أفغانستان: الناتو يعترف بقتل ثلاثة مدنيين وفرص السلام تتضاءل بعد 6 سنوات من سقوط طالبان

افغاني يتطلع الى أحدى مدرعات الناتو بالقرب من قندهار (رويترز)
TT

أقر حلف شمال الاطلسي امس في بيان ان القوة الدولية للمساهمة في ارساء الامن (ايساف) التابعة له قتلت اول من امس ثلاثة مدنيين لم يتوقفوا قرب حواجز اقيمت شرق افغانستان.

وافاد البيان ان جنود ايساف قتلوا في ولاية كونا (شرق) شخصين كانا في شاحنة ولم يتوقفا امام حاجز عسكري. واعلن حاكم المنطقة لوكالة الصحافة الفرنسية ان ثلاثة اشخاص آخرين بينهم امرأة جرحوا في نفس الحادث. واوضح الحلف الاطلسي ان الحاجز اقيم اثر معلومات حول تعزيز قوات طالبان في المنطقة وتنقلها في شاحنات. كما أعلن الحلف الاطلسي ان افغانياً «كان يتصرف بشكل غريب» قتل اول من امس بعد تجاهله أمرا بالتوقف باللغة المحلية. وأعلن الناطق باسم «ايساف»، الميجور تشارلز انتوني، «نأسف لسقوط ارواح مدنيين في الحادثين». واكد البيان ان تحقيقات تجري حاليا لتحديد ظروف الحادثين الدقيقة. وقتل اكثر من 700 مدني في اعمال عنف خلال السنة الجارية في معارك بين قوات الامن الافغانية والاجنبية من جهة وعناصر طالبان من جهة اخرى. وتتعرض القوات الدولية لانتقادات شديدة بسبب الاخطاء التي ترتكبها حتى ان الرئيس حامد كرزاي حثها أخيرا على توخي المزيد من الحذر. كما يؤخذ عليها ايضا تصرفها العدائي وتفتيش المنازل بتهور. وفي برلين، اعترف متحدث بوزارة الدفاع الالمانية لصحيفة «بيلد آم زونتاج» الصادرة امس الاحد بأن إصابة الجنود الالمان الثلاثة في الهجوم الانتحاري الذي تعرضت له دوريتهم يوم الجمعة الماضي في قندز شمال أفغانستان ليست طفيفة، كما أعلن من قبل ولكنها بالغة. وذكر المتحدث أن أحد الجنود الالمان أصيب بجروح خطيرة وأجريت له اول من أمس جراحة عاجلة، وأضاف أن إصابات الجنديين الاخرين متوسطة الخطورة، وأشار إلى إمكانية عودة الجنود الثلاثة اليوم الاثنين إلى ألمانيا. وأكد المتحدث للصحيفة أن حالة الجنود الالمان والمترجم الافغاني قد تجاوزت مرحلة الخطورة على الحياة ويتم علاجهم في المستشفى العسكري في مزار شريف. وقبل ست سنوات، وتحديدا في السابع من اكتوبر (تشرين الاول) بدأ تحالف عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة يقصف ليلا اجهزة الرادار والاتصالات والمطار وغيرها من المنشآت الاستراتيجية في افغانستان. وبعد اسابيع من التوتر الناجم عن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) ضد الولايات المتحدة تنامى الضغط على نظام الملا عمر وتعنته في حماية ضيوفه من تنظيم القاعدة وزعيمه اسامة بن لادن. وتذكر بائع الهواتف الجوالة محمد اكرم اكبري تلك الفترة قائلا «كنت خائفا لكن في نفس الوقت كنت سعيدا لانني كنت اعلم ان القنابل ستطيح بطالبان». واضاف «كان العيش تحت حكم طالبان اصعب من العيش تحت القصف الاميركي». وفي آخر المطاف فر عناصر طالبان من العاصمة ليلا كما دخلوها قبل خمس سنوات.

وهرب المتطرفون الذي فرضوا نظاما متعصبا فمنعوا الموسيقى والافلام واجبروا النساء على التحجب تماما. وبعد ست سنوات يعم كابل صخب قوي والوان ساطعة وموسيقى وازدحام السيارات وقد فتحت قاعات السينما من جديد وكذلك محلات بيع الموسيقى وارتفعت الابنية العالية والفيلات بسرعة مذهلة. ونمت ديمقراطية جديدة ودستور يمنح نظريا حقوقا متساوية للرجال والنساء على حد سواء وانتخب الافغان برلمانا ورئيسا. وبات نصف الاطفال يرتادون المدارس و80% من السكان يتلقون العناية الصحية وتوفرت طرقات ومصحات ومدارس.

لكن كل تلك الانجازات حجبت بسبب انعدام الامن وتعاظم تمرد طالبان اكثر مما كان عليه سابقا مما قد ينذر بعودتهم الى السلطة. وتزايدت هجماتهم بنحو 20% مقارنة بالسنة الماضية حسب تقرير صدر الشهر الماضي عن مجلس الامن الدولي. واسفرت اعمال العنف عن سقوط خمسة الاف شخص خلال السنة الجارية واربعة الاف خلال 2006 ومعظم القتلى من المتمردين لكن بينهم ايضا اكثر من الف من عناصر قوات الامن الافغانية والمدنيين اضافة الى 181 جنديا اجنبيا حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

واقر الجنرال دان ماكنيل، القائد الاعلى لقوات الحلف الاطلسي، الذين يبلغ عديدهم اربعين الف جندي «حققنا بعض الانتصارات التكتيكية في معارك ضدهم لكنهم ما زالوا هناك». ويرى الجنرال الاميركي ان الاستقرار يعم نحو 60% من البلاد تقريبا حيث يقع اقل من هجوم في الاسبوع، مؤكدا ان البلاد في حاجة الى شرطة جديدة اكثر فعالية. واعتبر مبعوث الامم المتحدة الخاص توم كونيغس ان انعدام الامن في الجنوب وما يترتب عنه من اعمال عنف وانتاج الافيون يحجبان النتائج الجيدة. وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية «اذا تركنا جانبا الاخبار السيئة نرى ان ثلثي البلاد يشهد تنمية غير متوقعة في بلد فقير الى هذا الحد». وقال ان افغانستان هي خامس افقر بلد في العالم وانها رغم الدعم الدولي «ستبقى فقيرة حتى بعد عشر سنوات». واقر بأن تنامي حركة التمرد ناجم ايضا عن «غياب الحكومة وسوء الادارة والفساد واهمال الحكومة».