السنيورة يعلن عن فجيعته بـ«مواقف تتعمد زرع الانقسام» .. والأكثرية تتمسك بانتخاب الرئيس وفق الدستور

مواقف نصر الله من الاغتيالات والاستحقاق الرئاسي تثير ردود فعل حامية

TT

توزعت امس السجالات السياسية في لبنان، بين التأكيد على انجاز الاستحقاق الرئاسي في مواعيده الدستورية والمواقف المنتقدة لما تضمنه خطاب الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الجمعة الماضي، لاسيما لجهة اقتراحه انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب اذا تعذر التوافق حول الرئيس الجديد ولجهة حصره مسؤولية الاغتيالات السياسية لقادة «14 آذار» بإسرائيل. واعتبر بعض الردود مواقف نصر الله «خروجاً» على اتفاق الطائف و«تجاهلاً» للشراكة و«تعمداً» لزرع الانقسام.

وفي هذا السياق، لفت رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى ان «العمل على تبرئة القاتل لا يليق بالالتزام الذي نشترك في حمله». وقال في كلمة القاها خلال افطار اقامته جمعية المقاصد الاسلامية في بيروت: «نحن نعرف ما فعلنا. لقد ارتكبنا جريمة الجرأة على اعتناق الحرية، والجرأة على محاولة اقامة الدولة الحرة والديمقراطية، وجريمة ممارسة القناعات الوطنية والقومية والانسانية من دون خوف ولا وجل. ولذلك نحن نعرف اهداف الاغتيالات. ولن نتردد في البقاء على التزامنا الوطني ايا تكن التكاليف والتضحيات. اما ان يأتي من يعمل ويروج لتبرئة القاتل وتمهيد الطريق لنفوذه، فهذه سخرية لا تليق بالالتزام الذي نشترك في حمله، ولا بالاستحقاقات الخطيرة التي يواجهها وطننا، وتواجهها امتنا بسبب الاستكبار والابتزاز والثأرية والعشوائية والخطابة لاستدرار الشعبية مع الجماهير وعلى قاعدة: يرضى القتيل وليس يرضى القاتل». اضاف: «لا نستطيع الا ان نعلن عن خيبتنا بل عن فجيعتنا بهذه المواقف من الاغتيالات السياسية والتفجيرات الامنية والعمليات الارهابية، ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. انها مواقف وممارسات تتجاهل الاخوة وتتجاهل الشراكة وتتعمد التعطيل والإضرار بحياة الناس وبكراماتهم، وتتعمد زرع الانقسام. .. ويمعن في التعمية، كما يوغل في الضغط على اهل المدينة، مدينة بيروت، وعلى جميع اللبنانيين من خلال الاستمرار في الاعتصام في وسطها لحوالي العام؟». وأكد انه «على رغم كل المعاناة او بسببها، لا نزال مصرين على العدالة والحرية،... ومصرون على ان يحصل الاستحقاق الرئاسي في مواعيده وعلى اساس من آلياته الدستورية».

من جهته، رأى المرشح الرئاسي لقوى «14 آذار» النائب السابق نسيب لحود «ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يكفي لاستكمال تطبيق القرار (الدولي) 1559، وان تنفيذ البند المتعلق بسلاح حزب الله يجب ان يتم بالحوار بين اللبنانيين ومن ضمن آليات لبنانية صرف». وقال: «ان كل القوى السياسية اللبنانية مقتنعة بهذا الأمر. وقد اعلنت عنه بشكل واضح في لبنان كما في المحافل الدولية. والمجتمع الدولي يقر بذلك» مستغربا «استمرار التخوف من القرار 1559 والدعوات الى شطبه او تجاهله». واعتبر ان «معالجة سلاح حزب الله يجب ان تنطلق من اسس ثلاثة هي: اقرار جميع اللبنانيين أن للدولة وحدها حصرية السلاح وقرار الحرب والسلم، وان للحزب ايادي بيضاء في تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، وانه يملك قدرات دفاعية رادعة في وجه الاعتداءات الاسرائيلية».

وحول طرح الامين العام لـ«حزب الله» ثلاثة حلول للاستحقاق الرئاسي قال لحود: «لدينا دستور منذ اكثر من 80 سنة. وهو ينص على ان مجلس النواب هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية. ولا يمكن تغيير قواعد اللعبة الدستورية على ابواب الانتخابات الرئاسية» معتبراً «ان تطوير النظام اللبناني لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب عملية معقدة قد تقتضي تغييرات اخرى في النظام». وإذ رفض الاستعانة بشركات الاستطلاع «لأن ليست هذه وظيفتها»، ايد لحود، في المقابل، اقتراح نصر الله التوافق على رئيس الجمهورية، لافتاً الى «ضرورة الاتفاق ايضاً على انتخاب الرئيس من خلال التنافس الديمقراطي وفقاً لأحكام الدستور اذا لم تستطع الاطراف السياسية ان تتوصل الى التوافق على رئيس». وحول اتهام نصر الله اسرائيل باغتيال النواب بيار الجميل وجبران تويني وانطوان غانم واعتباره ان استشهادهم تزامن مع صدور قرارات دولية ذات صلة بالمحكمة الدولية، قال لحود: «اذا كانت اسرائيل هي التي نفذت هذه الاغتيالات، فانه كان ينبغي ان يتبنى اللبنانيون بأسرهم ومن دون استثناء اقرار هذه المحكمة وان تكون سورية اكثر المتعاونين مع انشائها» وتساءل: «لماذا تقول دمشق انها لن تتعاون مع هذه المحكمة؟».

وقال المرشح الرئاسي النائب روبير غانم، انه كان يتوقع من نصر الله «الدعوة الى فك الاعتصام في وسط بيروت نظرا الى «الضرر الذي يلحقه بالمواطنين والى عدم تحقيقه هدفه وهو اسقاط الحكومة». ورأى تعليقا على دعوة نصرالله الى انتخاب رئيس مباشرة من الشعب أن «هذه الطروحات ليست في مكانها ولا في زمانها. ولبنان لم يعد يحتمل ان يكون حقل تجارب». وانتقد «الحملة المغرضة من البعض لتفخيخ زيارة النائب سعد الحريري الى واشنطن لمصلحته الخاصة.. باظهار 14 اذار منقسمة بين فريق مسيحي وفريق مسلم». في المقابل، دعا الوزير المستقيل محمد فنيش (حزب الله) الى «سلوك طريق الوفاق والتعامل مع مبادرة (رئيس مجلس النواب) نبيه بري لانها نافذة الحلول». وقال: «ان طريق الحل لهذه الازمة واضح والخيار واضح. اما ان نخرج من هذا النفق بارادة وطنية جامعة وبحسب مصلحة هذا الوطن وبما يتلاءم مع مصيره ومستقبله. واما ان يتحمل الفريق الذي يصر على ارتكاب ومخالفة الدستور مسؤولياته. وان اي خطوة في هذا الاتجاه تعني انقلاباً على الدستور ووضعه جانباً».

وشدد عضو كتلة نواب «حزب الله» النائب حسين الحاج حسن على ان كلام نصر الله «ليس انقلاباً على الطائف». وقال في حديث اذاعي بث امس انه «في ظل نظام ديمقراطي توافقي لا وجود لأكثرية» معتبراً ان «التهديد بورقة النصف زائداً واحداً هو تهديد لكل مواطن في الشارع». ولاحظ ان «خطاب رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري في بيروت هو غيره في الولايات المتحدة حيث أكد على انتخاب رئيس الجمهورية من 14 آذار». اما وزير الصحة المستقيل محمد خليفة (حركة امل) فأكد ان الرئيس بري «سائر في عملية انقاذ البلد حتى اللحظة الاخيرة». وقال: «ان الكلام التصعيدي الذي نسمعه بعد اجواء التفاؤل الاخيرة يدفع الرئيس بري اكثر لعقد العزيمة على الخروج بالبلد من المحنة القاتلة».

واذ امل خليفة بالتوصل الى «مخارج للأزمة واستغلال الوقت الضيق» نبه الى ان اللبنانيين «باتوا امام خيارين لا ثالث لهما. اما خيار الانهيار وتدمير الكيان والقفز فوق وثيقة الطائف التي اسست للبنان بعد حرب اهلية مدمرة استمرت اكثر من 15 عاماً، وهذا خيار صعب ومؤلم ولا يمكن ان يبنى عليه لبنان الجديد. واما خيار الوفاق والخروج بالبلد الى بر الامان ومن ثم بناء مؤسسات الدولة وتطويرها».