مدونون داخل الأراضي الأميركية متخصصون في نشر رسائل بن لادن

100 موقع إنترنت بالإنجليزية تعكس وجهات نظر كتيبة الإعلام الجهادي

سمير خان كما يبدو ينظر من نافذة بيت والديه في كارولاينا الشمالية
TT

حينما نشر أسامة بن لادن رسالته الفيديوية إلى الشعب الأميركي الشهر الماضي توجه أحد الجهاديين المتحمسين صوب الانترنت للمساعدة على نشرها.

وكتب عبر مدونته الالكترونية: «تحتاج أميركا إلى الاستماع إلى بن لادن بعناية شديدة وأخذ رسالته مأخذ الجد. من المعروف عن أميركا أنها ذات شعب مغرور».

وعلى العكس من بن لادن لم يكن المدون الجهادي في مكان ناء. واتضح أنه أميركي يبلغ من العمر 21 سنة، واسمه سمير خان وهو يصدر مدونته من بيت والديه في كارولاينا الشمالية حيث يعمل كنوع من المؤازرين الغربيين للمجاميع الإسلامية العنيفة.

وخلال الأيام الأخيرة عرض «اخبارا طيبة» من زعيم ناشط في شمال أفريقيا حيث قتل تنظيمه 31 عسكريا جزائريا. ونشر عبر مدونته بحثا أكاديميا يحاجج لصالح الجهاد العنيف، بعد ترجمتها إلى الإنجليزية. وسجل مئات من الأواصر بمواقع سرية يستطيع قراؤه من خلالها الحصول على آخر أفلام الفيديو التي تعرض أعمالا دموية للمتمردين.

كذلك يتضمن موقعه ملفا اسمه «ولايات الخاسرين المتحدة» يعرض أخبار الأخبار المتعلقة بالقتال الدائر في أفغانستان مع تعليق من خان: «يمكنكم أن تشاهدوا أيضا جنديا أميركيا مختبئا خلال الكمين مثل طفل! الله أكبر! الله أكبر!».

وسمير خان المولود في السعودية والمترعرع في منطقة كوينز بنيويورك هو على الأكثر غير منضم كجندي بسيط فيما تسميه القاعدة بـ «الإعلام الجهادي الإسلامي». وينتمي إلى عائلة من الطبقة الوسطى وظل يتصارع مع والديه القلقين حول حماسته الدينية، ومع ذلك ظل عنيدا، حيث أنه قال في مقابلة معه: «أنا سأفعل كل ما في وسعي كي أذكر الحقيقة، بل حتى لو أزعجت غير المؤمنين، يجب التبشير بالحقيقة».

وعلى الرغم من غياب دلائل تشير إلى خان يعمل بتوافق مع القادة المتطرفين أو أنه تجاوز أي قانون، فإنه مع ذلك جزء من تجمعات متنامية تخص ميدانيين إعلاميين مستقلين يقومون بنشر رسالة القاعدة ومجموعات متطرفة أخرى، وهي رسالة راحت تترجم بشكل متزايد ويتم بثها على جمهور غربي.

وكان خان قد نشر مدونته على الانترنت تحت اسم اخر، الا ان نيويورك تايمز «تعرفت عليه من خلال بريده الالكتروني الذي استخدم في مناقشات سابقة على شبكة الانترنت». كما ان الصور التي بثها على الانترنت ساعدت نيويورك تايمز في التعرف عليه وتمييزه عن شخص اخر بنفس الاسم في كارولينا الشمالية قبل 10 سنوات. وقال خبراء من مؤسسة «ويست بوينت» إن هناك ما يقرب من 100 موقع انترنت بالإنجليزية يعكس وجهات نظر إسلاموية ناشطة، ويزعم خان أن لديه ما يقرب من 500 قارئ. وإذا كان ذلك صعبا تقييمه فإنه من الواضح أن الناشطين الإسلامويين يسعون إلى كسب مسلمين شباب في أميركا وأوروبا عن طريق استثمار غضبهم تجاه الحرب.

وهناك أيضا روايات قصيرة مثل «راكان بن ويليامز» حول فريق من المسيحيين الأوروبيين الذين اعتنقوا الإسلام وانضموا إلى القاعدة ووعدوا «الله أنهم سيرفعون علم اخوتهم البعيدين عنهم وأنهم سينتقمون من فاعلي الشر».

وبدأ الناشطون الإسلاميون بتحويل الأشرطة الباهتة التي تصور سيارات منفجرة إلى فيديوات بارعة مع مونتاج مماثل لمونتاج الأفلام وهي متوفرة على مواقع غربية مثل YouTube.

وقال الألماني أبو صالح، 21 سنة، المناصر للقاعدة: «كأنك تشاهد أفلام هوليوود. الانترنت غيّر كليا آرائي حول قضايا عديدة».

واستخدمت القاعدة وأتباعها الانترنت للتواصل وكسب الدعم لسنوات، لكن خلال الأشهر القليلة الأخيرة سرّع التحسن الكبير في تقديم الرسائل عبر الانترنت من هذا التواصل. فمنذ بداية هذه السنة راح إعلام القاعدة المعروف باسم الشهاب يصدر أفلام فيديو كل ثلاثة أيام، بل تأتي أفلام أكثر من العراق حيث يقوم المتمردون هناك بضخها كل يوم.

وتعلم الزرقاوي قوة الانترنت حينما كان في السجن، حسبما قال متعاون سابق معه كان قد سجن معه قبل عقد. وسعت مجموعة الإسلاميين المعتقلة مع الزرقاوي والبالغ عددها 32 إلى تجنيد سجناء آخرين عن طريق كتابة رسالة بخط اليد اسمها التوحيد وحينما تم اكتشافها وجد أن هناك جمهورا واسعا من القراء.

وقال مساعد الزرقاوي السابق: «كنا نرسل إلى الخارج إلى الإخوة في أوروبا وإنجلترا» حيث يقوم هؤلاء بلصق أخبار الناشطين على مواقع الويب.

وفي العراق تبنى الزرقاوي استخدام كاميرا الفيديو كسلاح في الحرب. وقال ناشط فلسطيني ذهب إلى العراق في عام 2005 لتعليم مقاتلين أجانب قدموا من المغرب وأجزاء من أوروبا كيفية صنع قنابل ونصبها على حافات الطرق: «اتخذ قرارا يلزم كل مجموعة أن تمتلك كاميرا فيديو معها وكل عملية يجب تصويرها بالفيديو».

وأكد مسؤولون في الاستخبارات اللبنانية ان الفلسطيني المدعو «أبوعمر» عمل مع الزرقاوي في العراق، وأطلع مراسلون لـ«نيويورك تايمز» شريط فيديو يتضمن مشاهد لمقاتلين في العراق. وقال أبوعمر، 37 سنة، ان الزرقاوي طلب منه تصوير دروس إعداد المتفجرات كي لا تضيع خبرته في حال مقتله، وأضاف ابوعمر قائلا انه كان لديهم مصوران، كما اوضح ايضا انه كانت هناك عدة منازل لإعداد اشرطة الفيديو. وقال الفلسطيني ضحية المقدسي، 26 سنة، انه انتج اشرطة فيديو للمتمردين في العراق قبل عامين. وقال ايضا ان هناك مكتبا صغيرا في كل مدينة عراقية تجرى فيه عملية انتاج افلام الفيديو، وقال ايضا ان «قسم الإعلام» كان منزلا بالقرب من الفلوجة يعمل به عدد يتراوح بين 6 الى 10 اشخاص. واوضح ايضا انهم عادة ما كانوا ينتهون من العمل في الفيلم ثم يرسلونه الى مواقع التنظيمات الجهادية على شبكة الانترنت. اما عمر لي، 32 سنة، الذي اعتنق الاسلام، فقد كتب مدونته على شبكة الانترنت نقدا للزرقاوي، وانتقد النظر الى الكثير من السود في العالم العربي كمواطنين من الدرجة الثانية. وامتلأت مدونة لي بعد وقت قصير بتعليقات حول التشابه بين العرب والمتطرفين السود الاميركيين. بلغ عدد مشاهدي فيديو مدته اربع دقائق بعنوان «الى الاميركيين السود» 1800 خلال فترة اربعة شهور منذ عرضه لأول مرة في يوتيوب. وكان خان من ضمن الذين ارسلوا تعليقاتهم على الفيديو الذي عرض في يوتيوب. وقال خان انه شعر بالصدمة تجاه بساطة ما جاء في الرسائل التي كتبت حول مالكوم اكس و«القاعدة». وقال خان معلقا «انهم اصحاب عبقرية في المقدرة على تحوير ايديولوجيتهم الى رسائل بسيطة لكنها في نفس الوقت مؤثرة على نحو يسمح بوصولها الى مستوى الناس العاديين. واكتسبت مدونة خان سمعة سلبية الى حد ان بعض المجموعات المناوئة لمواقع الجهاديين قد اجبرته على اغلاقها اكثر من مرة خلال فترة الاشهر الاخيرة. وقال يشعر بالدهشة لأنه لم يتعرض للمساءلة بواسطة السلطات الحكومية.

ويبلغ خان من العمر 7 سنوات عندما انتقلت اسرته الى نيويورك سيتي واستقرت في حي كوينز، وكان لا يختلف كثيرا عن اقرانه خلال سنوات المراهقة الى ان بلغ 15 عاما وحدث ما يعتبره تحولا في حياته. فقد حضر في ذلك الوقت معسكرا لمدة اسبوع في مسجد بمنطقة كوينز نظمته «المنظمة الاسلامية لاميركا الشمالية، وهي جماعة اصولية لا تتبنى العنف. وتلقى خان وزملاؤه خلال المعسكر دروسا حول الاسلام والاخوة تركت اثرها عليه. وقال انه عندما عاد المدرسة كان قد توصل الى انه يريد ان يكون مسلما قويا وعابدا.

* خدمة «نيويورك تايمز» شارك في إعداد هذا التقرير كل من مايكل موس من الاردن ولبنان وألمانيا ولندن ونورث كارولاينا، وسعاد ميخنيت من الاردن ولبنان وألمانيا، ومارغوت ويليامز وهدى عثمان من نيويورك