شركة استخبارات أميركية تحصل على شريط بن لادن قبل بثه من طرف «القاعدة»

تسريب نسخة من الشريط إلى محطات التلفزيون الإخبارية يثير جدلا

TT

نجحت شركة استخبارات صغيرة خاصة تعمل في مراقبة جماعات إسلامية متطرفة، في الحصول على شريط فيديو جديد لأسامة بن لادن قبل بثه الشهر الماضي. وكانت الشركة قد ابلغت ادارة بوش حوالي الساعة العاشرة من مساء 7 سبتمبر (ايلول) حصولها على الشريط الذي سمحت لاثنين من المسؤولين بالاطلاع عليه شريطة عدم الكشف عن ذلك إلى حين بثه بواسطة «القاعدة». وخلال فترة 20 دقيقة بدأ عدد من وكالات الاستخبارات في تنزيل الشريط من على موقع الشركة. وبحلول فترة منتصف الظهيرة خلال نفس اليوم جرى تسريب نسخة من الشريط ونص التسجيل الصوتي من داخل إدارة بوش إلى محطات التلفزيون الإخبارية في كل مكان. وقالت مؤسس شركة «سايت انتيليجانس غروب» إن كشف النقاب عن الشريط في وقت مبكر لفت انتباه «القاعدة» وأضر بعملية مراقبة استمرت سنوات استخدمتها شركة الاستخبارات لاعتراض وإرسال رسائل وأشرطة فيديو وتحذيرات مسبقة من وقوع تفجيرات انتحارية؛ وذلك من خلال تسلل الشركة إلى شبكة اتصالات «القاعدة». وقالت ريتا كاتز، مؤسسة شركة «سايت انتيليجانس غروب»، التي اثارت اهتمام كثيرين من خلال نشرها تصريحات اشرطة فيديو لمتطرفين مشاركين في غرف دردشة على شبكة الانترنت. وكان النهج السري لعمل «سايت انتيليجانس غروب» قد اثار بعض الجدل. ويشار الى ان الشركة توفر معلومات حول جماعات ارهابية لعدد من الجهات، بما في ذلك شركات خاصة ووكالات استخباراتية وعسكرية من الولايات المتحدة وعدة دول اخرى. لا يزال مصدر تسريب شريط الفيديو غير معروف. ورفض مسؤولون حكوميون التعليق بصورة رسمية على بعض الاسئلة، لكنهم لم ينفوا رواية ريتا كاتز حول ما حدث. وأشار هؤلاء الى ان ما حدث لم يكن له أثر على مجهودات الولايات المتحدة لجمع لمعلومات الاستخباراتية ولم تضر بمقدرة الحكومة على كشف الهجمات قبل وقوعها. وفيما اعترفوا بتحقيق «سايت انتيليجانس غروب» نجاحا، قال المسؤولون ان لدى وكالات الاستخبارات الاميركية وسائلها الخاصة المتقدمة لمراقبة «القاعدة» على شبكة الانترنت. وقال روس فينشتاين، المتحدث باسم مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الاميركي، ان هناك كوادر مناسبة في المواقع المناسبة للتعامل مع كل هذه القضايا في 16 وكالة استخبارات اميركية. إلا ان بعض مسؤولي الاستخبارات وصفوا في تعليقات خاصة غير رسمية ما حدث بشأن شريط فيديو اسامة بن لادن الاخير بأنه أمر مؤسف، وقال مسؤول ان «سايت انتيليجانس غروب» ظلت تقدم «خدمة هائلة» في الكشف باستمرار عن اسرار «القاعدة».

وكان شريط «القاعدة» الذي جرى بثه في 7 سبتمبر (ايلول) الماضي قد اجتذب انتباها عالميا كأول شريط جديد لزعيم «القاعدة» لأول مرة منذ ثلاث سنوات. وحث اسامة لادن في الشريط الاميركيين على اعتناق الاسلام، كما تنبأ بفشل ادارة بوش في كل من العراق وأفغانستان. وجرى بث الفيديو على شاشات المئات من محطات التلفزيون ومواقع الانترنت قبل يوم من الإعلان عنه بواسطة شركة توزيع لها صلة بشبكة «القاعدة». وكانت سجلات كمبيوتر قد اطلعت عليها «واشنطن بوست» قد دعمت ما قالته «سايت انتيليجانس غروب» بأنها تمكنت من الحصول عليه قبل إعلان «القاعدة» عنه. وطلبت ريتا كاتز عدم نشر المعلومات والتفاصيل وقالت انه كشف مثل هذه المعلومات من المحتمل ان يكشف عن معلومات حساسة تتعلق بنهج الشركة.

وكانت «سايت انتيليجانس غروب» قد تأسست عام 2002 بهدف تعقب وكشف الجماعات الارهابية. وقالت مؤسستها، ريتا كاتز، وهي إسرائيلية الجنسية عراقية المولد أعدم والدها بواسطة صدام حسين في حقبة الستينات، ان بوسع الشركة تثبيت المصادر التي زودتها بمعلومات مهمة حول عالم «القاعدة» الخفي. ويأتي دخل «سايت انتيليجانس غروب» اساسا من رسوم المشتركين والجهات المتعاقدة معها الشركة. وقالت ريتا كاتز انها قررت تقديم نسخة مجانية من شريط بن لادن الى البيت الابيض كي يستعد قبل اعلان بث الشريط بواسطة «القاعدة». وتحدثت اولا مع محامي البيت الأبيض فريد فيلدينغ، الذي التقته في وقت سابق مع جويل باغنال، نائبة مساعد رئيس الأمن الداخلي. وعبر كل منهما عن الرغبة في الحصول على نسخة واقترح جويل باغنال ارسال نسخة الى مايكل ليتر، الذي يشغل الموقع الثاني في مركز الوطني لمكافحة الارهاب. لم يعلق مسؤولو الادارة الاميركية ومسؤولون الاستخبارات حول ما اذا حصلوا على شريط الفيديو بصورة منفصلة. وقالت ريتا كاتز ان فيلدينغ وجويل باغنال أوضحا لها ان البيت الأبيض لم تكن لديه نسخة من الشريط عندما قدمت له «سايت انتيليجانس غروب» نسختها. حوالي الساعة العاشرة صباح 7 سبتمبر ارسلت ريتا كاتز ليثر وفيلدينغ رسالة بريد الكتروني عنوان مواقع خاص لـ«سايت انتيليجانس غروب» على شبكة الانترنت عليه شريط الفيديو وأشارت في الرسالة الى ضرورة التعامل معها بمنتهى السرية، وطلبت منهم عدم تسريب الشريط لأن ذلك ربما يضر بالتحقيقات التي تجريها «سايت انتيليجانس غروب». رد فيلدينغ على رسالة ريتا كاتز شاكرا اياها، وردت هي من جانبها بأنه هو الذي يستحق الشكر، ولم تتلق ريتا كاتز ردا من ليثر او مكتب مدير الاستخبارات. لا يعرف ما حدث بعد ذلك، ولكن بعد دقائق من رسالة ريتا كاتز الى البيت الأبيض بدأت اجهزة كمبيوتر مسجلة حكوميا إنزال شريط الفيديو من موقع خاص بـ«سايت انتيليجانس غروب». وأشارت السجلات الى ان إنزال الشريط عشرات المرات خلال الثلاث ساعات التالية بواسطة اجهزة كمبيوتر مسجلة لدى وكالات استخباراتية ودفاعية. وبنهاية فترة ما بعد الظهيرة اشارت شبكات التلفزيون الى حصولها على نسخة من النص. ظهرت نسخة حوالي الساعة الثالثة مساء على موقع «فوكس نيوز» على شبكة الانترنت وأشارت الى ««سايت انتيليجانس غروب». وكتبت ريتا كاتز في رسالة بريد الكتروني ان الحكومة الاميركية هي المسؤولة عن تسريب الشريط. وقال مسؤولون في الشركة ان مؤيدي «القاعدة» وضعوا عقبات جديدة تمنع «سايت انتيليجانس غروب» من الدخول بعد ان ادركوا دخول الشركة الى شبكته السرية. وينافس عدد محدود من شركات الاستخبارات الخاصة «سايت انتيليجانس غروب» في محاولات الحصول على معلومات ورسائل من شبكات ومواقع الجماعات الارهابية. وتشككت بعض الشركات في دوافع وأهداف «سايت انتيليجانس غروب». وقال بين بينزك، مؤسس شركة «انترسينتر» ان تساؤلات برزت لديه بشأن قرار «سايت انتيليجانس غروب» إعطاء الشريط للبيت الابيض بدلا عن إطلاع محللي الاستخبارات عليه.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)