الرئيس الصيني أكد أن بلاده لن تتبنى الديمقراطية الغربية ولوح بغصن الزيتون لتايوان

الحزب الشيوعي الصيني يرسخ نفوذه في مؤتمره السابع

مجموعة من أفراد الشرطة الصينية يرسمون شعار المطرقة والمنجل في افتتاح مؤتمر الحزب الشيوعي(أ.ف.ب)
TT

أكد الرئيس الصيني هو جينتاو امس في خطاب «حالة الامة» لمناسبة افتتاح المؤتمر السابع للحزب الشيوعي الصيني في بكين ان الحزب سيظل ممسكا بقوة بزمام السلطة رغم المضي قدما بالاصلاح السياسي مشددا على ان الانفتاح السياسي لن يخرج عن النموذج الاشتراكي ومحذرا بالوقت نفسه من العواقب الاجتماعية والاقتصادية لحركة النمو المضطردة.

وفي خطاب حضره نحو 2200 مندوب، قال الرئيس ان البلاد التي قادها طيلة خمس سنوات ستطبق سياسة اقتصادية أكثر انفتاحا لكن عليها أيضا أن تتغلب على التصدعات الاجتماعية وتلوث البيئة الناجم عن النمو، كما تحدث عن تخفيف بعض القيود السياسية طالما احتفظ الحزب الشيوعي بهيمنته القديمة دون اي تحد. وفي الكلمة التي القاها واستمرت حوالى الساعتين ونصف الساعة في المؤتمر الحزبي المنعقد لمدة اسبوع في قصر الشعب في ظل اجراءات امنية مشددة، حافظ الامين العام للحزب ورئيس البلاد على حذره المعهود في هذين المجالين الاساسيين. وبصوت رتيب اكد هو جينتاو الذي ارتدى بزة زرقاء داكنة وربطة عنق طغى عليها اللون الاحمر، مرارا على شعاره الرئيسي المتمثل بـ«الوفاق الاجتماعي».

واشارت وكالة انباء الصين الجديدة الى ان هو جينتاو تلفظ بكلمة «ديمقراطية» ستين مرة امس بيد ان الرئيس الصيني لم يصل الى حد مفاجأة المراقبين في هذا الاطار. وقد اكد ان «ترسيخ الاصلاحات السياسية» يشكل محورا اساسيا في السنوات الخمس المقبلة بيد ان «الديمقراطية على الطراز الاشتراكي» تبقى هي الاساس.

واوضح ان «الاصلاح السياسي يجب ان يترسخ تماشيا مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية بوتيرة التنمية الاشتراكية» حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. واضاف ان «مواصلة اصلاح النظام السياسي بالعمق تتطلب منا المحافظة على توجه سياسي سليم وتوسيع الديمقراطية الاشتراكية من اجل ضمان وضع المواطنين بوصفهم اسياد البلاد». واوضح «يجب ان نبقي بحزم على الدور الرئيسي للحزب الشيوعي الصيني في السيطرة على مجمل الوضع وتنسيق عمل جميع الاطراف». وشدد هو على «مشاركة المواطنين التي ستتوسع بشكل منظم» ملمحا بذلك الى ان الصين لن تنتقل الى نظام ديمقراطي برلماني على الطراز الغربي. واقترح التوصل تدريجا الى انتخاب النواب وممثلي المجالس الشعبية في المدن والمناطق الريفية فضلا عن تحسين نظام الاختيار السياسي وحق الرقابة الديمقراطية والمشاركة في الشؤون السياسية. وتمنى كذلك تطبيقا افضل للدستور والقوانين فضلا عن نظام ادارة وحكم افضل. وقال «سنحرص على تحسين الشفافية وصدقية السلطات الحكومية بفضل تحسين الادارات التي تتعاطى مع الشؤون اليومية».وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، شدد هو على ضرورة حصول «تنمية متوازنة لضمان نمو سليم وسريع» للعملاق الاسيوي الذي يضم اكبر عدد من السكان في العالم ويعتبر ثالث اقتصاد عالمي. ولم يكشف هو الذي يتوقع ان يجدد له لولاية ثانية من خمس سنوات على رأس الدولة، عن اجراءات استثنائية لكنه شدد على انه «رغم التقدم الاستثنائي المحرز في السنوات الاخيرة، يبقى تباين لا يستهان به بين ما حققناه وتطلعات الشعب». واضاف ان النمو خصوصا «اتى على حساب ثمن مرتفع على صعيد الموارد والبيئة في حين ان التنمية تبقى متفاوتة بين المدن والارياف وبين المناطق المختلفة وبين القطاعات الاقتصادية والاجتماعية».

وبين المشاكل التي ينبغي حلها تحدث عن مسألة «تقاسم العائدات» فضلا عن مشاكل العمالة والضمان الاجتماعي والصحة والتربية. وعلى الصعيد الاقتصادي ايضا، قال هو ان بلاده يفترض ان تحقق، بشروط، هدفها بزيادة اجمالي النتاج المحلي باربعة اضعاف للفترة الممتدة بين 2000 و2020. لكنه شدد على ان هذا الهدف رهن بعدة عوامل ولاسيما قدرة البلاد على خفض التلوث وتبذير الموارد. واشار الزعيم الصيني كذلك الى كلفة النمو الصيني على الصعيدين البشري والبيئي مؤكدا تصميم بكين على التوصل الى تنمية اكثر توازنا.

من جهة اخرى دان هو «الفساد والتهاون» الذي يصيب بعض كوادر الحزب الشيوعي داعيا الى مكافحة هاتين الظاهرتين اللتين تهددان برأيه استمرارية الحزب. وقال «ثمة ظواهر سيئة مثل الترف والتبذير وعدم التحرك والفساد» موضحا ان «معاقبة الفساد والحؤول دون وقوعه بفاعلية هما من المسائل الاساسية التي تقرر تطور الرأي العام واستمرارية الحزب». واعتبر ان ذلك «يشكل مهمة سياسية ترتدي اهمية كبرى». واشار هو الى ان «بعض المنظمات الاساسية في الحزب متهمة بالضعف والتهاون. بعض كوادر الحزب وان كان عددهم ليس بكبير بات لهم اسلوب عمل غير مناسب تطغى عليه البيروقراطية».واضاف «هذه المشاكل تتطلب اهتمامنا الكبير ويجب بذل جهود جدية ومتواصلة لحلها». ويمثل المؤتمر الذي يعقد كل خمس سنوات فرصة للحزب لعرض جدول أعماله العام للسنوات الخمس التالية وضم قيادات جديدة تطبق سياساته ويحتمل أن تحتل القمة بعد خمس سنوات. وشدد الرئيس على ان قبضة الحزب الحديدية وسياساته الرامية لنشر الرخاء وكبح النمو المفرط تفتح الطريق أمام جعل البلاد اكثر ثراء واستقرارا وقوة. وقال انه مع نمو الاقتصاد سيسمح الحزب أيضا للمواطنين على تنوع أعراقهم بأن تكون لهم كلمة أكبر في حكومتهم. ووعد بتطوير قوة دفاع اكثر تطورا تكنولوجيا وتضم متخصصين على مستوى جيد من التدريب. لكنه لمح الى ان المناخ الدولي المحيط بالصين لا ينذر بالخطر بصفة عامة ولوح بغصن الزيتون لتايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي وتقول الصين انها جزء من اراضيها. وحذر الرئيس الصيني تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي، أمس الاثنين، من اعلان الاستقلال رسميا وتعهد باعادتها الى الصين من خلال الوسائل السلمية.

وقاد هو الصين لخمس سنوات شهدت نموا اقتصاديا سريعا واضحت خلالها البلاد قوة اقتصادية ودبلوماسية كبرى وسيتوج دورها باستضافة دورة الالعاب الاولمبية لعام 2008 في بكين. غير ان الصين تواجه تحديات خطيرة لنموذجها للتنمية من بينها الفجوة الضخمة بين الاغنياء والفقراء والتدهور البيئي واسع النطاق والفساد بين المسؤولين وجميعها عوامل تؤجج الاضطرابات الاجتماعية. وبعد عزل زعيم الحزب السابق في شنغهاي تشين ليانجيو العام الماضي بسبب الفساد حذر الرئيس الصيني من ان الفساد يهدد بقاء الحزب ذاته.