مسؤولة في إقليم الأندلس تقترح على الحكومة الإسبانية ترحيل 988 قاصراً مغربياً

TT

أعلنت ميكاييلا نافارو، المستشارة المكلفة الرعاية الاجتماعية في حكومة إقليم الأندلس باسبانيا، أن هذه الأخيرة اقترحت على الحكومة المركزية في مدريد، الموافقة على ترحيل 988 طفلا مغربيا قاصراً وإعادتهم إلى وطنهم، موضحة أن الإدارة الأندلسية، درست ملف كل مهاجر مغربي قاصر على حدة، وتأكدت من توفر كافة الضمانات الكفيلة بتسهيل عودتهم إلى بلدانهم لاستئناف حياتهم في أحضان عائلاتهم.

وناشدت نافارو، التي كانت تتحدث أول من أمس أمام البرلمان المحلي، الطبقة السياسية في الأندلس ألا تلجأ إلى ما سمته إعلان «حالة إنذار اجتماعي» حين إثارة قضية إنسانية معقدة مثل ترحيل القاصرين التي ستتم عندما تعطي السلطات المغربية الضوء الأخضر لتنفيذ العملية دون أن تحدد موعدا لها، على اعتبار أن الأمر ليس بيدها، نافية أن يتم اللجوء إلى ترحيل القاصرين إلى مراكز الإيواء الموجودة في المغرب، نظرا للهشاشة والنقص الذي تعانيه تلك المراكز، في مجال التجهيزات وشروط الإيواء، مضيفة أن كل عملية ستتم بعد توفر شروطها، وذلك بأن توافق أسرة القاصر على استقباله وأن تضمن له ظروف عيش ملائمة.

وقالت نافارو إنه لن يتم إكراه الأطفال المعنيين على العودة بل سيؤخذ رأيهم بالاعتبار، مبرزة أن حكومة الأندلس لا يمكنها أن تعالج مشكلة هجرة القاصرين بمفردها، ولذلك فإن مساعدة الدولة الإسبانية وكذا الاتحاد الأوروبي، ضرورية في هذا المجال، مشيرة إلى أن مبلغ أربعة مليون يورو، التي ستمنحها حكومة مدريد إلى الحكومة المحلية في الأندلس في غضون الأيام المقبلة، ستخصص بالكامل لاستقبال المهاجرين الصغار غير المرفقين بأسرهم.

من جهته، عارض نائب من اليسار الموحد، إجراءات الترحيل، وطالب الحكومة المحلية أن تفتح مراكز إيواء جديدة، مستدلا بالتجارب السلبية التي أقدمت عليها حكومات محلية أخرى في مناطق من إسبانيا، والتي سببت في نظره أضرارا للقاصرين. لكن نافارو اعترضت على الاقتراح قائلة إنه لا يمكن الزيادة في المراكز، بالنظر لمحدودية المساعدات التي يمكن أن تتوقف في يوم ما، إضافة إلى أن المراكز الجديدة يمكن أن تشجع أطفالا آخرين على الإقبال على مغامرة القدوم إلى إسبانيا بمجرد علمهم بذلك، مؤكدة أنه لا يمكن لأية حكومة أن تقبل كل الهاربين من البؤس الاجتماعي الذي يعانونه في بلدانهم الأصلية، خاصة أن وصول القاصرين إلى الأندلس يتم يوميا وبدون توقف، ليس بواسطة القوارب الخشبية فقط، ولكن الأطفال يندسون كذلك داخل الشاحنات والسفن التجارية، علما أن أعمارهم لا تتعدى في الغالب 12 عاما. وأبرزت المسؤولة في حكومة الأندلس، أن أكثر من 91 في المائة من الأطفال يأتون من المغرب فيما تتوزع النسبة الباقية بين الجزائر والسنغال.

من جهتها، قالت مارتين مويا، النائبة البرلمانية عن الحزب الشعبي المعارض إن عدد القوارب الخشبية التقليدية أو تلك التي تدعى «الكايوكوس»، التي وصلت إلى شواطئ ألميرية (الأندلس) تضاعفت أربع مرات منذ عام 2004.

وفي نفس السياق، احتج خوصي شاميثو، محامي الشعب في إقليم الأندلس، على ما وصفه الفوضى التي ترافق ترتيبات إعادة القاصرين إلى المغرب والتي لا يمكن أن تنجز إلا بعد موافقة وقبول المغرب البلد المعني، في إشارة واضحة إلى تصريحات الوزيرة نافارو، التي قالت إن العودة يمكن أن تتم اليوم أو غدا أو بعد أربع سنوات.

وشدد شاميثو على القول ان ترحيل الأطفال لا يمكن أن يتم بصورة جماعية، رغم اعترافه بأنه في كل يوم يصل إلى الشواطئ الإسبانية قادمون جدد، معربا عن اعتقاده أنه لا يجب وقف مسار حياة الأطفال الذين يتابعون دراستهم بمراكز الإيواء، متسائلا في ذات الوقت: إلى أين سيذهبون إذا كانت أسرهم لا تستطيع إعالتهم؟ بمعنى أنهم سيحاولون العودة مجددا إلى البلد الذي رحلوا منه.

ودعا محامي الشعب إلى معالجة الموضوع بهدوء وعلى مراحل، مقترحا أن يتم تأهيل الأطفال القاصرين في مراكز الإقامة المتوفرة حتى يكون في إمكانهم الانخراط في سوق العمل، وذلك ما يجب أن تتعاون عليه كافة الحكومات المحلية التي يوجد فوق ترابها لاجئون صغار، مضيفا أن على هذه الأخيرة أن تتعاون مع الحكومة المغربية، في أفق عودة أولئك القاصرين إلى وطنهم بعد أن يصبحوا مؤهلين للعمل وحاصلين على خبرة تضمن لهم الشغل حتى في أوطانهم. وخلص إلى القول إن العودة إلى أحضان عائلة محتاجة في الأصل، تعني رجوع القاصر إلى نفس المكان الذي رحل منه.

وفي الوقت الذي لا تقدم فيه السلطات المغربية توضيحات كافية عن الموضوع، مكتفية بمعلومات مقتضبة وشحيحة أثناء زيارة مسؤول إسباني إلى الرباط له علاقة بموضوع الهجرة السرية، وخاصة فئة الأطفال القاصرين، أشارت الصحف الإسبانية أمس إلى أن لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإسباني، صادقت أول من أمس على بنود الاتفاق المبرم بين مدريد والرباط بخصوص ترحيل القاصرين.

وكانت ماريا تريسا دي لافيغا، نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، ذكرت قبل اسبوع في البرلمان، أن الاتفاق المتوصل إليه بين حكومة البلدين تم يوم السادس من مارس (آذار) الماضي، وينص على إعادة القاصرين المغاربة إلى بلدهم ضمن شروط لائقة، وبتشاور بين مسؤولي البلدين. والاتفاق المغربي ـ الإسباني، هو الثالث من نوعه في هذا المجال بعد اللذين أبرمتهما إسبانيا مع السنغال ورومانيا.

وعارض اليسار الموحد في البرلمان الإسباني، الاتفاق، كونه لا يحل المشكلة من جذورها إضافة إلى أن الإجراء لا يراعي حقوق الأطفال الأساسية المنصوص عليها في المواثيق الدولية، مبرزا أن هيئات المجتمع المدني في إسبانيا التي تعمل من أجل مساعدة الأطفال الضائعين، تبرز بوضوح أن عمليات الترحيل السابقة تمت دون ضمانات.

يذكر أن موضوع القاصرين المغاربة الموجودين في إسبانيا، يشكل بالنسبة لحكومتي البلدين قضية إنسانية عسيرة على الحل. وكانت موضوع مشاورات واتصالات عديدة بين الرباط ومدريد، لدرجة أن القضية كادت تؤثر في وقت من الأوقات على العلاقات الطيبة القائمة بينهما، لاسيما عندما يشتد الضغط على الحكومة الاشتراكية في مدريد من قبل المعارضة اليمينية، التي تحملها مسؤولية تدفق المهاجرين غير الشرعيين على البلاد.

وهيمن موضوع استمرار الأطفال القاصرين المغاربة في إسبانيا على الموضوع الأصلي المتعلق بالكبار في وضعية غير قانونية، حيث جرى حديث منذ سنوات عن مشروع إقامة مراكز ايواء مؤقت في المغرب للمهاجرين السريين، على أن يتم إعادة انتشارهم نحو أوطانهم، على اعتبار أنهم مروا من المغرب في طريق رحلتهم إلى إسبانيا.

وكان المغرب قد عارض تلك الفكرة بشدة، بعد أن تحمست لها بلدان أوروبية، بل إن الاتحاد الأوروبي، في ظل الرئاستين البريطانية والألمانية، اعرب عن استعداده لتخصيص مساعدة مالية للمغرب لإقامة مراكز إقامة المهاجرين السريين الكبار، وتم الحديث عن مدينة بني ملال (وسط) كإحدى الأماكن المقترحة، لاستقرار المرحلين من بلدان أوروبية. واعتبرت جمعيات حقوق الإنسان في عدد من الدول الأوروبية، ذلك المشروع بمثابة مراكز اعتقال جديدة، تذكر الضمير الأوروبي، بأسوأ اللحظات في تاريخه المعاصر.