الصومال: البرلمان يتعثر في التصويت على حجب الثقة عن حكومة جيدي

رئيس الوزراء الصومالي لـ«الشرق الاوسط» : الخلافات مع الرئيس الانتقالي دستورية وليست شخصية

TT

وسط إجراءات أمنية مشددة للغاية تولتها القوات الإثيوبية، وتوتر سياسي غير مسبوق، عقد أعضاء البرلمان الصومالي أمس اجتماعا في مدينة بيداوة الجنوبية، لكنهم لم يتمكنوا خلاله من الاتفاق على بدء تصويت سري حول حجب الثقة عن الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي محمد جيدي.

وقال وزراء وبرلمانيون صوماليون لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من بيداوة إن التصويت تأجل إلى اليوم أو الغد على أقصى تقدير وسط انقسام حاد بين أعضاء البرلمان والحكومة حول مصير رئيس الوزراء الصومالي جيدي الذي يقول الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف إن فترة ولايته الأولى قد انتهت رسميا قبل أيام.

وخلال الجلسة التي عقدت أمس من الساعة التاسعة صباحا إلى الثانية بعد الظهر (بالتوقيت المحلي للصومال) دخل أعضاء البرلمان في نقاش حاد وساخن للغاية حول مدى قانونية مطالبة غالبيتهم بحجب الثقة عن جيدي، فيما قال صلاد علي جيلي نائب وزير الدفاع الصومالي المحسوب على جيدي، انه ليس هناك ما يدعو إلى مناقشة هذا البند في الوقت الراهن.

وترددت معلومات غير رسمية عن احتمال قيام رئيس الوزراء الصومالي اليوم بزيارة مفاجئة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لإجراء محادثات مع نظيره الإثيوبي ملس زيناوي ووزير خارجيته سيوم سيفين تتعلق بكيفية حل هذا الخلاف. واستبق جيدي التصويت المتوقع على طرح الثقة فيه، بدعوة أعضاء البرلمان إلى منحه أصواتهم لصالح بقائه في السلطة وعدم الإطاحة به.

وقال جيدي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقره في مدينة بيداوة التي تبعد 240 كيلومترا جنوب العاصمة الصومالية مقديشيو، إنه يأمل أن يتخذ نواب البرلمان القرار السليم والصحيح لتجنيب البلاد أية هزة قد تعرض عملية المصالحة الوطنية التي يتبناها للخطر.

واعتبر جيدي أن بقاءه في السلطة أمر ضروري لصالح الأمن والاستقرار في الصومال، مؤكدا في الوقت نفسه أن الخلافات الراهنة بينه وبين الرئيس الانتقالي حول ما إذا كانت فترة ولايته الأولى قد انتهت رسميا بالفعل أم لا، هي خلافات دستورية وليست شخصية. وقال: «الأمر بيننا ليس شخصيا على الإطلاق، انه خلاف دستوري نأمل في تجاوزه والقرار لا املكه أنا أو الرئيس أو البرلمان انه قرار الشعب الصومالي نفسه». وشدد جيدي على أن فترة ولايته الأولى لم تنته بحلول الثاني من الشهر الجاري كما يروج المناوئون له، مشيرا إلى أن هذه الفترة تنتهي العام المقبل وفقا للوثائق الرسمية. وبدا جيدي واثقا من حصوله على أغلبية الأصوات داخل البرلمان عندما تبدأ عملية التصويت السرية وسط إجراءات أمنية مشددة في مدينة بيداوة الجنوبية.

ومنذ توليه مهام منصبه للمرة الأولى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2004، نجا جيدي حتى الآن من أربع محاولات لاغتياله وتصفيته جسديا بالإضافة إلى تصويتين لحجب الثقة عنه بفارق ضئيل للغاية.

وسئل: هل لديك ثقة في الفوز ضد محاولة إقصائك عن منصبك؟ فرد: «لديّ دائما ثقة في نفسي وقدراتي وإذا اختار البرلمانيون اليوم مصالحة البلاد فهذا أمر يسعدني في إشارة إلى اعتباره أن الإطاحة به سيضر بعملية السلام الهشة في الصومال.

وانتقد جيدي ما وصفه بالتغطية الإعلامية المنحازة وغير الموضوعية لبعض وسائل الإعلام العربية والدولية فيما يخص النزاع بينه وبين الرئيس يوسف. وقال إنه لا يرغب في البقاء بمنصبه كرئيس للحكومة لتحقيق مكاسب أو مغانم شخصية بل حرصا على استمرار عملية المصالحة الوطنية الشاملة وإنهاء الفوضى السياسية والأمنية وإعادة ما دمرته الحرب الطاحنة التي اندلعت في الصومال منذ سقوط نظام حكم الرئيس الصومالي المخلوع محمد سياد بري عام 1991. ويواجه جيدي حملة مبرمجة يقودها بعض أعضاء حكومته وبرلمانيون متعاطفون معهم لحجب الثقة عن حكومته بدعوى تقاعسه في تنفيذ المهام الموكلة إليه وعدم استكمال بناء المؤسسات الاتحادية للسلطة الانتقالية التي تشكلت عام 2004 عقب المفاوضات الماراثونية التي استضافتها كينيا لمدة عامين.

وينص الدستور الفيدرالي المؤقت للدولة الصومالية على أنه في حال فشل الحكومة الفيدرالية الانتقالية في إقامة النظام الفيدرالي في جميع أنحاء الصومال خلال الفترة المحددة بالعامين ونصف العام، فإن الحكومة ستطلب من مجلس الشعب (البرلمان) منح الثقة وإذا فشلت فانه سيتم تشكيل حكومة فيدرالية انتقالية جديدة.

لكن جيدي في المقابل قال أمس لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته لم تخفق في تنفيذ مهامها، مؤكدا أنه على العكس من ذلك فقد حقق الكثير من الإنجازات رغم الفترة القصيرة منذ تسلمه مهام منصبه في شهر أكتوبر عام 2004.

ولفت إلى أنه وافق على تسلم منصبه لأول مرة رغبةً في خدمة مصالح الشعب الصومالي والدفاع عنها، معتبرا انه يعتز بما حققه لبلاده رغم الصعاب الجمة التي قال إنه واجهها منذ تعيينه.

وبينما يقول الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف إن فترة جيدي قد انتهت بحكم الدستور منذ تعيين جيدي وأدائه اليمين الدستورية، مما يتعين معه تصويت البرلمان بمنح الثقة أو حجبها، فان جيدي يرى في المقابل أن فترة ولايته بدأت فقط بالقرار الرسمي الذي وقعه الرئيس عبد الله يوسف على استلام جيدي منصبه منتصف العام الماضي. ووسط مخاوف من أن ينعكس الخلاف بين الطرفين على الوضع الأمني المتدهور أساسا في العاصمة الصومالية مقديشيو، يقول مسؤولون في مكتب الرئيس الصومالي لـ«الشرق الأوسط» إن فرص بقاء جيدي في منصبه لفترة ولاية ثانية شبه مستحيلة بالنظر إلى تعاظم رفض أعضاء البرلمان له.