الصومال: تأجيل جلسات البرلمان لأسباب أمنية

غليان سياسي في بيداوا بعد تصاعد الخلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء

TT

أعلن في بيداوا (مقر البرلمان الصومالي 250 كم غرب مقديشو) عن تأجيل الجلسات التي كان مقررا أن تعقد بمقر البرلمان لمناقشة التطورات الحاصلة في البلاد إلى السادس عشر من الشهر الجاري. وقال النائب محمد حسن فقي سكرتير البرلمان الصومالي ان هذا القرار اتخذ لأسباب أمنية، وأنه تقرر استئناف جلسات البرلمان غدا. ومن المقرر أن تقوم القوات الإثيوبية بمهمة حفظ الأمن وحماية المشاركين في جلسات البرلمان. وتشهد بيداوا أجواء من الغليان السياسي بعد تصاعد الخلاف بين الرئيس عبد الله يوسف أحمد ورئيس الوزراء علي محمد جيدي الذي تواجه حكومته مشروعا لحجب الثقة عنها من قبل النواب. وفقد انقسم النواب بين مؤيدين للرئيس الذي يريد إقالة الحكومة الحالية برئاسة جيدي عن طريق البرلمان ومؤيدين لرئيس الوزراء الذي لا يرى قانونية مشروع طرح التصويت على منح الثقة للحكومة لأنها حاصلة عليها فعلا. وقد تحول مقرا إقامة كل من الرئيس ورئيس الوزراء إلى ما يشبه معسكرات للنواب المنقسمين حيث يعقد الرجلان جلسات متواصلة مع النواب للحصول على تأييدهم في هذا النزاع الذي وصل الى أوجه بينهما. واصطحب كل من الرئيس ورئيس الوزراء الى بيداوا مئات من قوات الحرس الخاص التي حولت شوارعها الى ما يشبه غابة من السلاح. وعلى الرغم من لزوم الرئيس الصومالي الصمت حيال الخلاف الحالي فإن رئيس الوزراء أعطى تلميحات بأن الخلاف وصل الى ذروته عندما حذر أمس من مخاطر اندلاع حرب أهلية مجددا في البلاد. وكان جيدي يتحدث في اجتماع عقده في مقره مع نحو 100 من النواب المساندين له في المعركة ضد الرئيس.

وكان 22 وزيرا صوماليا من أصل 32 وزيرا تتكون منهم الحكومة الحالية قد أصدروا مذكرة يطالبون فيها الحكومة بطلب الثقة من البرلمان مجددا، وجاء ذلك بعد انتهاء مهلة العام التي حددت لذلك بموجب اتفاق سابق، ومن بين الذين أصدروا هذه المذكرة وزراء الداخلية، والدفاع، والعدل، والصحة، والتعليم، والاتصالات، والتخطيط، والأمن الوطني. فيما اعتبر بأنه استقالة ملطفة من قبل هؤلاء الوزراء للضغط على رئيس الوزراء بالمثول أمام البرلمان وطلب الحصول على الثقة مجددا.

لكن وزير الدستور والفيدرالية عبد الله شيخ إسماعيل المقرب من رئيس الوزراء وصف هذه الخطوة بأنها غير قانونية وأن مدة الحكومة الحالية بقي منها سنة ونصف وبالتالي ستواصل أداء مهامها دون الحاجة إلى الحصول على الثقة مجددا.

ودعا عدد كبير من زعماء عشائر قبيلة الـ«أبجال» التي ينتمي اليها رئيس الوزراء إلى احترام مبدأ تقاسم السلطة التي شكلت على أساسه الحكومة القبلية (في إشارة إلى عدم المساس بمنصب جيدي) وهذا المبدأ مبني على المحاصصة القبلية بحيث تم تصنيف المجموعات القبلية إلى 5 لتقاسم المناصب الحكومية وقيادات الجيش والشرطة والمناصب الإدارية الأخرى في الدولة.

على صعيد آخر احتفل الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد بمناسبة مرور 3 سنوات على انتخابه لمنصب الرئاسة من قبل البرلمان الصومالي في المنفى في كينيا في العاشر من أكتوبر عام 2004. وقد عقدت المناسبة في مقر الرئيس يوسف في بيداوا وشارك فيها النواب والوزراء الموالون للرئيس، فيما لم يحضر الحفل رئيس الوزراء جيدي والنواب والوزراء الموالون له أيضا. ومنع الصحافيون من تغطية مناسبة احتفال الرئيس الصومالي بمرور 3 سنوات على انتخابه وسمح فقط للمحطة الإذاعية الرسمية بتغطية الحدث الذي اعتبره منتقدو الرئيس بأنه استعراض سياسي في هذه الظروف التي وصل الخلاف بين ثنائي الحكم في الصومال إلى الذروة. ومن المتوقع أن تشهد جلسات البرلمان سجالا ساخنا بين معسكري النواب الموالين للرئيس والموالين لرئيس الوزراء، ولا يستبعد المراقبون حدوث مفاجآت في النزاع بين المعسكرين مثل تقديم الوزراء الموالين للرئيس استقالة جماعية من مناصبهم أو أن يعمد جيدي إلى إجراء تعديل وزاري في بعض المناصب لتعزيز موقعه، ولا يعرف بعد الموقف الإثيوبي حيال هذه التطورات، وهذا الموقف يعتبر الفيصل في ترجيح إحدى الكفتين أو احتواء الموقف بحل وسط مثلما حدث في مثل هذا الوقت من العام الماضي.