قبرص حلقة ضعيفة في تحصينات أوروبا ضد الهجرة غير الشرعية

الخط الأخضر الذي يعبر الجزيرة من الشرق الى الغرب بات حدودا برية للاتحاد الأوروبي

مهاجرون أفارقة فضلوا عدم الكشف عن هويتهم بالقرب من الخط الأخضر الذي يفصل قبرص التركية عن اليونانية (أ.ف.ب)
TT

تحول «الخط الأخضر» الذي يفصل بين جمهورية قبرص المعترف بها دوليا و«جمهورية شمال قبرص التركية» التي لا تعترف بها الا تركيا، مع انضمام قبرص الى الاتحاد الأوروبي في 2004 الى الحدود البرية الأكثر هشاشة لأوروبا، موفرا فرصة جيدة للمهاجرين غير الشرعيين ووسطائهم.

وبالفعل فان هذا الخط الذي يعبر الجزيرة من الشرق الى الغرب، أصبح في الأول من ابريل (نيسان) 2004 حدودا برية للاتحاد الأوروبي وذلك لعدم تمكن شمال الجزيرة المحتل منذ 1974 من الانضمام بحكم الأمر الواقع الى الاتحاد الأوروبي.

ومنذ ذلك التاريخ تفاقمت مشكلة الهجرة غير الشرعية التي لم تكن معروفة تقريبا في قبرص وذلك أساسا من خلال «الخط الأخضر».

وقضية «المهاجرين غير الشرعيين» الذين يتدفقون بأعداد كبيرة من دول جنوب الصحراء الأفريقية نحو أوروبا تتفاعل وتأخذ منحى دراماتيكيا يوما بعد يوم.

وبحسب أرقام مكتب الهجرة القبرصي فانه وحتى العام 2006 وصل الى جزيرة قبرص 3778 مهاجرا سريا بينهم 16 فقط وصلوا الى سواحل القسم الجنوبي من الجزيرة، أما البقية فإنهم قدموا الى سواحل «جمهورية شمال قبرص التركية».

وقال خريستوس باتساليدس، وزير الداخلية القبرصي، الأسبوع الماضي «ان قضية الهجرة غير الشرعية هي احد اخطر القضايا التي نواجهها» وخاصة المهاجرين القادمين «من المناطق المحتلة»، معتبرا أن الأمر يعني «مجمل الدول الأوروبية».

وقال مكتب الهجرة ان نحو 200 شرطي قبرصي يقومون بدوريات في المنطقة. ويقول الخبراء ان هذه الأعداد غير كافية. وبالفعل فلئن كانت الأسلاك الشائكة وأكياس الرمل تفصل القبارصة اليونايين والقبارصة الأتراك في نيقوسيا فان ال 180 كلم الباقية من «الخط الاخضر»ليست واضحة المعالم في اغلب الاحيان ويسهل اجتيازها.

وقال اميليو لامبرو المسؤول في قسم مراقبة الحدود «لقد فكرنا في نظام كاميرات في الأماكن الأكثر حساسية غير ان ذلك يكلف الكثير من المال. ولا يمكننا بناء جدار».

ويمثل أي فصل مادي سواء عبر جدار او حاجز بالنسبة للسلطات القبرصية اليونانية اعترافا ضمنيا بـ«جمهورية شمال قبرص التركية». أما قوات الأمم المتحدة التي يبلغ قوامها 860 جنديا فإنها «موجودة في الجزيرة للسهر على احترام وقف اطلاق النار بين القبارصة الاتراك واليونانيين وليس باي حال لمكافحة الهجرة غير الشرعية»، كما يؤكد بريان كيلي المتحدث باسم المنظمة.

وتكتفي القوات البريطانية التي تسيطر على قاعدتين مساحتهما 250 كلم مربعا في القسم اليوناني من الجزيرة، بالقيام بدوريات برا وبحرا.

في الأثناء تثير سهولة اجتياز «الخط الأخضر» قلق الاتحاد الأوروبي. وحتى الآن يقبع المهاجرون السريون في الجزيرة غير ان قبرص ستنضم العام المقبل الى فضاء شنغن الذي يتيح حرية حركة الأشخاص.

وقال لامبرو «ان توقيع هذه الاتفاقية قد يتم تأخيره. يجب ان تأتي لجنة للتثبت من مستوى الأمان في مطاراتنا وعند الخط الأخضر. ونحن ننتظر رأيها للتمكن من الانضمام الى فضاء شنغن ربما في 2009». غير ان مصدرا مقربا من الحكومة بدا أكثر تشاؤما.

وقال المصدر طالبا عدم كشف هويته «لن تنضم قبرص أبدا الى فضاء شنغن على الأقل لحين توحيد الجزيرة الأمر الذي يبدو بعيدا. ولن تقبل بروكسل أبدا بحدود بهشاشة الخط الأخضر على بابها». وأضاف ان الحل سياسي قبل اي اعتبار آخر.

وتابع «ان حرس حدود اكثر نجاعة وتجهيزات تقنية افضل يمكن ان تخفف من تدفق المهاجرين السريين غير ان ذلك لن يحل المشكلة. يجب قبل كل شيء الضغط على تركيا».

ويشاطر العديد من المسؤولين القبارصة اليونانيين هذا الرأي. وقال لامبرو «في 2003، سهلت أنقرة منح التأشيرات لرعايا دول مثل سورية وايران. ومنذ ذلك الوقت فان اغلب القادمين الينا هم من رعايا هذه الدول، وهم يصلون عبر تركيا والشطر الشمالي» من قبرص. وأضاف «على الاتحاد الأوروبي ان يضغط على تركيا. نحن جزيرة صغيرة واقتصادنا لا يمكنه استيعاب مثل هذا التدفق» للمهاجرين غير الشرعيين.