قادة أميركيون يدعون إلى إعلان النصر على «القاعدة» في العراق

جنرال أميركي: إنهم أقل تنسيقاً وأكثر تفرقاً.. وقدرتهم تقلصت 70%

TT

يرى القادة العسكريون الأميركيون أنهم وجهوا ضربات قاصمة لـ«القاعدة» في العراق خلال الأشهر الأخيرة، مما جعل بعض الجنرالات ميالين إلى الإعلان عن تحقيق انتصار ضد هذا التنظيم الذي ظلت إدارة بوش تصفه بأكثر الخصوم دموية في العراق.

لكن البيت الأبيض وقادته العسكريين يخططون للمرحلة المقبلة من الحرب، بينما راح مسؤولون آخرون يحذرون من اتخاذ ما يرونها خطوة سابقة لأوانها يمكنها أن تتسبب في مصاعب استراتيجية وسياسية للولايات المتحدة. وتصريح من هذا النوع قابل على أن يثير انتقادا يستند إلى فكرة أن النزاع في العراق أصبح حربا أهلية على القوات الأميركية ألا تكون طرفا فيها. في الوقت نفسه، تشعر الاوساط الاستخباراتية وبعض العسكريين بالقلق من التقليل من شأن عدو أظهر قدرا عاليا من التكيف في الماضي.

وقال مسؤول استخبارات كبير «أظن أن ذلك سيكون سابقا لأوانه. فتنظيم القاعدة في العراق يمتلك القدرة على المفاجأة بهجمات كارثية»، لذلك فإن التفاؤل المبكر مثل ذلك الذي تلى مقتل مؤسس «القاعدة» في العراق أبو مصعب الزرقاوي في شهر يونيو (حزيران) 2006 لم يثبت عدم صحته بل تلاه توسيع هائل للعمليات على يد أعضاء هذه المنظمة.

لكن هناك اتفاقاً واسعاً على أن «القاعدة» في العراق تلقت ضربات كبيرة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ومن بين المؤشرات، الانخفاض الكبير في التفجيرات الانتحارية من 60 عملية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي إلى حوالي 30 في شهر يوليو (تموز).

وكان للاعتقالات الواسعة لقادة «القاعدة» في العراق والتحقيق معهم تأثير كبير أدى إلى قتل واعتقال آخرين. كذلك تضاءل تدفق المقاتلين الأجانب عبر سورية إلى حد كبير، على الرغم من أن المسؤولين غير واثقين مما إذا كانت «القاعدة» بدأت بتحويل المجندين الجدد إلى أفغانستان وأماكن أخرى.

وجاء نشر قوات أميركية وعراقية في معاقل «القاعدة» في العراق بمحافظة الأنبار وبغداد، إضافة إلى تجنيد المقاتلين العشائريين السنة لمحاربة ميدانيي «القاعدة» في تلك المواقع مما ساعد على حرمان مقاتليها من امتلاك قاعدة آمنة تساعدهم للانطلاق منها بعملياتهم.

وقال اللفتنانت جنرال ريموند اوديرنو، القائد العسكري، والذي يحتل المرتبة الثانية من حيث الاهمية في العراق «إنهم أقل فأقل تنسيقاً، وأكثر فأكثر تفرقاً». وقدر أوديرنو نسبة تقلص قدرات «القاعدة» في العراق بـ60 إلى 70% منذ بدء العام الحالي.

ويرى اللفتنانت جنرال ستانيلي ماك كريستال، رئيس العمليات الخاصة المشتركة في العراق والمروج للإعلان عن الانتصار، أن «القاعدة» في العراق تمت تصفيتها. لكن الأدميرال ويليام فالون، رئيس القيادة الأميركية الوسطى، والتي تغطي العراق وبقية الشرق الأوسط حث على ضبط النفس، كما قال ضابط استخبارات عسكرية طلب عدم الكشف عن اسمه.

من جانب آخر، ظل ضباط أميركيون كبار في العراق، بمن فيهم الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الأميركية في العراق، يتشكون من أن القيادة الوسطى ووكالة الاستخبارات المركزية سلبيتان في تحليلهما. وبما يخص هذه القضية فإن بترايوس يوافق على ما يراه فالون بضرورة ضبط النفس حسبما قال ضابط الاستخبارات العسكرية.

وقال المسؤول العسكري ان قادة اميركيين بارزين، بمن فيهم بترايوس، ظلوا يشكون من سذاجة التحليلات التي تجريها الادارة الوسطى ووكالة الاستخبارات المركزية. ففي كل تقييم للتقدم الذي احرز في مواجهة «القاعدة»، هناك تحذير غالبا ما يكون مصدره تجربة سلبية. وعلى الرغم من ازدياد عدد القتلى والمعتقلين في صفوف «القاعدة» في العراق، قال اديرنو ان إعداد وتفجير سيارة مفخخة لقتل آلاف الاشخاص يحتاج الى ثلاثة افراد فقط. وأضاف ان الهدف هو تقليل آثار الهجمات وإطالة الفترات بين هذه الهجمات. وقال مسؤولون اميركي آخر، رفض ذكر اسمه او الجهة التي يعمل لديها، ان المعلومات الآن «غير كافية ومن الصعب استخدامها بغرض تقييم الوضع». وأضاف ان «القاعدة» في العراق تلقت بعض الضربات، وان هناك تقدما في العمليات الموجهة ضدها، إلا انه لا يعرف حتى الآن الفترة التي ستستغرقها هذه العمليات، كما اكد ايضا انهم ظلوا يقاومون ضغوطا متزايدة. الذين يرون ان «القاعدة» منيت بالهزيمة اشاروا الى الاختلافات حول عملها بصورة مستقلة عن مركز «القاعدة» بقيادة اسامة بن لادن. وعلق مسؤول رفيع في البيت الابيض قائلا ان الكل يدلي برأيه حول عمل فروع «القاعدة» وعلاقتها بالتنظيم الرئيسي. وأضاف متسائلا عما اذا كانت «القاعدة» تعمل وفقا لإدارة مركزية ام لا مركزية. وعلق قائلا ان الاجابة عن هذا السؤال لها اثرها على «القدرة على تحديد ما اذا كان تنظيم «القاعدة» في العراق منيَّ بالهزيمة ام جرى تحييده أم أن الأمر كله انتهى. وقال المسؤول الاميركي في بغداد ان «مناطق عمليات القاعدة في العراق قد تقلصت قليلا، وذلك لعدة اسباب بعضها ايجابي، وبعضها الآخر سلبي. فثلاث سنوات من الاقتتال الطائفي قضى على مناطق كان يقطنها خليط من السكان السنة والشيعة. نشط تنظيم «القاعدة» هذه المناطق التي كانت تضم مسلمين سنّة متطرفين وشن انطلاقا منها هجمات على الشيعة وقوات الأمن وعلى مسؤولين في الحكومة. إلا ان ما حدث في المناطق السكنية التي كان يقطنها السنّة والشيعة جعل من مساعي ادارة بوش للمصالحة السياسية امرا اكثر صعوبة. الوجود المتزايد للقوات الاميركية في مناطق قتال بالكثير من أجزء العاصمة بغداد اسفر عن ضغوط على «القاعدة» في العراق، إلا ان المحك الرئيسي للمكاسب التي تحققت في مواجهته ستظهر عندما يسلم الجيش الاميركي هذه المناطق الى القوات العراقية السنة المقبلة. التفجيرات الاخيرة شمال العراق أقنعت بعض المسؤولين بان «القاعدة» في العراق نقلت عملياتها شمالا. إلا ان مسؤولين اميركيين قالوا انهم لا يعرفون ما اذا غادرت عناصر «القاعدة» بغداد والأنبار بصورة نهائية أم ان التنظيم يحاول فقط الانزواء في الوقت الراهن انتظارا لمغادرة القوات الاميركية او فشل رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، في إنهاء النزاع الطائفي الذي اججته «القاعدة» وتستغله الآن. ربما يكون لإعلان الانتصار على «القاعدة» «جانب سيكولوجي» يتمثل في عدم وجود ما يحفز للقتال من اجل قضية خاسرة، قال مسؤول البيت الابيض ان النقاط الايجابية ربما تكون محدودة.

وأضاف ان إعلان دحر «القاعدة» سيجد تأييداً، لكنه تساءل حول ما سيكون عليه موقف الرأي العام اذا استطاعت «القاعدة» في وقت لاحق استخدام ما تبقى لها من قدرات في تنفيذ سلسلة من التفجيرات.

* خدمة «نيويورك تايمز»