بغداد تدين بشدة حادث إطلاق النار من عناصر شركة أمنية .. وتلوح بـ«سلاح القانون»

الضحيتان سائقة سيارة أجرة وزبونة.. والشركة المتهمة أسترالية توفر الحماية لوكالة أميركية

قريبتان لإحدى ضحيتي اطلاق النار، من قبل شركة أمنية خاصة في جنازتها في بغداد أمس (رويترز)
TT

دانت السلطات العراقية أمس مقتل امرأتين في بغداد أول من امس بنيران عناصر شركة امنية اجنبية وفتحت تحقيقا في القضية، على ما افاد مسؤول عراقي رفيع المستوى. من جهتها أكدت شركة امنية استرالية تقدم خدماتها لوكالة حكومية أميركية ضلوع عناصرها في الحادث، فيما علم ان القتيلتين سائقة سيارة أجرة وزبونة. وقال العميد قاسم عطا المتحدث باسم خطة أمن بغداد «فرض القانون» لوكالة الصحافة الفرنسية، ان «الحكومة العراقية ورئيس الوزراء (نوري المالكي) يرفضان بشكل قاطع كل ما تقوم به هذه الشركات من خروقات ضد المدنيين في البلاد». واضاف «سلاحنا القانون تجاه هذه الشركات، ونحاول دراسة الموضوع بهدوء»، مشيرا الى ان «قيادة قوات بغداد شكلت لجنة للتحقيق في الحادث».

ويأتي اطلاق النار هذا إثر تورط عناصر شركة بلاك ووتر الأمنية الاميركية في قتل 17 مدنيا عراقيا في ساحة النسور في 16 سبتمبر (ايلول)، الأمر الذي أثار غضب الحكومة العراقية وجدلا في اوساط الادارة الاميركية.

وكان شهود عيان اكدوا اول من امس ان موكبا من سيارات الحماية الامنية الاجنبية اطلق النار على سيارة اولدزموبيل مدنية فيها عائلة مكونة من ثلاث نساء وطفلين بالخطأ ما اسفر عن مقتل امرأتين بعد اصابتهما بالرأس واصابة الثالثة بجروح. وقال شهود والشرطة ان الموكب كان يسير بسرعة فائقة وطلب من المرأة التي كانت تقود السيارة التوقف الى جانب الطريق لكنها تأخرت بالانتباه لطلبهم فاطلقوا النار على السيارة بكثافة. واكدت المصادر ان وجهي الضحيتين تشوها بالكامل بسبب اطلاق النار المباشر على الرأس وان عناصر الشرطة فروا من مكان الحادث.

وقال ابو مريم وهو احد اقارب الضحيتين ان اسم الاولى ماروني أوانيس ،49 عاما، من حي الغدير في بغداد وهي ام لثلاث بنات اعمارهن 12 و21 و22 عاما وتعمل سائقة اجرة لإعالة اسرتها بعد وفاة زوجها، والثانية جنيفا جلال ،30 عاما، وهي زبونتها وغير متزوجة.

وشهدت كنيسة الأرمن في وسط بغداد جنازة الضحيتين صباح أمس بحضور عدد قليل من اقاربهما. وقال القس كيفورك ارميليان «ما حدث جريمة بحق الانسانية عموما وبحق العراقيين خصوصا»، مناشدا «الحكومة العراقية وضع حد لهذه الانشطة التي تقوم بها الشركات الامنية الاجرامية». واضاف «كان واضحا جدا انهن نساء داخل سيارة عندما اطلقوا النار عليهن بشكل عشوائي متعمد». وطالب القس «بطرد الشركة المسؤولة من العراق لتكون عبرة للشركات الاخرى». واعلنت شركة «يونيتي ريسورسيز غروب» للخدمات الامنية واللوجستية التي تتخذ من دبي مقرا لها أمس انها ضالعة في الحادث. وقالت الشركة في بيان ان «احدى فرق الحماية التابعة لشركتنا ضالعة في حادث اطلاق النار الذي وقع عند الساعة 40،13 امس (الثلاثاء) في منطقة المسبح في الكرادة» في بغداد مضيفا «نحن في الوقت الحاضر ننتظر تفاصيل اكثر تتعلق بالحادث».

ودافعت إدارة الشركة الاسترالية عن عناصرها قائلة ان «عناصر فريق الحماية اطلقوا النار على سيارة كانت متجهة نحو موكبهم بسرعة واخفقت في التوقف رغم كل الاشارات عن طريق اليد او القنابل الدخانية، مما اضطرهم لإطلاق النار وإجبارها على التوقف». واضاف ان «الوحدة المسؤولة تعمل مع السلطات العراقية لتحديد نتائج الحادث». وأعربت الشركة عن «أسفها للحادث».

وأكدت الولايات المتحدة ان الحادث الأخير ليس له علاقة بواشنطن. لكن المتحدثة باسم السفارة الاميركية ميريبي نانتغو قالت ان الشركة تعمل بعقد لحساب «يو اس ايد» الوكالة الاميركية لمساعدات التنمية (حكومية). واشارت الى ان «يو اس ايد» ليست مسؤولة عن الترتيبات مع المتعاقدين من الشركة الامنية، موضحة ان «الشركة اصلا مسؤولة تجاه تصرفات عناصرها في قضية السلامة وحسن التصرف». وقالت المتحدثة باسم السفارة «نحن نعزي عائلات الضحايا، ووزارة الخارجية الاميركية على اتصال مع السلطات العراقية بشأن الحادث».

وجاء الحادث بعد يومين من تعهد الحكومة العراقية بمعاقبة شركة «بلاك ووتر» الاميركية الامنية بعدما دل تحقيق عراقي على ان حراس الشركة لم يتعرضوا للاستفزاز عندما فتحوا النار «عمدا» في بغداد وقتلوا 17 عراقيا قبل ثلاثة اسابيع. ويتعرض دور الشركات الامنية الخاصة العاملة في العراق للانتقاد منذ حادث «بلاك ووتر» في 16 سبتمبر (ايلول).

واكدت وزارة الداخلية تشريع قانون يخضع الشركات الامنية للسلطات العراقية. وقال عبد الكريم خلف المتحدث باسم الداخلية الاثنين «وضعنا الشركات الامنية تحت وصاية وزارة الداخلية وتحت القانون العراقي». واضاف «شرعنا آليات صارمة لضبط سلوكها (الشركات) وتصرفاتها في الشارع» مشيرا الى انه «يجرى حاليا تحقيق مشترك برئاسة وزير الدفاع العراقي وبمشاركة ضباط من وزارة الداخلية ونائب السفير الاميركي ومحققين من مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي (اف بي اي) ومن جانبنا قدمنا ما يكفي من الادلة وعليهم الآن مراجعة الادلة التي ستقرر».