الهاشمي في أنقرة.. وأردوغان يهدئ: أتمنى أن نتفادى اجتياح العراق

الحكومة العراقية تدعو إلى حوار عاجل والأمم المتحدة تحذر من مخاطر عمليات عسكرية تهجر العراقيين

نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي يجيب عن اسئلة الصحافيين عند وصوله الى مطار انقرة امس (ا ف ب)
TT

وصل نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الى انقرة أمس ليلتقي بمسؤولين اتراك عشية تصويت البرلمان التركي للموافقة على دخول الجيش التركي الاراضي العراقية لمواجهة حزب العمال الكردستاني «بي كي كي». وحرص العراق امس على تهدئة التوتر مع تركيا، مطالبا بحوار عاجل، في وقت اعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان الحصول على التفويض لدخول الاراضي العراقية لا يعني بالضرورة اللجوء الى هذا الخيار.

ويتوقع ان يعطي البرلمان التركي للحكومة الضوء الاخضر اليوم لإرسال قوات الى العراق لمطاردة الانفصاليين الاكراد، يلقى عليهم باللوم في تصعيد اعمال العنف في الآونة الاخيرة. وبموجب طلب الحكومة التركية من البرلمان، ستكون الموافقة سارية لمدة عام واحد، قابلة للتجديد، مما يعني ان تهديد الاجتياح التركي سيستمر خلال الفترة المقبلة.

ودعا رئيس الحكومة التركية اردوغان أمس الحكومة العراقية وأكراد العراق الى التحرك ضد متمردي حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، شمال العراق، لتجنب تداعيات تدخل عسكري تركي في هذه المنطقة. وقال اردوغان خلال اجتماع للكتلة النيابية لحزبه حزب العدالة والتنمية: «على القيادة المركزية العراقية وقيادة منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق ان تبنيا سورا سميكا بينهما وبين المنظمة الارهابية»، في اشارة الى حزب العمال الكردستاني. واضاف: «عليهما ان يأخذا موقفا واضحا ضدها لما فيه مصلحة الجميع». داعيا الفصائل الكردية في العراق الى «التعاون» مع تركيا ضد الآلاف من عناصر هذا الحزب الكردي التركي الانفصالي الذي يتحصن على الحدود بين البلدين في مناطق جبلية شديدة الوعورة. وتابع اردوغان ان «غير القادرين عن النأي بانفسهم عن الارهاب لن يكونوا بمنأى عن الآثار السلبية لعمليات مكافحة الارهاب».

وقال اردوغان ان الحصول على موافقة البرلمان على شن هجوم على الانفصاليين الأكراد بشمال العراق لا تعني بالضرورة أن هناك توغلاً عسكرياً وشيكاً. وأضاف: «أتمنى من أعماقي ألا يطبق أبدا هذا الاقتراح. ان اقرار هذا الاقتراح لا يعني أن يتبعه توغل فوري لكننا سنتخذ اجراء في الوقت المناسب وفي الاحوال المناسبة». وقال وهو يشير الى «حزب العمال الكردستاني» الذي يستخدم اعضاؤه شمال العراق قاعدة يهاجمون منها تركيا «الهدف الوحيد لغارة محتملة هو المنظمة الارهابية».

واكد مصدر مقرب من نائب الرئيس العراقي ان الهاشمي توجه الى تركيا من عمان ظهر أمس للقاء المسؤولين الاتراك على امل تهدئة الاوضاع. واضاف المصدر الذي طلب من «الشرق الاوسط» عدم ذكر اسمه ان الزيارة لم تكن مقررة مسبقاً وتأتي على خلفية التهديد التركي لاجتياح الاراضي العراقية. وكان من المتوقع ان يلتقي الهاشمي برئيس الحكومة التركية اردوغان والرئيس عبد الله غول في محاولة لاقناع القادة الاتراك بتجنب مهاجمة العراقية.ومن المتوقع ان يقضي الهاشمي ليلة واحدة في أنقرة قبل العودة ظهر اليوم الى عمان. وقال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان العراق يدعو تركيا الى اجراء حوار عاجل بين البلدين واعتماد الحلول الدبلوماسية. واضاف الدباغ في بيان تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه: «الحكومة العراقي تدعو نظيرتها التركية الى اجراء حوار عاجل بين البلدين وعدم الانجرار وراء المقاصد الشريرة لمنظمة حزب العمال الكردستاني».

ودعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ايضا الى ان تجتمع «خلية أزمة» في الحكومة شكلت لمراقبة التطورات على الحدود التركية. وأكد المالكي ان «حكومته تسعى بكل الوسائل لحلحلة الازمة مع الجارة تركيا ويهمها أمن واستقرار دول الجوار»، مؤكدا انه «لن يقبل بالحلول العسكرية لتكون صيغة التعامل بين البلدين مع ادراكنا وتفهمنا للقلق من جانب الاصدقاء الاتراك». كما اكد في الوقت ذاته على «منع كل النشاطات الارهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني التركي ضد تركيا». وقال مكتب المالكي في بيان، إن العراق مستعد للدخول في محادثات عاجلة مع مسؤولين كبار في الحكومة التركية لبحث جميع القضايا العالقة وتقديم ضمانات تنظم العلاقات بين البلدين الجارين. ودعا المالكي الى إمهال لجنة ثلاثية مؤلفة من العراق وتركيا والولايات المتحدة مسؤولة عن الحدود العراقية الوقت لايجاد حل لهذه الازمة. الا ان هذه اللجنة منذ انشائها قبل اكثر من عام لم تستطع التوصل الى حلول للجهتين.

وساعد احتمال عبور ثاني أكبر جيش في حلف الاطلسي «الناتو» الحدود الى اقليم كردستان العراق الذي يغلب على سكانه الاكراد الى ارتفاع اسعار النفط العالمية الى أعلى مستوى على الاطلاق عند نحو 88 دولارا للبرميل أمس، بينما انخفضت قيمة الليرة بنحو اثنين في المئة مقابل الدولار. كما ان عددا من الشركات التركية التي كانت تنوي الاستثمار في اقليم كردستان الذي يشهد ازدهاراً اقتصادياً علقت الكثير من مشاريعها خوفاً من تفاقم الازمة.

واكدت انقرة سابقاً انها ستستنفد كل الاتصالات الدبلوماسية قبل اللجوء الى التحرك العسكري وهي بالتالي لم تحدد اي موعد لاجتياح من هذا النوع. وافاد مصدر تركي لم تذكر وكالة الصحافة الفرنسية ان الحكومة التركية توصلت الى قناعة بان فرص نجاح الحكومة العراقية في الضغط على السلطات الكردية في شمال العراق لوقف نشاطات حزب العمال الكردستاني باتت ضعيفة جداً. وقالت الصحف التركية ان وزير الخارجية علي باباجان سيبدأ الاربعاء جولة على عدد من دول الشرق الاوسط تشمل مصر ولبنان في محاولة لشرح الموقف التركي من الازمة مع الاكراد وتجنب صدور ردود فعل عربية متشددة ضد اي تدخل عسكري تركي محتمل في شمال العراق. ويذكر انه من المتوقع ان تستضيف تركيا اجتماعاً وزارياً لدول جوار العراق ودول مجلس الامن الشهر المقبل لبحث الملف العراقي.

وكانت تركيا والعراق وقعا في نهاية سبتمبر (ايلول) اتفاق تعاون ينص على «منع انشطة المنظمات الارهابية وانشطة حزب العمال الكردستاني بشكل رئيسي»، الا ان هذا الاتفاق لا يلحظ السماح للقوات التركية بالتوغل في الاراضي العراقية لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني.

وكررت الولايات المتحدة معارضتها الواضحة للتوغل التركي شمال العراق. وقال الناطق باسم البيت الابيض غوردن جوندرو الاثنين «لنا جميعا مصلحة في ان يكون العراق مستقرا، ونرغب جميعا في رؤية حزب العمال الكردستاني يحال الى القضاء، الا اننا نحث الاتراك على مواصلة النقاش معنا ومع العراقيين، وعلى ضبط النفس والامتناع عن اي عمل يمكن ان يؤدي الى زعزعة الاستقرار».

ويذكر ان اقليم كردستان العراق أمن منطقة في العراق اليوم واحتمال زعزعة استقراره يشكل خطراً على العراق والمنطقة، خاصة في ما يخص اللاجئين والنازحين. وحذر انطونيو غوتيريس مفوض اللاجئين السامي في الامم المتحدة أمس من خطر حدوث أزمة نازحين في شمال العراق.

وقال غوتيريس للصحافيين في بروكسل: «حكومة الشمال او كردستان... كانت أكثر مناطق العراق استقراراً. وهي أيضا منطقة تشهد فيها عراقيين جاءوا من جنوب ووسط العراق طلبا للامن». واضاف: «ليس بوسعي الا ان اعبر عن قلقي العميق ازاء اي تطور يمكن ان يؤدي الى عمليات تشريد كبيرة للسكان في هذه المنطقة الحساسة».