الألمان خطفوا وصفة زيت «الأرغان» من المغاربة

6600 شركة من 95 دولة بينها 14 عربية في معرض الأغذية الدولي بكولون

اهتمام خاص بحبوب الريحان في معرض الاغذية الدولي
TT

قد تبدو العلاقة بين البرت اينشتاين، صاحب النظرية النسبية، ومعرض الأغذية الدولي في كولون متعذرة، رغم أن التمتع بمذاق الوجبات شيء نسبي أيضا. لكن النباتي اينشتاين ذكر قبل عدة عقود «سيؤثر الأكل النباتي، فقط من خلال تأثيره الايجابي على مزاج الناس، بشكل حاسم على مصير البشرية». ولخص اينشتاين بنبوءته النباتية هذه أهم النزعات التغذوية السائدة في معرض الأغذية الدولي «أنوغا» في كولون.

من جديد فتح معرض كولون الدولي أبوابه أمام أكبر معرض للأغذية والمشروبات في العالم (13ـ17 اكتوبر). ويشارك فيه هذا العام 6600 شركة من 95 دولة بينها 14 دولة عربية. ويقتصر حضور المعرض على ممثلي القطاع والمختصين بالتغذية والصحافيين حيث تعرض كافة الشركات مأكولاتها ومشروباتها أمام الحضور بشكل مفتوح طوال أيام العرض. ويمكن للزائر، إن رغب، التمتع بالمأكولات الممتدة بين أنواع الجبنة الفرنسية، والبرياني الهندي، والسوتشي الياباني والنقانق الألمانية والفول المصري.

وعدا عن نزعة التغذية الصحية التي بدأت قبل أعوام، وتوسع أجنحة الشركات المتخصصة بالأغذية الطبيعية، فقد كانت النزعة النباتية من أهم نزعات «أنوغا» 2007. كما كان البحث عن النادر والغريب نزعة جديدة تسجلها إدارة المعرض من خلال عروض المشرومات المستخلصة من مياه الأطلسي، الوجبات المملحة بملح هملايا، « صلصال» الأكل وأنواع الفطر الجبلية النادرة وغيرها من الغرائب.

وإذ يعود الإنسان في معرض 2007 للبحث عن الوجبات الغذائية الساخنة، أو المحضرة شخصيا، فإن نزعة الوجبات الصغيرة والأكلات السريعة والمجمدة تشق طريقها بوضوح في عالم الغذاء. وصارت الشركات تتفنن بطرق الحفظ والتجميد والتحضير كي تقدم للجمهور الوجبات السريعة والمجمدة على طبق ساخن. ويلاحظ الزائر بوضوح أن البرامج الغذائية صارت ترتبط عن وعي ببرامج اللياقة البدينة ونزعة الترشيق والريجيم (الحمية) المنتشرة في العالم.

وقضى طباخو شركة «بوكلا» البلجيكية 8 ساعات لتحضير أكبر قطعة نقانق من الكبد يبلغ وزنها 30 كغم. وقضى الطباخون ساعة إضافية في تزيين طبق النقانق بالفواكه والبندورة وتقديمه إلى الزوار.

وعرضت شركة «غرلماير» النمساوية نوعا من لحم الخنزير الطبيعي شبه الخالي من الكوليسترول. وذكر غيرت كولفيرت، أن الشركة غذّت الخنازير على خلطة «سرية» من أعشاب معينة بهدف خفض الكوليسترول في لحومها. وأخضعت جامعة فيينا خلطة الأعشاب إلى الفحوصات المختبرية فتوصلت إلى أنها تؤدي إلى خفض الكوليسترول في أجسام الخنازير بنسبة 80%.

وبالنظر لاستخدام الايطاليين الواسع للريحان «البازيليكوم» في البتزا والمكروني والسباغيتي فقد عملت شركة «لافافريتا» على تحويل خلاصة الريحان إلى حبوب يمكن ابتلاعها أو استخدامها في تحضير الصوصات. واستخدمت شركة «ساندرو سبينوزي» الايطالية حنطة خاصة، مع البيض، لصناعة معجنات ذات قابلية كبيرة على امتصاص الصوصات الخاصة بالوجبات الإيطالية. وتقول الشركة أن بابا الفاتيكان «بارك» معجنات سبينوزي بعد أن تناولها بالطماطم والريحان. كما عرضت شركة «ميرليني» فطريات جبلية نادرة بشكل وجبات معلبة. وأضافت الشركة البهارات والريحان إلى الوجبة لتمنحها مذاقا خاصا.

ونظرا لغنى ملح الهملايا بالمواد المعدنية فقد عملت شركة «فاغنر» الألمانية على استيراد هذا الملح من كشمير حيث يستخرج الأهالي الملح من قاعدة الجبل. وتقول الشركة انها تحضر الملح الصحي بشكل لورات في ألمانيا ولا تستخدم الأطفال في العمل في كشمير في إطار سياسة «التجارة العادلة» مع البلدان الفقيرة.

وبعد ضفائر الجبنة، التي تعرضها الشركات التركية واللبنانية، حولت شركة «فيكسلر» الألمانية سمك السلمون إلى جدائل كبيرة. وتم تحضير الضفيرة بالملح والبهارات كي تنزل للأسواق في موعد مناسب يسبق أعياد الميلاد.

قد يندهش العالم لوجود 500 نوع من الجبنة الفرنسية، فالفرنسيون لا يقلون بأجبانهم عن شهرة الألمان بأنواع خبزهم التي تزيد عن 300 نوع، لكن شركة «فرومي» المختصة بالأجبان استعرضت اكثر من 1000 نوع من علب الأجبان الصغيرة المحضرة بشكل مختلف. واستخدمت الشركة حليب الماعز والبقر في تحضير الأجبان وخلطت بعض الأنواع الجديدة (التي عرضت بشكل معجون) بالخردل وطعمت بالتوت لبري.

الجديد من ألمانيا أيضا هو الحليب الأبيض المطعم والمسمى حليب الشتاء. إذ عملت الشركة على تقديم الحليب الأبيض رغم تطعيمه بالشوكولاتة أو الموز أو الفراولة. وبرر ممثل شركة «هوخ ايفل» انتاج هذا الحليب بالقول «الألمان يحبونه أبيض ناصعا».

وذهبت جائزة الابداع السنوية إلى شركة «123 أكلة» الألمانية التي قدمت صلصال الأكل في معرض أنوغا 2007. وصلصال الأكل عبارة عن عجين محضر بشكل خاص، مرن ومطواع، ومن الممكن نحت الأشياء منه كما ينحت الفنان تماثيله من الصلصال. وهذا ليس كل شيء، لأنه من الممكن أكل العجين قبل وبعد الخبز في الفرن، كما انه من الممكن شراء اللون المناسب مع العجين كي يتمكن المستخدم من صناعة أشيائه بالألوان. تباع خلطة العجين بعلب من وزن 546 غم وبسعر 4,99 يورو للعلبة. وكرست الشركة سيارة أطفاء حمراء قديمة (طراز 1969) للترويج لـ«الصلصال» في المعرض.

وخطفت شركة «ارغان دي اور» الألمانية فكرة استخدام زيت الأرغان المغربي في الطبخ من المغاربة. وتفوقت الشركة على المغاربة بطريقة تحضير الزيت من بذور الأرغان دون استخدام العصارات التي تقلل من المواد المفيدة في الزيت. وذكر رودولف بريزنيك، من شركة « أرغان دي أور» أن الزيت صالح للاستخدام في كافة أنواع الطبخ وأنه عالي الفائدة من ناحية الفيتامينات. وتنمو اشجار الأرغان على جبال الأطلس ويقال انها لا تنمو في بقاع العالم الأخرى.

وذكر مازن الكيلاني لوكالة الأنباء الألمانية من محال الفيصل للحلويات في سوريا بتوزيع حلويات سورية شهية ومعبئة. وقال الكيلاني إنه على الرغم من أن وصفة إعداد الحلويات العربية لم تتغير منذ 50 أو 60 عاما إلا أنها أصبحت تمتاز بصغر القطع هذه الايام لان الزبائن يفضلون القطع اللذيذة التي لا يتجاوز حجمها ملء الفم. وتعتبر حلويات الفيصل من المحلات المختصة بصناعة البقلاوة، وتسعى الشركة لتزويد السوق العالمية بالبقلاوة المناسبة للمعانين من داء السكري. كما تعلب الشركة حلوياتها بالعلب الخشبية المزخرفة التي تصنع محليا في سورية.

وقدرت إدارة المعرض في تقرير لها أن الطلب على الأغذية الطبيعية» البيو» في العالم تضاعف 13 مرة خلال العشرين سنة الماضية. وحققت شركات» البيو» في ألمانيا مداخيل تقدر بملياري يورو عام 2006.

إما عدد الشركات المتخصصة بانتاج الوجبات الغذائية النباتية، المشاركة في معرض « أنوغا»، فقد قفز من 600 عام 2005 إلى 941 عام 2007. ويعود النزوع إلى الأكل النباتي إلى 600 سنة قبل ميلاد المسيح حينما بدأته الطائفة الاورفوسية في اليونان القديمة. كان العالم فيثاغورس نباتيا يرفض أكل» الكائنات المتحركة» وكان آينشتاين يؤمن بأن الأكل النباتي يحسن مزاج الناس. ويفسر العلماء تحول الناس إلى الأكل النباتي على أساس العوامل الصحية والدينية، لكن عالم اليوم يؤمن بالقضايا الصحية اكثر. أسس القس ادوارد بلاتز أول جمعية نباتية ألمانية عام 1867. وقدر معهد «فورسا» لاستطلاعات الرأي عدد النباتيين الألمان بنحو 6 ملايين، أي ما يشكل 8% من السكان. وكانت هذه النسبة تقل عن 5% عام 1982. كما انخفض استهلاك اللحم في ألمانيا من 70 كغم للفرد عام 1988 إلى 60,4 كغم عام 2006.

وتايلاند هي البلد الشريك لهذا العام في معرض أنوغا وهي صفة تمنح لأول مرة من قبل شركة أسواق كولونيا المنظمة للمعرض والتي نظمت أيضا معرض ثايفيكس وهو معرض لتجارة الأغذية في بانكوك.

وأشار كريك كراي جيرابات وزير التجارة التايلاندي إلى أن الصادرات الغذائية لا تتجاوز 10 في المائة من جملة الصادرات التايلاندية. وقال جيرابات إن الأرقام التي وفرها له مساعدوه تظهر أن أكثر من نصف صادرات الاغذية التايلاندية تأتي من البحر تليها الفاكهة والخضروات والتي تكون 20 في المائة من المجموع. وينتظر أن تنمو الصادرات الغذائية هذا العام بنسبة 12 في المائة. وقال «نحن نبذل قصارى جهدنا لوضع تايلاند على خريطة الغذاء العالمي كمطبخ للعالم».

ويستعمل الطهاة التايلنديون زيوت فول الصويا والفول السوداني والسمسم بدلا من الدهون الحيوانية ويصنعون مختلف أنواع الحساء والصلصات من لبن جوز الهند بدلا من الكريم الدسم.

كما استجابت الشركات التايلندية بشكل سريع لمتطلبات السوق العالمي وأصبحت قادرة على تلبية نمو الطلب على الأطعمة العضوية أو حاجة المستوردين المسلمين إلى مكونات غذائية خالية من أي أطعمة محرمة لا تتفق مع الشريعة الإسلامية.

وقائمة الأغذية الجديدة في أنوغا 2007 لا تتوقف عند هذه المنتجات، فهناك البوب كورن الملون، نقانق الايل، المعجنات الإيطالية باشكال ابطال أفلم كارتون، السلامي بالتنفاح، الشوكولاتة بالشطة الحارة، شراب نبات القراص ومرطبات الرز المخمر بالخل وغيرها.