طالباني: نسعى لشراء أسلحة صينية للشرطة العراقية بقيمة مائة مليون دولار

الصفقة تثير قلق المحللين العسكريين الأميركيين

TT

طلب العراق معدات عسكرية خفيفة من الصين لقوات الشرطة بقيمة 100 مليون دولار، مجادلا بأن الولايات المتحدة غير قادرة على توفير المعدات، وانها بطيئة جدا في توفير شحنات الأسلحة، وفقا لما قاله الرئيس العراقي جلال طالباني اول من امس.

وأثارت صفقة الصين، التي لم يعلن عنها سابقا، قلق المحللين العسكريين الذين يلاحظون ان قوات الأمن العراقية غير قادرة على بيان مصير ما يزيد على 190 ألف قطعة سلاح جهزتها الولايات المتحدة، التي يعتقد أن الكثير منها وقعت في ايدي الميليشيات الشيعية والسنية والمتمردين وقوات أخرى تسعى الى زعزعة استقرار العراق وتستهدف القوات الأميركية.

وقالت راشيل ستوهل من مركز المعلومات الدفاعية، وهو فريق عمل مستقل، ان «المشكلة تتمثل في ان الحكومة العراقية لا توجد لديها، حتى الآن، خطة واضحة للتوثق من أن الأسلحة وزعت، وانها خضعت لمراقبة وتدقيق بالصورة المناسبة، وستترك مراقبة التطبيق النهائي بأيدي الحكومة والجيش في العراق، وهما غير مستعدين لذلك حتى الآن. وليس هناك سبيل امام الولايات المتحدة لتفويضهم للقيام بذلك اذا لم تكن اسلحة أميركية».

وجاءت أنباء صفقة الأسلحة العراقية بينما ابلغ الجنرال رايموند أوديرنو، أعلى قائد عسكري اميركي للعمليات اليومية في العراق، الصحافيين في «واشنطن بوست» أول من امس بأنه يتوقع أن يكون الوجود العسكري الأميركي في البلاد ضروريا على الأقل لفترة تتراوح بين ثلاث الى خمس سنوات أخرى، وسيشكل ما يتراوح بين 25 الى 50 ألفا من القوات، اعتمادا على الظروف الأمنية. ويجري اعداد خطط تفصيلية للجيش الأميركي للبدء بتقليص مهمته الأساسية من مهمة مكافحة التمرد المضاد الى دور استشاري وتدريبي، الأمر الذي يعني سحب القوات الأميركية من المدن العراقية واغلاق بعض القواعد الأميركية، وفقا لما قاله أوديرنو. وقال أوديرنو وطالباني اللذان التقيا بصورة منفصلة مع محرري «واشنطن بوست»، انهما يتوقعان ان تتوصل حكومتاهما الى معاهدة أمنية ثنائية طويلة الأمد في عام 2008.

وتعتبر قدرات قوات الأمن العراقية محورية بالنسبة لاستراتيجية الخروج من العراق، مع تأسيس قوة شرطة حيوية وحاسمة بالنسبة للمصالحة الوطنية. وقال طالباني ان واحدا فقط من بين كل خمسة من ضباط الشرطة العراقية مسلح، ودعا الى توفير اسلحة اسرع من جانب الولايات المتحدة، من أجل تعزيز قدرات الجيش الفتي في العراق.

ويعرف عن الشرطة العراقية انها مخترقة من جانب الميليشيات والمسلحين وتستخدم موارد البلاد لغاياتها، وفقا لما قاله ويليام هارتونغ، مدير مؤسسة مبادرة الأمن والأسلحة الأميركية الجديدة، الذي اشار الى أنه «بغض النظر عن الرغبة المحتملة في أنواع جديدة، هناك أكوام من الأسلحة التي تتنقل في مختلف انحاء العراق».

وتلقي صفقة الأسلحة الصينية الضوء على نزاع أكبر بين الولايات المتحدة والعراق حول اعادة بناء القوات المسلحة والشرطة العراقية. وقد اشتكى المسؤولون العراقيون منذ زمن بعيد من موضوع امداد الأسلحة والمعدات لأفراد قواتهم، مشيرين الى ان قوات الأمن العراقية غالبا ما تقوم بأعمال الحراسة بسيارات «البيك اب»، وبدون دروع حامية على امتداد الطرق التي توجد فيها القوات الأميركية المزودة بستر واقية من الرصاص وهي تستقل عربات مدرعة.

وأبلغ السفير العراقي لدى الولايات المتحدة سمير الصميدعي الصحافيين الصيف الماضي انه «يوجد احباط عام لدى الحكومة العراقية من معدل تزويد القوات العراقية بالأسلحة والمعدات. هذا عمل تعاوني بين الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة، والعملية لا تسير بالسرعة الكافية لتحسين القدرة القتالية للقوات المسلحة العراقية. ولا بد من ايجاد وسيلة لتحسين هذه العملية».

وكان طالباني قد اعرب عن خيبة امله تجاه التأخير، وقال ان سعة المصانع ليست كافية على نحو يسمح بتوفير كل الاحتياجات بصورة سريعة، حتى بالنسبة للجيش. وأضاف قائلا ان واحدا من مطالبهم تسريع تسليم هذه الاسلحة الى الجيش العراقي. واصبح العراق واحدا من أكبر المشترين للاسلحة الاميركية الصنع. وكان الجنرال ديفيد بترايوس، القائد العام للقوات الاميركية في العراق، قد ابلغ الكونغرس الشهر الماضي ان بغداد وقعت اتفاقيات لشراء اسلحة اميركية بقيمة 1.6 مليار دولار، مع احتمال شراء اسلحة اخرى بقيمة 1.8 مليار دولار.

وقال برايان ويتمان، المتحدث باسم البنتاغون، ان الولايات المتحدة تعمل عن كثب على مساعدة العراق في الحصول على المعدات العسكرية المناسبة. واعترف مسؤولون اميركيون بوجود مشاكل في ايصال الاسلحة في الموعد المحدد. فقد صرح مسؤول في الادارة الاميركية على صلة بسياسة واشنطن تجاه العراق، بأن مصانع السلاح الاميركية تعمل على تزويد القوات الاميركية بالسلاح. واعترف بعدم القدرة حاليا على انتاج هذه البنادق والمعدات الاخرى التي يحتاجها الجيش العراقي. وكانت الولايات المتحدة قد اشترت عامي 2004 و2005 نحو 185000 بندقية كلاشنيكوف من دولة في اوروبا الشرقية اثر رفض العراقيين بنادق إم 16 الاميركية الصنع كجزء من برنامج بقيمة 2.8 مليار دولار لتزويد العراق بمعدات عسكرية، إلا ان تقريرا صادرا عن المكتب العام للمسؤولية الحكومية أشار الى ان 110 قطعة سلاح لم يعثر عليها، فضلا عن اختفاء حوالي 30 في المائة من كل الاسلحة التي وزعتها الولايات المتحدة على القوات العراقية ابتداء من عام 2004.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»