حول العالم بمجدافين ودراجة هوائية

اجتاز خلال 13 عاما محيطين وعاني من الملاريا وأجرى جراحتي فتق واتهم بالجاسوسية في مصر

لويس يحي ممثلي وسائل الاعلام (أ.ف.ب)
TT

كان جيسون لويس شابا عندئذ، وقد تخرج لتوه من جامعة لندن، وكان يدير مشروعه الخاص في تنظيف النوافذ ويعزف في فرقة للروك، عندما هاجمته الفكرة المرعبة من أن فترة حياته ستكون أقصر مما ينبغي.

وأبلغ سميث صديقه لويس قائلا: تعال معي لنسافر حول العالم. سنقوم بجولة في العالم مثل ماجلان الذي ركب الريح، ولكننا سنقوم بذلك عبر الدراجة الهوائية والقارب الذي يسير بالدواسات والقارب الخفيف والمزلج وعلى الأقدام.

قال لويس «متى سنبدأ؟» وكان الجواب يوم 12 يوليو 1994. وقد انتهى أحدهما يوم السبت الماضي، بعد 13 عاما، لكنه لم يكن سميث.

فقد كان لويس البالغ الآن 40 عاما يسير بقاربه عبر الدواسات في نهر التيمز، بعد رحلة بلغت 46405 ميلا، وبالضبط الى النقطة التي كان قد بدأ منها هو وسميث. وكان سميث الذي ترك الرحلة قبل خمس سنوات، يقف بهدوء بين المشاهدين المبتهجين، متزاحما مع طواقم الكاميرات التلفزيونية.

وعلى امتداد الرحلة اجتاز لويس محيطين، وفيهما لاحقه تمساح بطول 17 قدما في أستراليا، وعانى من نوبات الملاريا، وأجرى جراحتين للفتق وكاد يموت جراء تسمم الدم وهو على بعد 1300 ميل من هاواي، وواجه المرض وهو يقود دراجته فوق الهمالايا، وصدمته سيارة مما أدى الى كسور في ساقيه في كولورادو، وسرق تحت تهديد السكين في سومطرة واعتقل كجاسوس في مصر.

باع قمصان التي شيرت، وعمل في مهن غريبة ليجمع المال لرحلته ويستمر فيها. ووقع في الحب، وودع من أحب ليستمر في مشواره.

وقال لويس في نهاية رحلته، التي شملت 37 بلدا في شمال وجنوب خط الاستواء، وانتهت في غرينيتش «ثلاث عشرة سنة وصلت الى نهايتها. انها رحلة كبيرة وطويلة. وانه لمن السعادة أن يعود المرء الى موطنه». وكان لويس يقف مقابل الأمير ريتشارد، دوق غلوستر، الذي رعى الرحلة، وسمى القارب «موكشا»، وهي الكلمة السنسكريتية لكلمة «الحرية»، وهو يرتدي صندل الجنفاص وسروال الدراجة وسترة سميكة.

وقبل أن يبدأ لويس رحلته من غرينيتش قبل 13 سنة وشهرين و23 يوما، كان قد قضى ثلاثة ايام على ظهر قارب، ولم يركب دراجة مرة واحدة لمسافة تزيد على ثلاثة أميال.

ومع سميث عبر القنال الانجليزي، ووصلا بالدراجة الى ساحل البرتغال، وقضيا 111 يوما عابرين الأطلسي الى ميامي، وقضيا سنة يتنقلان خلالها في الولايات المتحدة.

وكانا قد شرعا بالرحلة عام 1997 بالدراجة الى اميركا الجنوبية، قاصدين العبور من بيرو الى أستراليا. ووصلا الى هندوراس قاطعين 3500 ميل في سبعة أشهر بالدراجة والقارب الخفيف، ولكن الرياح أرغمتهما على قطع آلاف الأميال باتجاه شمال سان فرانسيسكو. وقررا عبور المحيط الهادئ قرب خط الاستواء، وبدلا من ذلك مع توقفا في هاواي. وفي هاواي وبعد خمس سنوات على الرحلة توقف سميث عن مواصلة الرحلة.

وحافظ لويس على الاستمرار. ولاحقا كان يجلب عددا من العمال من وقت إلى آخر للمساعدة، لكنه استمر في التجذيف وحده لمدة 72 يوما عبر المحيط. وقال: «أنا سمحت للزورق بالانحراف فقط، حينما كنت أنام. أنا أبقى أجذّف في النهار والاستيقاظ في الساعة نفسها، حيث بدأت في اليوم السابق. وهذا كان أكبر جزء يتسبب في ضعف المعنويات خلال كل الحملة».

ووصل إلى استراليا مع ديون وصلت إلى 40 ألف دولار، وقضى أكثر من 3 سنوات لجمع الأموال والعمل مع المدارس، بينما كان يعبر الريف على دراجة. ثم بدأ لويس يجذف زورقه صوب جنوب شرقي آسيا. وعبر الصين على دراجة صوب التيبت ثم الهند، وأخذ قاربا إلى جيبوتي في شرق أفريقيا، ثم استخدم الدراجة للسفر عبر أفريقيا إلى تركيا، وبواسطة الدراجة أيضا سافر إلى فرنسا، قبل أن يعود إلى زورق تجذيف ليعبر القناة الانجليزية، ويصل إلى نهر التيمز.

وقال لويس: «الفكرة كانت للتمكن من السفر عبر البلدان والالتقاء بالناس، ومعايشة ثقافاتهم. أفترض أنها جزء من تحد جسدي، وجزء من عنصر القوة البشرية، أن تكون قادرا على السفر ببطء لتلمس الثقافة في كل جذورها، وعلى كل المستويات البشرية».

وأضاف: «أنا أحببت المحيط الهادئ. وأن تكون بعيدا من الضجيج والانشغالات الخاصة بالحياة اليومية، فهو أمر رائع. أنا وجدت هذا شبيها بحالة فلسفة الشنتو، حينما تكون في زورق ولا تعمل إلا شيئا واحدا في كل وقت، بدلا من القيام بأشياء كثيرة بطريقة سيئة في وقت واحد، مثلما يفعل المرء على اليابسة».

من جانب آخر لم يبد سميث مرتاحا في البحر، بعد أن علته أمواجه بطريقة مرعبة وعلى ارتفاع 30 قدما خلال هبوب عاصفة قوية كما قال لويس. وقال: «أكبر شجار وقع بيننا، حينما كانت لدي ملابس معلقة على حبل لكنني نسيتها، وظلت هناك لمدة يومين في الخارج، وأظن أن ستيف أطار مثبتة شراع. لو كنا أميركيين لكنا تكلمنا بصراحة، لكن لأننا بريطانيون فإننا بقينا هادئين حتى تحولت إلى مشكلة. أظن أنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير». وقال ستيف، 41 سنة، الذي نشر كتاب يوميات عن رحلتهما بعنوان «التجذيف إلى هاواي»: «لم يكن الهدف هو الانتهاء من المهمة. بل الهدف الرحلة بحد ذاتها. وأنا شعرت بأن علي ألا أقوم بأكثر مما قمت. أحيانا يحتاج المرء إلى شجاعة اكبر كي لا يقوم بشيء ما أكثر من البدء بعمل ما. ويظل الأمر محددا بمدى أن تكون صادقا مع نفسك».

* خدمة «لوس أنجلس تايمز» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)