الخارجية الأميركية: الفساد في العراق مشكلة «مستوطنة» وأبلغنا المالكي

قالت إن وزارة الداخلية مرتع للتجاوزات وهي المرفق الذي «لا يمس»

مجند أميركى يلتقط صورة لعراقي يريد الالتحاق بالشرطة العراقية (رويترز)
TT

أقرت وزارة الخارجية الاميركية بانتشار الفساد المالي والاداري في العراق، وقال مسؤول في الوزارة إنها مشكلة «مستوطنة وفتاكة» مفنداً الاتهامات التي تقول إن إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش تتستر على الفساد في العراق بغرض حماية حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. وتزامنت هذه التوضيحات مع تصويت مجلس النواب امس لصالح قرار ضد معالجة وزارة الخارجية موضوع الفساد في العراق واتهامها بإخفاء معلومات لأسباب سياسية. ووصف الجمهوريون القرار بانه «محاولة مكشوفة للاساءة لوزارة الخارجية».

ويتوقع ان يتصدى علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية الاثنين المقبل للاتهامات التي تطال حكومة المالكي حول الفساد والخطوات التي تحققت في مجال المصالحة السياسية خلال نقاش مفتوح ينظمه «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الاميركية.

وكان الكونغرس الاميركي استمع مطلع هذا الشهر الى القاضي راضي الراضي الرئيس السابق لمفوضية محاربة الفساد العراقية، والذي قال إن استشراء الفساد في البلاد يعرقل الاستقرار والتنمية. ويوجد الراضي حالياً في واشنطن حيث طلب اللجوء السياسي في اميركا، وقالت بغداد إنها ستتابعه قضائياً. واستدعت لجنة القواعد في مجلس النواب الاميركي في وقت سابق كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية للادلاء بشهادتها حول الفساد في العراق، لكن رايس اعتذرت عن عدم الادلاء بشهادتها امام اللجنة بسبب ارتباطات مسبقة واقترحت ان يدلي مسؤولون في الوزارة بإفاداتهم حول الموضوع، بيد ان هنري واكسمان رئيس اللجنة قال «وزارة الخارجية تحاول التكتم حول اية معلومات بشان انتشار الفساد في حكومة المالكي». وقال واكسمان وهو من اشد الديمقراطيين معارضة لسياسة الادارة الاميركية في العراق» طالما ان ادارة بوش تطلب المزيد من الاعتمادات للحرب في العرق فإن من حقنا معرفة حجم الفساد هناك».

لكن ديفيد ساترفيلد منسق شؤون العراق في الخارجية الاميركية، والذي كان يعمل من قبل نائباً لرئيس البعثة الديبلوماسية في بغداد، قال إن من الخطأ القول إن الوزارة تتستر على الفساد مؤكداً ان هناك فساداً في العراق وهذه حقيقة، واضاف يقول «نحن لا نحمي أحداً في العراق وقلنا بوضوح إن هذه مشكلة (الفساد) فتاكة ومستوطنة على جميع المستويات في العراق». واشار ساترفيلد الى ان وزارة الخارجية ابلغت رئيس الحكومة العراقية والوزراء ورئيس البرلمان انشغالها العميق باستشراء الفساد. واوضح ان حكومة المالكي اقرت بوجود المشكلة وان لديها الارادة السياسية للتصدي لها وهي تعمل ما في وسعها للتصدي للفساد، بيد انه اشار كذلك الى ان الحكومة العراقية يمكنها ان تفعل الكثير. وأكد في هذا الصدد «ما نأمله ان نعزز قدراتنا لمكافحة هذه الظاهرة... نحن لا نسعى لاخفائها بل للقضاء عليها». وأقر ساترفيلد ضمنياً بوجود وثائق حول الفساد لا يمكن عرضها علناً، لكنه أكد ان جميع المعلومات التي طلبها الكونغرس قدمت للنواب. وكانت تصريحات ساترفيلد التي أدلى بها خلال لقاء صحافي نظم على عجل، تستهدف امتصاص الاتهامات التي ترددت في الكونغرس.

وفي سياق متصل كشف في واشنطن النقاب عن مذكرة اعدتها السفارة الاميركية في بغداد بوجود فساد في جميع الوزارات العراقية، وذكرت المعلومات في هذا الصدد الى ان المذكرة اعدت في ديسمبر (كانون اول) الماضي ثم اضيفت لها معلومات جديدة في يوليو (تموز) الماضي، وتشير المذكرة على وجه التحديد الى استشراء الفساد في وزارة الداخلية بكيفية واضحة، ويعتبر العراقيون الداخلية من الوزارات التي «لا تمس» لان اي حديث عنها يمكن ان يعرض صاحبه للانتقام، كما تشير الى المذكرة الى ان جماعة مقتدى الصدر يسيطرون على وزارة الصحة الى الحد الذي تحمي فيه مليشيات جيش المهدي الموالية للصدر المسؤولين في الوزارة، كما انها تقوم احياناً بعمليات ترويع للاطباء والعيادات والصيدليات الخاصة.

يشار الى ان المعلومات التي كشف عنها القاضي راضي الراضي الرئيس السابق لمفوضية النزاهة في القطاع العام، جعلت بعض اعضاء الكونغريس يقولون إن الاموال التي تجمع من دافع الضرائب الاميركي اخذت طريقها بسبب الفساد الى تمويل جماعات مسلحة. وكان الراضي أبلغ اعضاء مجلس النواب ان 31 من اعضاء المفوضية قتلوا إضافة الى 12 من اسر موظفي المفوضية، وقال الراضي إن عدداً من موظفي لمفوضية اختطفوا او اعتقلوا وجرى تعذيبهم، وقال إن القتل شمل مساعده محمد عبدو سالف الذي اطلق عليه الرصاص هو وزوجته الحامل في شهرها السابع، مشيراً كذلك الى ان رئيس حراسته الشخصية هدد عدة مرات واختطف والده بالفعل وأعدم لان ابنه يعمل في المفوضية. وقدر الراضي حجم المبالغ التي نهبت بملايين الدولارات، وقال الراضي إن المفوضية حققت في حوالي 3000 واقعة فساد لكن 241 واقعة فقط هي التي اخذت طريقها الى المحاكم. وكان الراضي وصل الى واشنطن برفقة 10 من مساعديه ليشارك في برنامج تدريبي تنظمه وزارة العدل الاميركية، وأثناء وجوده في العاصمة الاميركية عزلته حكومة المالكي من منصبه بعد ان اتهمته بالفساد. لكن كريستوفر غريفيث وهو موظف في وزارة الخارجية أدلى بشهادته امام الكونغرس وصف الراضي بأنه «من اكثر المسؤولين الذين التقيت بهم خلال عملي في العراق نزاهة». وأضاف «إذا كانت حكومة المالكي تقول لأنه سرق ملايين الدولارات لماذا لم يستطع حتى الآن مغادرة الفندق الذي يقيم فيها لأنه لم يستطع تسديد فاتورة اقامته بعد ان فقد وظيفته».