القضية منذ البداية وهي واعية بخطورتها وحساسيتها. خطورة النزاع تكمن في قدرته على تسميم العلاقات الاجتماعية في الإقليم وليس تسميم العلاقات السياسية فحسب. قد يساهم في تصعيد خطير داخل السودان وحول السودان. قامت ليبيا بدور منذ البداية لحل هذا النزاع من خلال الدور الإنساني وتقديم المساعدات. وقد أعطينا ممراً لبرنامج الغذاء العالمي لتصل المساعدات عن طريق البحر الى بنغازي ومن هناك إلى كفرة التي تعد أقرب نقطة إلى دارفور. وقد جعلنا المخازن العسكرية في منطقة كفرة تحت تصرف برنامج الغذاء العالمي وقدمنا الغاز والنفط بسعر رمزي تماماً. وعلى المستوى السياسي، كان لنا، منذ بدء هذه المشكلة، دور من خلال اتصالاتنا مع الحكومة السودانية وكل جماعات المعارضة. لقد عقدنا اربع قمم في ليبيا لمعالجة النزاع في دارفور وحققنا المصالحة بين تشاد والسودان ومصالحات داخل أفريقيا الوسطى لأن كل هذه المنطقة لها صلة بالمشكلة الناجمة عن دارفور.

ثم ليبيا لم تطلب استضافة المؤتمر (المقبل الذي سيعقد في طرابلس يوم 27 من الشهر الجاري) والذي ينظمه الاتحاد الأفريقي بالاشتراك مع الأمم المتحدة، لكن كل الأطراف بما فيها الحكومة السودانية وفصائل المعارضة هي التي اقترحت أن يكون مقر المؤتمر في ليبيا. > ما هو المتوقع من هذا المؤتمر، خاصة أن الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة يؤكدون على أهميته؟ ـ الجميع يقول إن هذا الاجتماع يجب أن يكون النهائي لأنه سبقت هذا اللقاء اجتماعات ولقاءات واتفاقيات وقعت في أبوجا لكن رغم ذلك لا زال الموت على الأرض ولا زالت معاناة اللاجئين والنازحين مستمرة. لذا يأمل الجميع أن يكون هذا اللقاء هو النهائي من أجل الوصول الى اتفاق لحل النزاع في دارفور. ثم إن الهدف الأساسي للمجتمع الدولي ولكل الأطراف المعنية هو وقف مأساة سكان إقليم دارفور. ندرك أنه لا يستطيع أن يحصل كل طرف على ما يريد، لا الحكومة السودانية ولا فصائل المتمردين، ولذا فمن المهم أن يحضر الجميع إلى هذا المؤتمر. > هل ستساهم ليبيا في قوات حفظ السلام بدارفور؟

ـ نعم لليبيا قوات وسوف تساهم بمعدات وقوات كمراقبين. لدينا الآن قوات تقوم بالمراقبة على الحدود المشتركة بين السودان وتشاد، لكن ليبيا لن تبعث بقوات كبيرة الى دارفور.

> أفادت مصادر دبلوماسية بأن الاتحاد الأوروبي دفع موريتانيا لمنافسة ليبيا على شغل مقعد غير دائم بمجلس الأمن، عن شمال افريقيا، للسنتين القادمتين.

ـ هذا غير صحيح على الإطلاق، ولم يفعل هذا لا الاتحاد الأوروبي ولا أميركا. الموضوع كما اعتقد محسوم وعضويتنا في مجلس الأمن هي حقنا منذ دورتين. ففي المرة الأولى تنازلنا عن حقنا إلى مصر ثم في الدورة قبل الأخيرة اتفقنا مع الجزائر لتأخذ المقعد المخصص لنا. وقد حصلت ليبيا على تأييد القمة الإفريقية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي واتحاد المغرب العربي. ما حصل هو أن موريتانيا كانت تعد من مجموعة دول غرب أفريقيا ثم انتقلت إلى مجموعة شمال أفريقيا سنة 2004. وكما تعلمون لدينا خمسة أقاليم في إفريقيا، في الشمال والغرب والشرق والوسط والجنوب. وقد بادرت موريتانيا بنفسها للترشح لعضوية مجلس الأمن عن المقعد المخصص لدول شمال أفريقيا. > إذا كان هناك قرار اتخذ بالإجماع من قبل القمة الإفريقية بترشيح ليبيا فكيف دخلت موريتانيا وهي العضو في الاتحاد الأفريقي لمنافسة ليبيا؟ ـ تصرفت موريتانيا على أساس انها انضمت إلى إقليم الشمال عام 2004 واعتقدت أن دورها قد حان لعضوية مجلس الأمن. والحجة الثانية التي استندت إليها هي قولها انها كانت لفترة طويلة محرومة من عضوية الاتحاد الافريقي منذ الانقلاب العسكري الذي جرى فيها ولم تعد الى الاتحاد إلا بعد الانتخابات الاخيرة. وبعد أن تحدثنا بوضوح مع إخوتنا في موريتانيا بادروا بسحب ترشيحهم لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة. والآن المرشح الوحيد للمقعد غير الدائم عن شمال أفريقيا هو ليبيا.

> يقال إن لليبيا علاقات متميزة مع إيران. هل تشعرون أن طهران تريد أن تذهب بعيداً في برنامجها النووي ليتحول فعلا إلى برنامج عسكري؟ ـ أنا شخصيا ليست لدي معلومات دقيقة حول هذه المسألة والمعلومات التي نستقيها عن برنامج إيران النووي تأتي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ليبيا الآن عضو في مجلس محافظي الوكالة وما لدينا من معلومات هي من الوكالة. الوكالة تقول إن برنامج إيران لا يزال يدور ضمن التزاماتها الدولية (معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي) وهناك من يقول إن إيران قد تجاوزت الخط الأحمر في برنامجها النووي. وفي حقيقة الأمر فإن الخطاب السياسي والإعلامي لإيران هو الذي أحدث ضجة في الرأي العام الإقليمي والدولي. ورغم ذلك نحن نعتقد أن الجهود الدبلوماسية لمعالجة الأزمة لم تستنفد بعد ولا نعتقد أن الحرب مع إيران ستحسم الأزمة مع إيران.

أي حرب محتملة مع إيران سيدفع ثمنها العرب بشكل باهظ وهذا ما نريد تجنبه ونأمل من الجميع أن يتحلى بمنطق العقل وحل الأزمة بالوسائل الدبلوماسية. واعتقد أن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين لم يستخدموا لغة الحرب حتى الآن وأن هذه اللغة والتصعيد موجود فقط في وسائل الإعلام وخصوصا الصحف الفرنسية.

> عرفت العلاقات بين السعودية وليبيا فترة من التوتر. كيف تصفون العلاقة بين البلدين الآن؟ ـ العلاقة الآن عادية وطبيعية ولا اعتقد أن هناك أية مشاكل. لقاءاتنا دائمة وعادية وودية سواء في الاجتماعات الرسمية على المستوى العربي والدولي ومن الممكن وصفها بالعلاقة الطيبة.