«أسبوع لبناني» حافل محاوره مبادرة بكركي ومسعى أوروبي ولقاءات بري ـ الحريري

حمادة: الأكثرية ستنتخب رئيسا في الموعد الدستوري... وسورية لا تريد انتخابات

TT

تنطلق مع بداية الاسبوع جولة جديدة من المساعي الداخلية والخارجية الهادفة الى ردم الهوة بين فرقاء الازمة اللبنانية حول الاستحقاق الرئاسي، بما يقرب امكانية التوافق على رئيس جديد للجمهورية بين القيادات السياسية المارونية، اولا، ثم بين فريقي 14 آذار و8 اذار.

واذا كانت المبادرة التي اطلقها البطريرك الماروني نصر الله صفير هي محور الامل في ان يتوافق الزعماء الموارنة في الموالاة والمعارضة على تسمية الرئيس الجديد للجمهورية، فان عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الى بيروت تبعث الامال بتحقيق مزيد من التقدم في اللقاءات التشاورية التي بدآها قبل اسابيع قليلة في اتجاه التوافق على الرئيس العتيد.

ويتلاقى مع هذا التحرك اللبناني الداخلي، التحرك الذي يقوم به ثلاثة من وزراء الخارجية الاوروبيين (الفرنسي برنار كوشنير والايطالي ماسيمو داليما والاسباني ميغيل انخل موراتينوس) الذين ينتظر مجيئهم الى بيروت في وقت لاحق هذا الاسبوع ـ ربما الخميس ـ لحضّ الفرقاء اللبنانيين على التقارب حول الاستحقاق الرئاسي ومن ثم معالجة بقية نقاط الخلاف التي تشكل محاور الازمة السياسية الحادة.

هذا، ومن المقرر ان يترأس بري غدا اول جلسة لمجلس النواب في العقد العادي الذي يبدأ في اول يوم ثلاثاء بعد 15 اكتوبر (تشرين الاول). وهذه الجلسة مخصصة لاعادة تشكيل اللجان النيابية واختيار اعضاء هيئة مكتب المجلس، باستثناء الرئيس ونائب الرئيس، علما ان هذه الجلسة لا يشترط ان تمثل الحكومة فيها. والوزراء الذين يشاركون فيها يحضرون بصفتهم نوابا وليس اعضاء في الحكومة.

وقد رأى الرئيس الاسبق للجمهورية الرئيس الاعلى لحزب «الكتائب اللبنانية» امين الجميل انه «آن الاوان لأن تجتمع الارادات المخلصة لانتخاب رئيس يواجه التهديدات» مؤكدا «ان لبنان لا يمكن ان يحقق اهدافه ويلعب دوره الا من خلال التوافق».

وقال في كلمة القاها امس خلال حفل توقيع كتاب «الشيخ بيار: تاريخ في صور» الذي يؤرخ لمسيرة والده مؤسس حزب الكتائب: «نحن نصر على ان يحصل الاستحقاق (الرئاسي) بتوافق اللبنانيين حتى يكون بداية الخلاص للبنان بعد عقود وعقود من زمن الهيمنة والاحتلالات وضياع الهوية ومصادرة القرار. آن الاوان من خلال هذا الاستحقاق (...) لان تجتمع كل الارادات اللبنانية المخلصة حتى تنتخب هذا الرئيس القادر على مواجهة كل الاستحقاقات وكل التهديدات المحدقة بالوطن ويملك الشجاعة والحكمة ويتواصل مع كل اللبنانيين من اجل خلاص لبنان». واعتبر «ان لبنان لا يمكن ان يحقق اهدافه وان يلعب دوره الا من خلال توافق كل اللبنانيين حول هوية لبنان الحقيقية، حول دور لبنان الطليعي في الشرق الاوسط وحتى في العالم، كونه النموذج الفريد من نوعه في هذا النوع من الديمقراطية وهذا النوع من الانصهار في منطقة الشرق الاوسط».

من جهته، رأى رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق سليم الحص ان «لا غرابة» اذا لم تؤد مبادرة بكركي الى نتيجة حاسمة مع «تشبث بعض السياسيين بمصالحهم الذاتية». وقال في تصريح ادلى به باسم «منبر الوحدة الوطنية ـ القوة الثالثة»: «ترقبنا بلهفة بالغة مبادرة صاحب الغبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير في محاولة جادة لفكفكة العقد التي تحول دون اجتياز الاستحقاق الرئاسي بسلام وعلى الوجه الذي يصون سلامة المصير الوطني اللبناني. لكننا، ويا للاسف، صدمنا بتصريحات بعض نجوم الساحة السياسية التي أكدوا فيها تشبثهم بنظراتهم الضيقة التي لا يرون فيها الا مصالحهم الذاتية الآنية ويلتزمون فيها زاوية فئوية عقيمة. ولم يتورعوا عن الانذار بالويل والثبور وعظائم الامور. فلا غرابة ان لم تؤد مبادرة بكركي المباركة الى نتيجة حاسمة تنقذ لبنان من المأزق الخطير».

واضاف: «لقد عادت الانظار تشخص الى رئيس مجلس النواب ومبادرته. ولكن الناس لم تلمس بعد رؤية من الرئيس بري ومقاربة ناجعة تفضيان الى حسم المسألة وتنقذان البلاد من ورطتها. فالحديث مع النائب سعد الحريري، باعتباره رئيس اكبر كتلة نيابية، مفيد بلا أدنى شك، لكننا لا نرى ان الحسم يمكن ان يأتي عن هذا الطريق وحده. أين سائر الافرقاء على الساحة السياسية الوطنية؟ وكيف سيتوصل رئيس مجلس النواب الى التوافق المنشود معهم؟».

وأكد وزير الاتصالات مروان حمادة (قوى 14 اذار) ان لبنان «لن يصل الى الفراغ على رغم محاولات العرقلة». وقال في حديث اذاعي بث امس: «ان قوى الاكثرية ستنتخب رئيسا في الموعد الدستوري لان من واجب النواب التوجه الى المجلس او غير المجلس لانتخاب رئيس». وأضاف: «ان سورية لا تريد حصول انتخابات رئاسية لانها لن تجد كرئيس الجمهورية الحالي (اميل لحود) يقوم بما تمليه عليه». ورفض اعطاء تفاصيل عن لقاء المعارضة والموالاة في بكركي، داعيا الى «ترك الوقت للجنة المصغرة التي شكلت لبلورة الافكار ما قد يساعد على معاودة الحوار، لانه لا يجوز ان يكون هناك حوار سني ـ شيعي فقط». وعلى ان الرئيس بري والنائب الحريري «لن يوافقا على رئيس لا يتمتع بثقة بكركي». وشدد على «اننا نريد رئيسا يكون عهده فاتحة لتطبيع العلاقات في كل الاتجاهات على اساس الند للند واحترام القرارات الدولية، معتنقا وحدة الدولة اللبنانية، وان لا يكون تحت رحمة كلمة من ولاية الفقيه (حزب الله) او مزاج الرئيس السوري بشار الاسد».

وزار امس رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» دوري شمعون (قوى 14 اذار) مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني مهنئا بعيد الفطر. وقال في تصريح عقب اللقاء: «هناك بعض المخاوف عند المجتمع اللبناني من جراء التهديدات المبطنة وغير المبطنة، ومن جراء تصرفات بعض الفئات في لبنان. فلنعقد وفاقا باي ثمن لنتفادى اي مشاكل يمكن ان تحدث على الارض. ونحن مستعدون لاي وفاق، لكننا لا نستطيع ان نتجاوز، ولو شعرة واحدة، الدستور اللبناني والقوانين اللبنانية والشرعية الدولية. كما لا يمكننا تجاوز النقاط التي اتفق عليها حول الطاولة المستديرة، طاولة الوفاق. وكل ما دون ذلك هو امر سهل».

وأيد انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائد واحدا اذا لم يتم انتخابه بالتوافق، قائلا: «انا مع هذا الاجراء. واعتبر ان ذلك سيكون آخر المطاف. وممنوع ان يحصل اي فراغ دستوري. واي فراغ دستوري يعني اننا نقدمه على طبق الى كل من يفضلون حصوله كي يستطيعوا خلق فوضى في لبنان بهدف عرقلة والغاء المحكمة الدولية».

وقالت النائبة بهية الحريري امام وفود شعبية زارتها للتهنئة بالعيد: «ان استحقاق رئاسة الجمهورية واجب. وان شاء الله يمر على خير ضمن المهل والاصول الدستورية، مع دعم كل المبادرات التي تطل علينا سواء مبادرة الرئيس نبيه بري واللقاءات المكثفة والتواصل بينه وبين النائب سعد الحريري، وصولا الى المبادرة الاخيرة التي قام بها غبطة البطريرك نصرالله صفير بعملية تأليف لجنة متابعة لتسهيل الاستحقاق في مواعيده».

واكد عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب كميل خوري «نية التكتل في الوصول الى اتفاق داخلي حول مسألة رئاسة الجمهورية» مشيرا الى «قبول التكتل المشاركة في اللجنة التي ستشكل قريبا برعاية بكركي». ولاحظ ان «نية عدم الوصول الى الاستحقاق موجودة عند بعض الاطراف السياسية. وكل من يعتبر ان تشكيل حكومة وحدة وطنية هو خيانة لا يريد تسهيل الامور». وقال ان «اكبر تنازل قدمته المعارضة كان من خلال مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث وضع مطلب حكومة الوحدة الوطنية جانبا. ورأينا كيف تعاطت الاكثرية بالسلبية مع المبادرة من دون ان ننسى المبادرة الانقاذية التي طرحها العماد ميشال عون».

وتمنى النائب علي عسيران (كتلة التنمية والتحرير) ان «ينعم لبنان بالاستقرار والامن». وقال: «ان هذا البلد يحتاج الى تضافر جهود ابنائه كافة في هذه المرحلة الحساسة من اجل انقاذ البلاد من الازمة السياسية التي يمر بها». ورأى ان «الحل يكون بالتفاهم والتوافق على رئيس للجمهورية خلال موعد الاستحقاق الرئاسي الذي حدده الرئيس بري في 23 الحالي» داعيا الى «تبني وانجاح مبادرة الرئيس بري الانقاذية والوطنية التي تقوم على التوافق والتفاهم والتلاقي». ونوه بالجهود التي يبذلها البطريرك صفير، قائلا: «ان بكركي مرجعية وطنية بامتياز. وهي لعبت في السابق وتلعب اليوم، بحنكة سيدها، ادوارا بناءة من اجل قيامة الوطن واختيار الرئيس العتيد للحفاظ على وحدة لبنان ومؤسساته وعلى جمع كلمة اللبنانيين».