بوتين يؤكد أنه ذاهب إلى طهران بعد تضارب في التصريحات حول الزيارة

ميركل حذرته من التناقض مع الغرب في الملف الإيراني

TT

حسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجدل حول زيارته المرتقبة الى طهران مؤكدا ان الزيارة لن ترجأ رغم انباء اوردتها وكالة روسية نقلا عن مصادر استخباراتية عن احتمال تعرضه لعملية اغتيال ينفذها انتحاريون في طهران.

وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي عقده في فيزبادن غرب المانيا بعد محادثات مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل «سأذهب الى ايران بطبيعة الحال» حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد بوتين «لو كنت استمع الى ما تقوله اجهزة الامن، لكنت امتنعت تماما عن الخروج. فليقوموا هم بعملهم، ولنقم نحن مع السيدة المستشارة وزملائنا الاخرين بعملنا».

واضاف انه «سيتم بحث المسائل المرتبطة بالملف النووي الايراني خلال اللقاء مع القادة الايرانيين».

وتشكل روسيا مع الصين الحاجز الاخير امام اصدار مجلس الامن قرارا ثالثا بفرض عقوبات على طهران بسبب رفضها تعليق تخصيب اليورانيوم.

ولا تزال موسكو تراهن على التعهد الذي قطعته طهران في اغسطس (آب) بامداد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمعلومات حول الجوانب الغامضة في برنامجها النووي.

وكان الغموض خيم على الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي الى ايران اذ عاد الكرملين عن تأكيد سابق بان الزيارة ستجري قائلا وعلى لسان احد المتحدثين الرسميين ان الزيارة ليست اكيدة في حين أكدت طهران ان لا تبدل في برنامج الزيارة معتبرة ان الانباء حول التأجيل تأتي في اطار «حرب نفسية» لاعاقة الزيارة التي تجتذب اهتماما كبيرا بسبب دور روسيا كوسيط في المحادثات التي تجريها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن بالاضافة الى المانيا حول الملف النووي الايراني.

وقال متحدث باسم الكرملين امس انه لم يتضح بعد ما اذا كان الرئيس الروسي سيمضي قدما في زيارته لايران بعد ما تردد عن مخطط لاغتياله هناك. وقال ديمتري بيسكوف في اتصال هاتفي مع رويترز «ليس لدينا معلومات عما اذا كان سيذهب ام لا».

وقالت وكالة انترفاكس الروسية للانباء اول من امس في تقرير استند الى مصدر واحد لم تكشف عنه «تلقى مصدر موثوق به في أحد أجهزة المخابرات الروسية معلومات من مصادر مختلفة خارج روسيا تفيد ان هناك خطة لمحاولة اغتيال خلال زيارة رئيس روسيا لطهران».

وفي وقت سابق قال بيسكوف الذي وصل الى طهران قبل وصول بوتين المقرر للصحافيين صباح امس «وفقا للجدول، سيصل الرئيس الليلة. لا علم لنا بأنه سيغير خططه».

وقال فلاديمير فاسيليف رئيس اللجنة الامنية في البرلمان الروسي «اعتقد ان هذه معلومات خطيرة جدا».

واضاف لقناة فسيتي التلفزيونية الاخبارية «اتمنى ان يتم التأكد من كل هذه المعلومات من خلال التعاون بين اجهزة المخابرات الدولية واتخاذ الخطوات اللازمة».

ومن جانبها، شددت ايران على ان الزيارة لن تتأجل. وقال محمد علي حسيني المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية في بيان صحافي اسبوعي أذيع على الهواء مباشرة في القناة التلفزيونية الناطقة بالانجليزية «السيد بوتين سيصل هذا المساء».

واضاف حسيني صباح امس ان «الروس انفسهم لم يكترثوا بتلك المعلومات» مضيفا انه على كل حال وقبل صدورها كانت «الاجهزة الايرانية والروسية اتخذت اجراءات امنية كبيرة».

وقال حسيني ان الرئيس الروسي «سيقوم بزيارة عمل تستمر يومين في ايران» موضحا ان اليوم الاول للزيارة سيخصص لقمة الدول الخمس المطلة على بحر قزوين. واضاف ان بوتين «سيجري غدا مناقشات مع مسؤولين ايرانيين للبحث في مسائل ثنائية اقليمية ودولية».

وزيارة بوتين لايران هي لحضور قمة دول بحر قزوين لكن اجتماعه المرتقب مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد سيتيح له الفرصة للسعي الى حل سلمي لمشكلة برنامج ايران النووي ولاظهار استقلاله عن واشنطن بشأن قضايا الشرق الاوسط.

وتقول روسيا ان محاورة ايران والتعامل معها وسيلة أكثر نجاحا في التعامل مع برنامج ايران النووي بدلا من عزلها. وتبيع روسيا أسلحة لايران في تحد للمخاوف الاميركية وتبني محطة تعمل بالطاقة النووية في بوشهر بايران. ولكن زيارة بوتين لطهران امر دقيق دبلوماسيا للكرملين ويقول مسؤولون روس في أحاديث خاصة انهم غير مرتاحين للهجة احمدي نجاد الراديكالية وان السفر الى طهران قد يعمق الخلافات مع الغرب بشأن اسلوب التعامل مع ايران.

ويرى محللون ان التأخير المتكرر لاستكمال محطة بوشهر مؤشر على أنه أيا كان ما تقوله موسكو علنا فان لديها شكوكا عميقة بشأن ادارة الرئيس أحمدي نجاد. وتقول روسيا إن سبب التأخير مشكلات فنية.

وفي مؤتمر صحافي مشترك في ثاني ايام زيارة بوتين الى المانيا، دعت المستشارة الالمانية الى فرض عقوبات جديدة من جانب الامم المتحدة على ايران ما لم تستجب لمطالب المنظمة الدولية بشأن برنامجها النووي.

وأضافت ميركل في مؤتمر صحافي مع الرئيس الروسي «من الواضح أنه اذا لم تذعن ايران فانه ينبغي فرض مجموعة جديدة من العقوبات».

وتابعت «نحن متفقون. اذا كان هذا لا يجدي فستكون هناك مجموعة جديدة من العقوبات» بحسب وكالة رويترز.

كذلك، حذرت المستشارة الالمانية من مخاطر اعتماد روسيا والغرب مواقف متناقضة ولا سيما بشأن ايران.

وقالت ميركل «لا يمكننا تسوية المسائل العالمية الكبرى الا معا. اننا نتحدث كثيرا في الوقت الحاضر عن ايران والمسألة النووية وكوسوفو».

واضافت في خطاب القته امام منظمة «حوار سان بطرسبرغ» التي انشئت للتقريب بين المجتمعين المدنيين الالماني والروسي «اننا نبحث باسلوب مبتكر عن حلول بناءة. لا يمكننا تسوية المشكلات اذا تحركنا في اتجاهات متناقضة».

من جهته اكد بوتين ان برلين وموسكو «تدركان مسؤوليتهما المشتركة في تعزيز علاقات الثقة والتعاون بين الدول الاوروبية»، غير انه لم يتطرق الى «التطابق المتزايد في وجهات النظر بين المانيا وروسيا» الوارد في نص خطابه الموزع على الصحافيين.

وكانت المستشارة ميركل قالت في حديث لصحيفة «دي فيلت» الواسعة الانتشار أن إيران تهدد أمن إسرائيل وانها كمستشارة لا يمكن أن تسمح بذلك.

وأضافت ميركل: «لا يمكن أن نغمض عيوننا عن الخطر» الذي يمثله ملف إيران النووي. وعبرت ميركل عن قناعتها بضرورة حل المشاكل العالقة مع إيران بالحوار، مؤكدة استعدادها لفرض المزيد من العقوبات عند الضرورة.

وجدير بالذكر ان العلاقات المشتركة الألمانية الروسية في زمن انجيلا ميركل لم ترتق إلى مستواها «المنسجم» في زمن المستشار السابق غيرهارد شرودر إلا أن ميركل تواصل سعيها الحثيث لإرساء العلاقات الثنائية على أساس المصلحة المشتركة للبلدين في التصدي للقضايا الدولية العالقة. ويأتي لقاء القمة الألماني الروسي في فيسبادن (غرب) في إطار سلسلة اجتماعات «حوارات بطرسبورغ» التي بدأها المستشار السابق شرودر قبل 10 سنوات. وهي سلسلة اجتماعات حاولت ميركل موازنتها من خلال عقد سلسلة اجتماعات ألمانية فرنسية اطلقت عليها اسم «حوارات ستراسبورغ». وأكدت المستشارة على العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين مشيرة إلى ضرورة حل كافة مشاكل العلاقة بين البلدين بالحوار وعدم «تمريرها تحت الطاولة». من ناحيته، أكد بوتين على ضرورة مواصلة الحوار مع ألمانيا مشيرا إلى أن هذه السياسة لن تتغير بعد الانتخابات الروسية في ديسمبر (كانون الاول) المقبل أو في حالة مجيء رئيس روسي جديد بعد الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة مارس (آذار) 2008. ودعا بوتين الاقتصاد الألماني إلى زيادة استثماراته في روسيا مشيرا إلى الاستثمارات الإيطالية التي بلغت 7 مليارات يورو هذا العام في بلاده. ومعروف أن ألمانيا، في نهاية عهد المستشار شرودر، وقعت عقدا لمد أنابيب الغاز والنفط من روسيا إلى ألمانيا تحت مياه بحر البلطيق. وتسبب العقد، الذي تزيد قيمته عن 5 مليارات يورو، في تأزيم العلاقات الألمانية مع بولندا التي تستفيد من مرور الأنابيب عبر أراضيها.

وشهد مساء أمس ايضا لقاء لأعضاء الحكومتين الألمانية والروسية لمناقشة الشؤون الاقتصادية والسياسية بين البلدين. كما يفترض أن يتناول اللقاء، الذي سيحضره اكثر من عشرة وزراء يمثلون البلدين، قضايا النازعات الدولية التي تهم ألمانيا وروسيا. كما أخذ الرئيس الروسي مثال كوريا الشمالية لترجيح فرضية الحوار على العقوبات بهدف إقناع إيران بالتخلي عن طموحاتها النووية. وقال بوتين «نرى تطورات ايجابية في شبه الجزيرة الكورية». وأضاف «لقد تحلينا هناك بالصبر وسعينا تدريجا وراء حلول. يبدو أننا في صدد إيجادها. نعتبر انه ينبغي القيام بالأمر نفسه في ما يتعلق ببرنامج ايران النووي».

وفي موسكو، ذكرت وكالات أنباء نقلا عن مصدر في جهاز أمني أن المخابرات الروسية أكدت تلقيها معلومات عن التخطيط لمؤامرة تستهدف الرئيس بوتين.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية وكل من «ايتار تاس» و«انترفاكس» في تقارير متطابقة تقريبا عن المصدر قوله «إن السلطات المختصة تعمل بنشاط مع شركاء أجانب على المعلومات التي وصلت امس (أول من أمس) عن تهديد إرهابي يتعلق برئيس دولة روسيا».