واشنطن : السيدة الأولى تسجل حضورا دوليا بدون أن تغير من صورتها

رحلة لقرينة الرئيس بوش إلى منطقة الشرق الأوسط لتعميق الوعي بسرطان الثدي

السيدة الأميركية الأولى لورا بوش
TT

ستقلع طائرة عسكرية من قاعدة آندروز العسكرية بولاية ميريلاند الاميركية يوم السبت المقبل تحمل اسم Bright Star متجهة الى مهمة دبلوماسية في منطقة الشرق الاوسط وعلى متنها سيدة الولايات المتحدة الاولى لورا بوش. الغرض الرسمي من الزيارة هو تعميق الوعي بسرطان الثدي. وبالطبع لا أحد يتوقع ان تشارك زوجة الرئيس في مفاوضات حول الحرب والسلام. وعلى الرغم من ان لورا بوش جعلت زوجها الرئيس يصرح في السابق بأنها لن تلقي خطابا، فها هي الآن تغادر الولايات المتحدة في مهمة غير مألوفة. كانت لورا بوش ضمن الحضور في الجمعية العامة للامم المتحدة اواخر سبتمبر (ايلول) الماضي عندما انتقد زوجها الحملة المشددة للنظام العسكري الحاكم في ميانمار ضد المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية. إلا ان السيدة الاولى، وليس زوجها، هي التي رفعت سماعة الهاتف للاتصال بالامين العام للامم المتحدة بان كي مون. واصبحت لورا بوش الآن صوت الادارة الاميركية البارز في هذا الشأن، إذ ادانت النظام العسكري الحاكم في ميانمار في تصريحات رسمية وشهادات للكونغرس، كما كتبت الاسبوع الماضي مقال رأي في «وول ستريت جورنال». ويبدو ان اتصال لورا بوش ببان كي مون أثار فضول الصحافيين لكنها علقت بما معناه انه لا يجب ان يتوقع منها ان تكون ربة منزل فقط. ويذكر موقف لورا بوش بتعليق أدلت به السيدة الاولى السابقة هيلاري كلينتون عندما قالت للصحافيين في وقت سابق انها ليست من النوع الذي «يلزم البيت ويعجن الكعك». إلا ان هيلاري كلينتون ليست لورا بوش، ذلك ان الاخيرة تتصدر مبادرات مستقلة تتعلق بالسياسات، كما انها لا ترغب في شغل مكتب في الجناح الغربي ولن تتلهف للترشيح لمجلس الشيوخ. لكنها في سن الـ60 ليست بأية حال بالسيدة الاولى التقليدية التي كان يتوقها الاميركيون. ومن الواضح ان البيت الابيض حسب جيدا زيارة لورا بوش الى الشرق الاوسط. فالزيارة ستكون محصورة في قضية صحة النساء، وهي مسألة تتعلق بنوع القضايا ذات الصلة بالمجالات التي تنشط فيها السيدات الأول، وهي في العادة قضايا عادية وغير مثيرة للجدل.

هذه هي الزيارة الخارجية رقم 14 للورا بوش منذ وصولها وزوجها الى البيت الأبيض عام 2000 والثالثة خلال هذا العام. وكان البيت الابيض قد أعلن ان السيدة الاولى ستزور كلا من دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والاردن والكويت، وهي دول يقول الناس فيها ان لورا بوش لها مصداقية اكثر من زوجها. وعلى الصعيد المحلي في الولايات المتحدة معروف عن لورا بوش حضورها النشط في قضايا تفرد لها اهتماما خاصا. ومعروف عنها ايضا انها تؤيد بقوة مشروع قرار يسانده زوجها في مجال تعليم الأطفال. ولكن ما لا يعرفه كثيرون انها ظلت تشارك في حملة ضغط هادئة تهدف الى إقناع الكونغرس بتنشيط العمل بشأن مشروع القرار المذكور، وذلك من خلاله توجيهها الدعوة الى نواب بارزين لزيارة البيت الأبيض لتناول القهوة معها، وليس مع الرئيس. مع ذلك فإن القضايا التي تتدخل فيها محدودة جدا وهي حريصة على الظهور في الخطوط الأمامية مخافة أن تعبر الخط الذي تجاوزته هيلاري كلينتون. ووجه المناصرون للمرأة انتقادات كثيرة لها لعدم تأكيد نفسها بما فيه الكفاية. وتبقى صورتها أمام الجمهور هي لتلك المرأة التي تدعم زوجها وتأثيرها المتواصل الذي ساعد على جعل زوجها يتوقف عن شرب الكحول في سن الأربعين، والمتحدثة البارعة مع ابتسامة متميزة وشعر مثالي جعل واشنطن الرسمية موضع نكات ومقارنة مع مسلسل «الزوجات اليائسات».

وهي، بمساعدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية، تمكنت من إقناع زوجها كي يرتدي ربطة عنق في حفلة عشاء مخصصة لتكريم الملكة البريطانية. وفي مناسبات نادرة حينما يدخل ضمن حالة الاشفاق على الذات النفسية بسبب الحرب في العراق كانت تخرجه من هذا المأزق. وقالت وزيرة التعليم مارغريت سبيلنغز إن بربارة بوش (والدته) «قادرة على قلب تفكيره بسرعة وفيما يخص أي شيء وكسب اهتمامه».

وقال روبرت دريبر الذي أجرى مقابلة مع السيدة بوش من أجل كتاب السيرة الجديد الخاص بالرئيس الأميركي: «قالت إنها جعلت الرئيس يعرف آراءها في جملة قضايا. لكنها لم تحدد عددها أو طبيعتها. وحينما سألتها حول الحرب قبل حدوثها ضد العراق قالت إن الرئيس لم يتحدث معها قط حول الموضوع».

لكل زوجة رئيس قضية معينة تظل أشبه بعلامتها. فنانسي ريغان قالت: «لا للمخدرات» وبيتي فورد تكلمت حول معركتها ضد السرطان. أما السيدة بوش فعلى العكس من سابقاتها وسّعت القضايا التي تعنيها ابتداء من تعلم القراءة والكتابة والحفظ التاريخي إلى مرض الإيدز وأفريقيا ووضع النساء الصعب في أفغانستان.

وجاءت نقطة الانعطاف في نوفمبر 2001 حينما اقترحت كارين هيوز التي كانت مسؤولة عن الاتصالات الخاصة بالرئيس، أن تشارك زوجته ضمن خطاب إذاعي للتركيز على اضطهاد طالبان للنساء. وقالت هيوز: «نظر إلي وقال: لأي شيء تريدينني؟» وتتمتع السيدة بوش بشعبية مضاعفة عما آلت إليه شعبية زوجها. وإذا كان الجمهوريون لا يرغبون في البروز مع رئيس غير شعبي مثل بوش فإنهم طلبوا من زوجته كي تشارك بحملات لصالحهم. وفي كل رحلاتها يتم إجراء التنسيق مع مكتب ستيفن هادلي مستشار بوش لشؤون الأمن القومي. وقال معلقا: «إنها عملية دقيقة ما بين الجناح الغربي في البيت الأبيض مع جناحه الشرقي». فخلال زيارتها إلى مصر عام 2005 امتدحت الرئيس المصري حسني مبارك على «خطوته الجريئة» صوب الديمقراطية. وبعد يومين نزل معارضو مبارك إلى الشوارع احتجاجا عليه.

وقال كارل أنتوني، الذي كتب كثيرا حول زوجات الرؤساء الأميركيين: «ذلك أثار فعلا عش الزنابير». لكن أنتوني قال إنه مقتنع، عدا عما سببته من إحراج للبيت الأبيض، بأن السبب الحقيقي وراء رد فعل الناس الحاد هو كونه لم يكن مناسبا أن يكون تصريح من هذا النوع يأتي «مع كعكة كريسماس الخاصة بلورا بوش».

* خدمة «نيويورك تايمز»