جماعات الضغط في أميركا تتحايل على القانون بالهدايا والحفلات الخيرية لدعم سياساتها

بعد طرح القانون الأخلاقي الجديد لتنظيف الأوضاع في الكونغرس منذ «ووترغيت»

TT

في الايام الاخيرة، حضر 100 عضو في الكونغرس ومئات من العاملين في كابيتول هيل حفلتين، العديد منهم كضيوف على شركات وجماعات ضغط دفعت معظم قيمة التذاكر التي تصل الى 2500 دولار.

ولأن قبول مثل هذه الهدايا من جملة المصالح الخاصة هو أمر غير قانوني الآن، فان الشركات لم تقدم التذاكر مباشرة الى اعضاء الكونغرس او العاملين. وبدلا من ذلك، تبرعت الشركات بالتذاكر مرة اخرى الى المؤسسات الراعية للعمل الخيري، مع اسم الشخص الذي يريدون حصوله على التذكرة.

والترتيبات هي واحدة من أكثر الجهود وضوحاً، ولكنها ليست الترتيبات الوحيدة، للتلاعب على الاجراءات واللوائح الجديدة التي اقرها الكونغرس هذا الصيف للحد من دعوات الغذاء والسفر والهدايا والمساهمات في الحملات الانتخابية من اعضاء جماعات الضغط او الشركات التي تستخدمهم. وفي الاسبوع الماضي، توصل زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد الديمقراطي وزعيم الحزب الجمهوري ميتش كاكونل الى اتفاق مشترك بين الحزبين بخصوص الحفاظ على ميزة خاصة. فقد صاغا معاً في مشروع قرار للاعتمادات العسكرية سيحافظ على الممارسة القانونية لبعض الشيوخ بحجز رحلات جوية في اليوم الذي يعودون فيه الى بيوتهم، والحفاظ على اهم رحلة والتخلص من الباقي بدون دفع رسوم الإلغاء ـ وهي ممارسة قالت بعض شركات الطيران انها تخالف اللوائح الجديدة.

كما قدم اعضاء مجلس الشيوخ لأنفسهم فترة سماح بخصوص ضرورة دفع مقابل مرتفع لرحلات بطائرات نفاثة خاصة. واستمر اعضاء جماعات الضغط في تقديم التبرعات السياسية لاعضاء الكونغرس ولكنهم الآن يتأكدون من ان الاجمالي لا يصل الى الحد الذي يتطلب تطبيق قوانين الاعلان عن التبرعات. ومع اقتراب مؤتمرات اختيار مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة، فإن اعضاء الكونغرس واعضاء جماعات الضغط يعملون معاً لإنقاذ تقليد آخر، وهو النفقات التي ينفقها الحزب على اعضاء الكونغرس.

وكان الديمقراطيون قد طرحوا القانون الاخلاقي الجديد باعتباره اهم قانون لتنظيف الاوضاع في الكونغرس منذ «ووترغيت»، وانه مطلوب بعد العديد من الفضائح في 12 سنة الماضية من الحكم الجمهوري. وقد اعتبر زعماء الكونغرس القانون الذي وقعه الرئيس بوش في 14 سبتمبر (أيلول) الماضي بأنه تغيير حقيقي في واشنطن. وقد اتخذ هذا القرار بعض الفضائح التي انتشرت، ومن بينها تعاملات جاك ابراموف عضو جماعات الضغط وسجن ثلاثة من اعضاء الكونغرس بتهم الفساد في السنوات الاخيرة.

إلا أن هذه التغييرات ادت الى قلق بخصوص ما هو مسموح به. ففي الشهور الاخيرة تقدمت لجنتا الاخلاقيات في مجلسي الشيوخ والنواب بأكثر من ألف سؤال من اعضاء جماعات الضغط والعاملين في الكونغرس لطلب معرفة ما هو مسموح به. وفي اجتماع أخير للرابطة الاميركية لاعضاء جماعات الضغط، قالت كليتا ميتشل من مكتب فويل اند لاردنر القانوني، انه في الوقت الذي يمنع فيه القانون اعضاء الجماعات من دعوة اعضاء الكونغرس او العاملين فيه على الطعام، فليس هناك أيُّ تفسير بخصوص دعوتهم على مشروبات كحولية.

وفي حفل عشاء لمعهد الهيسباني في قاعة المؤتمرات في واشنطن، حصل معظم المدعويين من اعضاء الكونغرس على تذاكرهم من شركات، كما ذكر بول براثويت، وهو رئيس مكتب بودستا للترويج. وقال براثويت ان حوالي 12 من الشركات المتعاملة مع مكتبه اشتروا مواد تسع 10 اشخاص مقابل ما يتراوح بين خمسة آلاف الى 25 الف دولار للعشاء الهيسباني وحفل مؤسسة اعضاء الكونغرس السود.

وتتطلب الاجراءات ان الجمعية الخيرية الراعية للمناسبة هي التي توجه الدعوة وتقرر من يجلس واين. ولكن «في نهاية الامر، يشترك الجميع في السعادة» طبقا لما ذكره المتحدث باسم المعهد الاسباني، سكوت غوندرسون روزا. وتحظر فقرة في قانون الاخلاقيات الجديد اعضاء مجلس النواب من السفر على طائرات شركات الطيران. ولكن اعضاء مجلس الشيوخ، بمن فيهم نصف دستة من المرشحين لاختيار مرشح الرئاسة، يمكنهم الطيران على طائرات الشركات. وكان عليهم في الماضي دفع قيمة تذكرة درجة اولى الى الشركة صاحبة الطائرة.

وقررت لجنة الاخلاقيات في مجلس الشيوخ عدم تطبيق القانون لمدة 60 يوما بعد بداية تطبيقه في 14 سبتمبر الماضي.

وكان اعضاء الكونغرس قد استمروا لسنوات في حجز عدة رحلات على طائرات في اليوم الذي ينوون فيه مغادرة مدينة ما. وعندما ينتهون من عملهم يسافرون على متن الطائرة المناسبة اكثر لظروفهم ويلغون باقي الرحلات بدون دفع رسوم الغاء الرحلة، وهي ميزة يحرم منها الكثير. ولكن بعد اقرار القانون الجديد توقفت بعض شركات الطيران عن هذه الممارسة، خوفا من انها تنتهك القانون الجديد.

وتوجهت ديان فسنستاين الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا وروبرت بنيت الجمهوري عن ولاية اوتاه الى لجنة الاخلاقيات في مجلس الشيوخ بالسماح لهما بالحجز المتعدد للرحلات الجوية.

ومن المحتمل ان يؤدي الحظر الجديد على دفع الشركات لنفقات الضيافة الكثير من المشاكل في مؤتمرات اختيار مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة. فالقانون يمنع اقامة حفلات لتكريم عضو في الكونغرس خلال ايام المؤتمر. ويقول عدد من اعضاء جماعات الضغط ان صياغة هذه المدة تعني ان مثل هذه الحفلات بعد او قبل المؤتمر ممكنة.

وفي الوقت نفسه، يحجز اعضاء جماعات الضغط منطقة المخازن في دنفر ومركز ميتسوتا التجاري بالقرب من مؤتمر الحزب الجمهوري في مينيابوليس ـ سانت بول لعدة اسابيع قبل عقد المؤتمر. وقالت لجنة الضيافة في المؤتمرين انهم سيكرمون وفود الولايات، بمن فيهم اعضاء الكونغرس الذين يشاركون في المؤتمر. ومن بين اكثر نصوص القانون الجديد التي دار حولها جدل تتطلب من اعضاء جماعات الضغط الذين يقدمون تبرعات متعددة للحملات الانتخابية اكثر من 15 الف دولار تقديم تقرير كل 6 اشهر. ولكن المحامين قالوا ان المسؤول عن جمع التبرعات لهيلاري كلينتون توصل الى طريقة لتجنب تقديم إقرار عندما يبدأ تطبيق القانون في اول يناير(كانون الثاني).

وتقوم النشيطات السياسيات في الحزب بإرسال دعوات الكترونية لبعضهم بعضا لـ«صناعة التاريخ مع هيلاري»، وهو مؤتمر وحفل لجمع التبرعات يوم الاربعاء. وتشجع الدعوة النساء على تقديم تبرعات لهيلاري بالتعهد بتقديم ائتمان لهن على الإنترنت لكل تذكرة يتم بيعها. وبالنسبة للنساء اللائي تبرعن بالحد الأقصى للتبرع الشخصي، وهو 2300 دولار لا يمكنهن الحضور إلا اذا جمعن 4 آلاف دولار.

وقال كينيث غروس، وهو محامٍ ماليٍّ للحملات الانتخابية «هو عالم من التبرعات الصغيرة تحت شاشات الرادار».

* شارك في هذا التقرير جيفري برنباون وبول كين خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»