أبو بكر القربي لـ «الشرق الأوسط» : الإصلاحات الدستورية التي اقترحها الرئيس جادة

وزير الخارجية اليمني يأسف لعدم بت لجنة مكافحة الإرهاب في طلب الزنداني برفع اسمه من القائمة

أبو بكر القربي
TT

أعرب وزير خارجية اليمن أبو بكر القربي عن أسفه من عدم بت لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن بالطلب الذي تقدم به الشيخ عبد المجيد الزنداني، لرفع اسمه من قائمة الإرهاب. وطالب الوزير في حديث لـ«الشرق الأوسط» في نيويورك بمقر الأمم المتحدة بتغيير آلية عمل لجنة مكافحة الإرهاب الدولية. وشدد على أهمية أن تقوم كل دولة تريد وضع شخص في قائمة مجلس الأمن للإرهاب تقديم ما لديها من معلومات وأدلة وأن تبحث الأمر مع الدولة التي ينتمي إليها هذا الشخص قبل ادراج اسمه في قائمة المجلس. واتهم القربي لجنة مجلس الأمن بعدم الدقة، وقال «للأسف انها تتلقى اتهامات بدون أية أدلة مقنعة». وذكر وزير الخارجية ان التعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة ما زال مستمرا على نفس الوتيرة، وأضاف قائلا «ما زال هناك ما تقدمه الولايات المتحدة من تدريب للقوات الخاصة ولقوات مكافحة الإرهاب». وفي نفس الوقت، أعرب القربي عن عدم رضا اليمن من حجم الدعم الذي تقدمه واشنطن إلى اليمن سواء في مجال مكافحة الإرهاب أو في المجال التنموي. وأكد أن الإصلاحات الدستورية التي اقترحها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح هي جادة جدا، وقال «إن الرئيس يحرص على أن يأخذ الجانب الدستوري في العملية الانتخابية مجراه الطبيعي». وفي ما يلي نص الحوار: > لدى اليمن معتقلون في غوانتانامو، وقد أطلق سراح البعض وما زال البعض معتقلا، فهل لليمن مساع من أجل إطلاق سراح ما تبقى أو المطالبة بتسليمهم إلى السلطات اليمنية؟ ـ اليمن كانت من أول الدول التي طالبات بإطلاق سراح رعاياها بعد الإعلان عن المعتقلين في غوانتانامو، وقد طرحت على الجانب الأميركي بتسليمهم إلى اليمن. وقد ابلغنا السلطات الأميركية بأن الحكومة اليمنية على استعداد لمحاكمة أي مواطن يمني، إذا وجدت أدلة تثبت تورطه في القيام بأعمال إرهابية وفقا للقانون اليمني. وكانت اليمن وربما هي أول دولة من بادرت بإرسال فريق أمني إلى غوانتانامو للتحقق من أوضاع المعتقلين اليمنيين وللتعرف على هواياتهم. وقد عاد منهم حوالي 15 معتقلا إلى اليمن، وما زال العدد الأكبر معتقلا في غوانتانامو، ونحن ما زلنا نواصل المطالبة من أجل تسليمهم إلى اليمن. > هل لديكم أي تعليق على المحاكمة الجارية في إحدى المحاكم الأميركية لليمني سليم أحمد حمدان سائق أسامة بن لأدن؟ ـ إن قضية سليم أحمد حمدان، هي الآن أمام المحكمة العليا، وقد سبق صدور حكم من قبل برفع قضيته إلى المحكمة العليا للولايات المتحدة وهم ينظرون إليها كحالة ستبنى عليها طريقة التعامل مع الحالات الأخرى. في حقيقة الأمر نحن في انتظار الحكم الذي سيصدر من المحكمة العليا، لأنها ستحدد كيف ستتعامل الحكومة الأميركية مع المعتقلين في غوانتانامو، وسوف يعرف فيما إذا ستكون هذه المعاملة قانونية أو غير قانونية. > بالتأكيد انكم قد اطلعتم على بيان صدر عن وزارة الخارجية الأميركية، قبل فترة قصيرة تحذر فيه رعاياها الأميركيين من اليمن بسبب شيوع الأعمال الإرهابية، كما ورد في البيان. فما هو ردكم على بيان الخارجية الأميركية؟ ـ لقد تعودنا على مثل هذه البيانات التي اخذت بالصدور منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وكلما تجري أحداث تتعلق بالأمن في أية دولة من الدول تصدر مثل هذه التعليمات والبيانات وهي ليست مرتبطة باليمن، بل هي مرتبطة بعدد من الدول. وقد صدر مثل هذه البيانات تحذر الأميركيين من احداث جرت في مصر والجزائر وفي دول أخرى حدثت فيها أعمال عنف وليست بالضرورة أنشطة إرهاب بل مجرد أعمال عنف. ومصدر هذه البيانات احيانا هي الأجهزة الأمنية الأميركية التي تقوم برصد ما يجري في العالم، والمصدر الثاني اعتقد هو الإحساس المفرط والتفسير الخاطئ لبعض أعمال العنف والتي لا تؤثر على استقرار اليمن أو أي بلد معين تجري فيه مثل هذه الأحداث. > تقدم الشيخ عبد المجيد الزنداني بطلب مرفوقا برسالة من وزارة الخارجية اليمنية لرفع اسمه من قائمة مجلس الأمن الدولي للإرهاب، فإلى أين وصل هذا الطلب، وهل أجريتم اتصالات مع أعضاء المجلس للإسراع في تلبية طلب الشيخ الزنداني؟ ـ للأسف الشديد لم تبت لجنة مجلس الأمن للعقوبات في طلب الشيخ الزنداني. واليمن منذ البداية قد اعترضت على وضع الشيخ الزنداني في هذه القائمة، والحقيقة أننا ننظر إلى وضع أسماء أشخاص أو منظمات بناء على طلب جهة ما سواء كانت دولة أو مؤسسة من دون أن تقدم أدلة تثبت قيامه بارتكاب أعمال مخالفة للقانون أو إرهابية كنوع من الظلم. لأنك تضع مصير شخص بيد جهة قد تبني كل قضيته على معلومات خاطئة. ونرى من الضروري تغيير هذه الآلية بحيث يجب على كل دولة تريد وضع اسم شخص على قائمة الإرهاب، يجب أن تقدم كل ما لديها من أدلة ومعلومات عن ذلك الشخص، وأن تقوم بتبليغ دولته حتى تستطيع دولته باتخاذ ما يلزم من إجراءات، على اعتبار أن هذا الشخص يمثل خطرا على الأمن. وللأسف كما يبدو في معظم الحالات تقدم اتهامات من دون أية أدلة. > يقال إن روسيا هي الدولة الأكثر تشددا في عدم رفع اسم الشيخ الزنداني من القائمة، نظرا للمساعدات والمعونات التي قدمها الشيخ عن طريق جامعته إلى مقاتلي الشيشان؟ ـ إذا كان هذا الكلام صحيحا، ربما هذا يرتبط بالشيخ الزنداني وعلاقته الدينية ولا اعتقد أنك عندما تراقب هذه الجامعة (جامعة الزنداني) وطبيعة مناهجها فلا يمكنك أن تحاسب الجامعة على شخص تخرج منها وارتكب جريمة ما. واذا تتبعت أن كل من يقوم بأعمال إرهاب أو تطرف فهم جميعا خريجو مدارس ومعاهد وجامعات، ولا يمكن أن تتحمل هذه الجامعات أو مدرسيهم مسؤولية تصرفات هؤلاء الأفراد. > والآن ما هو حجم التعاون بين اليمن والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب؟ ـ إن التعاون الأمني بيننا وواشنطن مستمر بنفس الوتيرة، وما زال هناك ما تقدمه الولايات المتحدة من تدريب للقوات الخاصة ولقوات مكافحة الإرهاب. وما زالت تقدم بعض الدعم اللوجستي لهذه القوات، وهذا الدعم لا يربط بالمعونات التنموية التي تقدمها اميركا لليمن، لأنها هي جزء من إطار العلاقات الثنائية بين البلدين. وهي تتم ليست فقط مع الولايات المتحدة، وإنما مع العديد من الدول التي تنظر إلى احتياجات اليمن التنموية، على اعتبار اليمن دولة فقيرة وتحتاج إلى دعم تنموي، وبالتالي يقدم هذا الدعم في هذا الإطار. > هل انتم راضون على هذا الدعم فيما يخص مكافحة الإرهاب، وفي الوقت الذي تصدر بيانات أميركية، تحذر من الأعمال الإرهابية في اليمن؟ ـ نحن أولا غير راضين عن هذه التحذيرات الأمنية التي تصدر بين حين وآخر للمسافرين من المواطنين الأميركيين إلى اليمن. ولكن نحن نعرف تماما ان هذه المسألة هي من اختصاص الأجهزة الأمنية المختصة في أميركا لحماية مواطنيها، وبالنهاية يمكن أن يترك للمواطن حرية أن يأخذ بهذه التحذيرات أو لم يأخذ بها. > الرئيس علي عبد الله صالح تحدث عن تغيير في الإجراءات الدستورية، أولا ما مدى جدية هذه الخطوة، وثانيا هل يعني انها خطوة في أن تكون دورة الرئيس آخر دورة له، بحيث لا يحق له الترشيح مرة أخرى؟ ـ ان ما طرحه الرئيس الآن في حقيقة الأمر، كان قد جاء قبل أكثر من سنة في برنامجه الانتخابي، وهو تأكيد على ذلك البرنامج. وأن ما طرحه يزيل مخاوف البعض من أن هذه الخطوات قد تكون جريئة عندما طرحت على أعضاء الحزب الحاكم حزب المؤتمر. وكان هناك اختلاف في وجهات النظر مثل حول تحول الحكم الإداري إلى الحكم المحلي.

> قد يكون هذا التحول له مخاطر على وحدة اليمن، وهل اللامركزية ستضعف من الدولة إضافة إلى قضية الانتخاب المباشر للمحافظين؟. ـ في حقيقة الأمر أن التجربة أثبتت أن فخامة الرئيس علي عبد الله كان أبعد نظرا من الكثير من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، وكان يدرك أن وحدة اليمن تتعزز في منح المزيد من الصلاحيات إلى المحافظات، وإعطاء المواطنين المزيد من الحرية في اختيار المسؤولين الإداريين سواء في محافظاتهم أو على مستوى المديريات. وان معالجة الكثير من القضايا التي تؤدي إلى التذمر كالفساد تعالج أكثر من خلال اللامركزية. واعتقد أن الرئيس جاد وفي منتهى الجدية لإجراء الإصلاحات الدستورية، وان موقفه في الانتخابات السابقة ورفضه للترشيح مرة أخرى اكبر دليل، وهو يحرص على أن يأخذ الجانب الدستوري في العملية الانتخابية مجراه الطبيعي. > من خلال لقاءاتك سواء مع المسؤولين الأميركيين أو مع الأوروبيين هل شعرت بوجود تحضيرات قد تقود إلى مواجهة عسكرية مع إيران؟ ـ هناك موقف عربي يجب التأكيد عليه، وهو رفضه لاستخدام القوة العسكرية لحل أزمة الملف النووي الإيراني، لأننا نعرف الآثار والمخاطر التي ستتعرض لها المنطقة. وهناك بالمقابل من يروج لهذه الحرب بتقديم بعض المبررات لهذه الحرب، من قبل بعض مراكز الأبحاث الأميركية ومن بعض السياسيين ومن بعض القيادات في الإدارة الأميركية وفي أوروبا أيضا. واعتقد أن هناك في المقابل موقفا شعبيا ضد دخول الولايات المتحدة في حرب جديدة، وما نراه الآن يجعلنا من الصعب التكهن بالخطوات القادمة، ولكن لا اعتقد أن الاستعدادات للحرب ضد إيران قد وصلت إلى ما شهدناه عندما أعدت الحرب مع العراق. ونأمل ان الوضع الراهن قد يعكس وجود فرصة للحل الدبلوماسي. > كيف علاقة اليمن مع إيران بعد ظهور حركة الحوثي؟ ـ علاقتنا جيدة مع إيران في الإطار الثنائي وقد حدثت إشكالية بسبب بعض علاقات الحوزة العلمية، وبعض رجال الدين في إيران مع الحوثيين في منطقة صعدة. ولكن بعد اللقاءات والحوار الذي تم استطعنا أن نبلغ إيران الرسالة التي عكستها مواقف الإيرانيين بعدم التدخل في الشأن الداخلي اليمني وبوحدة اليمن وبوقف دعم أية عناصر تهدد وحدة اليمن وأمنه واستقراره.