الحريري في نيويورك: ما يحدث في لبنان انقلاب

طالب روسيا والصين بالتدخل مع الذين يتدخلون لعرقلة انتخاب الرئيس

TT

وصف رئيس كتلة المستقبل في مجلس النواب اللبناني، سعد الحريري، ما يجري حاليا في لبنان بأنه انقلاب، وذلك في إشارة الى الاغتيالات، وأكد للصحافيين في نيويورك، بعد اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 لا يصب في مصلحة إسرائيل فحسب وإنما يصب في مصلحة لبنان بالدرجة الأولى. وأضاف الحريري «إن ما لدينا الآن هو وقف للأعمال العدائية وليس انهاء للحرب». وشدد سعد الحريري الذي اجتمع مع عدد من أعضاء مجلس الأمن على أهمية أن ينتخب اللبنانيون رئيسا للشعب بدون تدخل من أية جهة أو من أي طرف أجنبي. وفي الوقت ذاته أكد أن الأغلبية في مجلس النواب اللبناني يسعون إلى تنفيذ كل بنود القرار 1701 باعتباره الوسيلة الوحيدة لاستقرار لبنان. وتحدث الحريري عن أهمية توفير الحماية للنواب اللبنانيين وقال «إن النواب يحتاجون الى الحماية من الاعتيالات المحتملة»، وأعرب عن قناعته أن المجتمع الدولي يتحمل هذه المسؤولية وقال «أعتقد أن على المجتمع الدولي أن يتحرك لمنع حدوث هذه الجرائم التي ترتكب بطريقة سلسلة». وبين رئيس كتلة المستقبل أن الاغتيالات التي تجري في لبنان تستهدف فريقا سياسيا واحدا هو فريق 14 آذار، وقال «إن هذا الفريق هو المستهدف»، واستدرك الحريري قائلا «إن هناك محكمة دولية وقرارات دولية وفريق (القاضي) سيرج براميتز يقوم بالتحقيق، وقلنا إن أي شيء يصدر من المحكمة أو من لجنة التحقيق (الدولية) نحن مستعدون القبول بنتائجه». وقد بحث الحريري مع الأمين العام للأمم المتحدة الإسراع في تشكيل المحكمة الخاصة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتورطين في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وأعرب عن قناعته بأن تشكيل المحكمة الخاصة لا يهدف إلى الضغط على أية دولة، وقال «من المهم جدا تحقيق العدالة وإنزال العقاب على مرتكبي هذه الجريمة». وحول مايخص الحوار اللبناني ـ اللبناني بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار لمح سعد الحريري الى وجود جهة أجنبية لا تريد استمرار هذا الحوار، وقال «نحن نؤكد على أن الحوار بين اللبنانيين ضروري جدا، ولكن كيف يمكن أن يكون هناك حوار وبعد أربعة أيام من الحوار يتم اغتيال النائب أنطوان غانم». وزاد يقول «ونجد أحدا ما يحاول التأثير على انتخاب الرئيس ويحاول الدفع باتجاه أجندته الخاصة باختيار رئيس ينسجم مع معايير وأجندة دولة أخرى»، وشدد على القول «ما نريده هو انتخاب رئيس للشعب اللبناني ومن دون تدخل أي طرف»، وذكر أنه طلب من سفيري روسيا والصين تدخل حكومتيهما من أجل وقف هؤلاء الذين يتدخلون في سير انتخابات الرئيس اللبناني بعدم التدخل. وحرص رئيس كتلة المستقبل على عدم ذكر اسم سورية إلا مرة واحدة حين ذكر أن هناك قرارات لبنانية عديدة اتخذت في ما يخص العلاقة مع سورية. وأشار الى القرارات الخاصة بترسيم الحدود وإقامة علاقات دبلوماسية مع سورية، غير أنه قال «ولكن لم يأت أي جواب من الجهة الأخرى». وفي الوقت الذي أكد فيه أكثر من مرة أهمية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701 شدد على أن الأمم المتحدة «هي الطرف الوحيد الذي يستطيع القول إن القرار 1701 قد تم تنفيذه». وفي إطار السعي الى تنفيذ هذا القرار والقرارات الأخرى وضمان انتخاب رئيس لبناني من دون تدخل أية جهة أجنبية أجرى سعد الحريري سلسة من اللقاءات مع أعضاء مجلس الأمن، خصوصا سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا. وكان الحريري قد أعلن أن حصيلة محادثاته في الامم المتحدة هي ان المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في جريمة اغتيال والده الرئيس الراحل رفيق الحريري «آتية قريبا، ان شاء الله». وابدى استعداد قوى الاكثرية البرلمانية للانفتاح والتوافق على رئيس جديد للجمهورية «اذا كان الحوار جديا ولمصلحة لبنان»، مشددا على ان «يكون رئيسا صنع في لبنان» وعلى رفض المساومة على لبنان ودماء الشهداء قائلا: «لم يستشهدوا لنأتي برئيس جديد على مثال الرئيس الحالي». واشار الى انه لا يتخوف من عدم اجراء الانتخابات في المهلة المحددة، بل من استمرار الاغتيالات.

وقال الحريري في حفل استقبال اقامته الجالية اللبنانية في نيويورك على شرفه: «اتيت من اجل المحكمة التي دار حولها كلام كثير. وهناك من أبدى إنزعاجه من هذا الأمر وآخر قال إنها مسيسة وغير ذلك. ولهؤلاء نقول إن المحكمة هي لمحاكمة الذين ارتكبوا جريمة الاغتيال. وهي جريمة سياسية إرهابية بالدرجة الاولى. وقد شملت هذه الجرائم اغتيال رفيق الحريري وباسل فليحان وجبران تويني وبيار أمين الجميل وسمير قصير وجورج حاوي ووليد عيدو وأنطوان غانم، وأكثر من مائة شهيد سقطوا معهم. هذه المحكمة التي تزعج البعض والتي يكثر الحديث عنها في لبنان، أود أن أطمئنهم أنه بعد الاجتماعات التي عقدتها في نيويورك،أن المحكمة آتية قريبا، إن شاء الله». واضاف: «نحن على أبواب استحقاق سياسي هو انتخاب رئيس جمهورية للبنان. لقد قلنا إن الحوار هو قرارنا وليس مجرد خيار. الحوار يجب أن يكون مبنيا على رئيس جمهورية صنع في لبنان. هذا ما قلته ولا أزال عند موقفي. نحن لن نساوم على لبنان ولا على دماء الشهداء ... لقد سقط هؤلاء الشهداء ليبقى لبنان موجودا وليرفعوا اسمه وصوته عاليا في انحاء العالم. ولم يستشهدوا لنأتي برئيس جديد على مثال الرئيس الحالي». ونفى الحريري وجود «اختلاف او خلافات» بين اركان فريق «14 اذار».

وردا على سؤال حول الكلام الذي قاله الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله حول التسلح، قال الحريري: «في الفترة السابقة رأينا وسمعنا الكثير من التهديدات والتهويل من عواقب إقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع. ونسمع بتهويل ايضا وبتسليح وتهديدات بالقيام بأمور معينة وكأن ليس هناك من طرف آخر في البلد، وكأن تيار المستقبل والقوى الأخرى غير موجودة. ردا على هذا الكلام، نقول لهم إن قوى 14 آذار موجودة. وهي لن تسمح بأي عدم استقرار في البلد. الكلام الذي دخلنا عليه بالانفتاح والحوار مع الرئيس نبيه بري لكي نوجد حلا للازمة الدستورية، أزمة رئاسة الجمهورية. كثيرون يقولون انه يجب ان نكون قد تعلمنا من التجارب السابقة. ولكن برأيي انه من حق لبنان واللبنانيين ان نعطي فرصة للحوار. وأنا أؤمن انه من خلال الضغوطات التي ستحصل، من هنا ومن بلاد اخرى، سنتمكن من انتخاب رئيس للجمهورية من دون مشكلة. لا يهمني ما يقال من تهويل وشتائم وكلام».

وسئل اذا كان يعتقد ان الانتخابات الرئاسية ستحصل واذا حصلت هل ستتم بنصاب الثلثين او النصف زائدا واحدا، فاجاب: «لقد اصدرنا بيانا في قوى الرابع عشر من آذار قلنا فيه اننا مستعدون لوضع مسألة النصف زائدا واحدا جانبا، وان يضعوا مسألة الثلثين جانبا ايضا. واننا مستعدون للحوار بكل انفتاح وان نتوافق على رئيس جمهورية بالاجماع، لأنه اذا كان هناك حوار جاد يكون لمصلحة لبنان. ولا نزال على موقفنا ... ليس لدي تخوف من عدم اجراء الانتخابات، بل خوفي هو ان تستمر الاغتيالات. ورأى الحريري ان ارسال قوات من الامم المتحدة او الدول العربية لتوفير الحماية للنواب «ليس حلا». وقال: «على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته حيال واقع مفاده أن نوابا يقتلون وإن الديمقراطية تغتال. وهذا يعني أن لبنان برمته يقتل...ما قلناه اليوم في الأمم المتحدة وفي واشنطن هو أن النظام السوري يذبحنا ولا بد من إيقافه ومن اتخاذ تدابير ضده».

وقيل للحريري: لديك خارجيا حلفاء كبار ونحن نعرف انهم حلفاء لإسرائيل وهي عدو للبنان. فهل تعتبر أن حلفاءك الأميركيين يمكن أن يعطوك الأولوية على حساب المصالح الإسرائيلية ؟ فاجاب: «أميركا التي تكلمت عنها هي نفسها أميركا التي يدق النظام السوري أبوابها حتى يبحث معها في تسوية على دماء الرئيس الحريري وغيره من الشهداء بهدف إلغاء المحكمة الدولية.

برأيي أن النظام السوري ليس وحده في ذلك، فكل ما نسمعه من تهديدات من إيران وغيرها هو هجوم على أميركا وحلفائها. أود أن أسأل ماذا أعطت أميركا لحلفائها في لبنان؟ هل أعطت مالا لقوى 14 آذار؟ ماذا أعطتنا؟ هل أعطتنا أكثر من الدفاع عنا عندما شنت إسرائيل حربها علينا؟ غيرنا يأخذ مالا وسلاحا وتدريبات من دون مقابل. ولكن ماذا أخذنا نحن من الأميركيين كقوى 14 آذار؟ المحكمة الدولية، وما زلنا نُقتل. غيرنا يحصل على دعم من إيران وسورية، وبوابات مفتوحة من مال طاهر وغير مال طاهر. واللبنانيون يقتلون. ومن المستفيد غير الإسرائيليين؟ اليوم أي انقسام في لبنان من يستفيد منه؟ هذا كلام قلناه منذ اللحظة الأولى. اليوم، عندما تقول إن الإسرائيليين هم القتلة، فلنترك المحكمة الدولية إذاً تحاسب إسرائيل. فممَّ تخافون؟».