قرار بريطانيا مساعدة العراقيين المتعاونين معها يستثني الآلاف

500 موظف ما زالوا يعملون لدى قواتها ومؤسساتها المدنية .. و20 ألفاً عملوا معها سابقا

TT

يثير قرار بريطانيا الذي اعلنه رئيس الوزراء غوردون براون الاثنين الماضي بشأن استعداد بلاده مساعدة العراقيين الذين عملوا مع القوات والبريطانية ومؤسساتها المدنية في العراق جدلا، لتأكيده ان هذه المساعدة ستقتصر على الذين عملوا مع القوات البريطانية لمدة 12 شهراً، مستثنيا بذلك آلاف العراقيين الذين عملوا لفترات اقصر منذ عام 2003. ويشمل قرار مساعدة العراقيين الذين عملوا بشكل «متواصل طوال 12 شهرا أو أكثر» مع السلطات البريطانية، مما يعني ان الآلاف من العراقيين الذين عملوا لفترات اقصر غير مشمولين في القرار. ويذكر ان هناك ما بين 500 و600 عراقي يعملون لدى السلطات البريطانية في الوقت الراهن، بينما تقدر وزارة الخارجية ان حوالي 20 الفاً عملوا مع السلطات البريطانية لفترات متفاوتة خلال السنوات الاربع ونصف السنة الماضية. وقال ناطق باسم وزارة التنمية الدولية لـ «الشرق الاوسط» ان هناك 26 موظفاً عراقياً فقط يعملون لدى الوزارة في العراق، بينما امتنعت وزارة الخارجية عن الافصاح عن تفاصيل مكان عمل العراقيين الاخرين.

وأوضح وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند في بيان برلماني أول من أمس ان امام العراقيين الذين عملوا مع القوات البريطانية ثلاثة خيارات، اولها طلب المساعدة المالية من اجل انتقالهم الى العيش في مناطق اكثر اماناً داخل العراق، وثانيها طلب المساعدة المالية للعيش في مناطق مجاورة للعراق، ليكون الخيار الاخير خيار الانتقال الى المملكة المتحدة في حالات استثنائية. ويذكر ان المساعدة المالية تدفع «لمرة واحدة تعادل راتب 6 إلى 12 شهرا، بناء على طول مدة خدمتهم، لدفع نفقات انتقالهم هم وعائلاتهم إلى مناطق أخرى في العراق أو إلى دول المنطقة، وذلك في حال إنهاء خدماتهم أو استقالتهم من عملهم لأسباب تكون باعتقادنا ظروف استثنائية».

وقال ميليباند في البيان البرلماني: «لقد ساهم الموظفون المحليون العراقيون الذين عملوا لدى قواتنا المسلحة وبعثاتنا المدنية في العراق مساهمة لا غنى عنها»، مضيفاً: «ندين لهم بعظيم العرفان لمساهمتهم هذه، والتي ما زالت ضرورية لكي نتمكن من إنجاز مهمتنا في العراق».

وحرص ميليباند على تأكيد أن قرار الحكومة البريطانية مساعدة العراقيين يأتي «على أساس تطوعي محض، ودون إلزام قانوني لنا، نوعا من المساعدة تتجاوز حدود وضوابط ما يُلِزم به القانون أو الضوابط التعاقدية». وتشدد الحكومة البريطانية على انها غير ملزمة قانونياً لمساعدة هؤلاء العراقيين لتفادي طلبات لعمل المزيد من اجلهم. ومن اللافت ان البيان البرلماني يوضح انه يجب ان يكون العراقيون قد «أتموا العمل لدينا لما لا يقل عن 12 شهرا، وبشكل مُرضٍ»، مما يعني انه يجب ان تكون السلطات البريطانية راضية عن عمل الموظف العراقي المعني وان يكون قد ترك عمله معها وهم على وئام. ومن الشروط الأخرى ان يكون العراقيون قد عملوا مع البريطانيين بتاريخ الأول من يناير (كانون ثاني) 2005 أو ما بعد هذا الموعد. وشرحت مسؤولة في وزارة الخارجية البريطانية ان اختيار هذ الموعد تم على اساس ان «العمل منذ ذلك الوقت بات صعباً وواجه الموظفون العراقيون بعده متاعب لعملهم معنا». وتعمل وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والتنمية الدولية والخزانة من اجل الاتفاق على تفاصيل مشروع مساعدة العراقيين الذين علموا مع الجهات الحكومية البريطانية، حيث من المتوقع ان تكشف هذه التفاصيل نهاية الشهر الحالي. وشرح مصدر في وزارة الخارجية البريطانية ان الوزارة ستكون هي الرائدة في متابعة قضية العراقيين. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «نحن نعمل مع الحكومة العراقية لتنسيق تحركاتنا».

وعلى الرغم من ان اجراءات استقبال طلبات العراقيين غير واضحة بعد، الا ان بيان ميليباند أشار الى أن الذين يريدون طلب اللجوء في بريطانيا سيكون عليهم «التقديم عبر برنامج بوابة المملكة المتحدة لتوطين اللاجئين» الذي يأخذ من الاردن مقراً له. ويعني ذلك، ان على العراقي المعني ان يصل الى الاردن اولاً ومن ثم يقنع المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في عمان بقبول طلب لجوئه.

وبالاضافة الى الموظفين العراقيين في مختلف المجالات لدى السلطات البريطانية في الوقت الراهن، يمكن «لمترجمين وغيرهم من الموظفين العراقيين العاملين في مجالات محترفة مماثلة تتطلب استخدام اللغة الإنجليزية كتابة أو محادثة، والذين عملوا بالسابق لدى حكومة صاحبة الجلالة البريطانية في العراق، باستطاعتهم التقدم بطلب للحصول على مساعدة لأنفسهم ولعائلاتهم».

وتأتي مراجعة الحكومة البريطانية لسياستها تجاه الموظفين العراقيين لديها بعد حملة اعلامية واسعة لدعم هؤلاء، كانت صحيفة «التايمز» البريطانية على رأسها. وأكدت الصحيفة على ضرورة استقبال العراقيين ونشرت منذ شهرين عدداً من التقارير التي تسرد تجارب العراقيين الذين تعرضوا لمضايقات وتهديدات لعملهم مع القوات البريطانية وناشدت الحكومة من خلال افتتاحياتها للنظر في معاناة هؤلاء.