تل أبيب: التبادل مقدمة للصفقة الكبيرة

نصر الله: عملية التبادل إنجاز كبير في عملية واسعة

الأسير اللبناني المفرج عنه حسن نعيم عقيل يقبل يد والدته (أ ب)
TT

أكدت مصادر اسرائيلية مقربة من رئيس الوزراء، ايهود أولمرت ومن وزير دفاعه ايهود باراك ان صفقة التبادل المفاجئة مع حزب الله امس هي مقدمة للصفقة الكبرى باتجاه إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين والعرب مقابل اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين الداد ريجف وأودي غولدفاسر. وأكد أولمرت نفسه ان هذه الصفقة هي «خطوة لبناء الثقة من أجل المستقبل»، لكنه كان أكثر حذرا وقال ان الطريق ما زال طويلا لإطلاق سراح الجنديين. وعزا ذلك الى كون «أعدائنا ينظرون للموضوع تجارة قذرة يستغلون فيها حساسية المجتمع الاسرائيلي لأسراه ويرفعون السعر باستمرار». وكشفت مصادر اسرائيلية ان ما يعيق تنفيذ الصفقة الكبرى هو ان حزب الله يطلب أن تتم على مرحلتين: في الأولى تعطى اسرائيل معلومات حول الأسيرين مقابل اطلاق سراح الأسرى اللبنانيين (ستة أسرى وسبع جثث)، وفي المرحلة الثانية يطلق سراح الأسيرين الاسرائيليين مقابل دفعة كبيرة من الأسرى الفلسطينيين والعرب الآخرين.

وأصدر مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي، أمس، بيانا حول الصفقة جاء فيه ان اسرائيل حصلت على جثة الشاب جبرئيل دويت، وكذلك على معلومات تتعلق بملف آخر مقابل أسير حزب الله المريض والجثتين. ولم يفصل عن أي ملف يجري الحديث، وهل هو عن الأسيرين غولدفاسر وريجف أو عن الطيار الأسير منذ 21 سنة، رون أراد. وتوجه مكتب أولمرت الى عائلات الأسرى الاسرائيليين طالبا ان لا تتعاون مع الصحافة في كشف معلومات تصل اليهم بخصوص المفاوضات حول اطلاق سراحهم، حتى لا يمس ذلك في مسار التفاوض. ووافقت العائلات على ذلك لكن أصدقاء رون اراد هاجموا أولمرت قائلين «نحن صامتون منذ 21 عاما ولا نرى ان هذا الصمت يجدي نفعا».

وكانت الصفقة المذكورة قد صدمت المجتمع الاسرائيلي برمته، إذ ان أحدا لم يكن يعرف ان جثة الشاب جبرئيل دويت موجودة لدى حزب الله، بمن في ذلك عائلته. فهذا الشاب (30 عاما)، كان قد سافر من بيته في بئر السبع الى حيفا قبل سنتين واختفى هناك. وكلما توجهت عائلته الى الشرطة لمعرفة مصيره، كانت تتلقى جوابا واحدا: «ابنكم شاب كبير وسيعود الى بيته عندما يحلو له ذلك». وقد أعرب أفراد العائلة عن غضبهم من هذا التعامل، خصوصا وأن جواب الشرطة نفسه سمعوه قبل اسبوعين، أي بعد ان كانت حكومة اسرائيل تدير المرحلة الأخيرة من المفاوضات مع حزب الله حول التبادل مع جثته.

وتبين ان هذه المفاوضات جارية منذ خمسة شهور على الأقل، بواسطة ضابط المخابرات الألماني الذي يعمل تحت لافتة الأمم المتحدة. وقد طلبت اسرائيل في بداية المفاوضات برهانا على ان جثة دويت لدى حزب الله، فسلموها بطاقة هويته الاسرائيلية قبل أربعة أشهر. وحسب الرواية الرسمية فإن دويت مات غرقا في البحر المتوسط قرب حيفا والأمواج قذفت جثته الى الشاطئ اللبناني، فانتشله صيادون لبنانيون وسلموه الى حزب الله، الذي كان مسيطرا على المنطقة في ذلك الوقت (سنة 2005).

وفي الجانب اللبناني، كشف حزب الله عن هوية احدى الجثتين اللتين تسلمهما امس من اسرائيل قائلا ان العمل جار لمعرفة هوية الجثة الاخرى. وقال حيدر دقماق لوكالة الصحافة الفرنسية «تم تحديد هوية احد الجثمانين وهي لمحمد عسيلي». واضاف «نجري حاليا فحوصات الحمض النووي على الجثمان الاخر لمعرفة هويته» مرجحا ان يكون جثمان سامر نجم احد مقاتليه الذين سقطوا في الحرب الاخيرة. ومساء، أعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان عملية التبادل التي جرت مساء اول من امس مع اسرائيل هي «فرصة تعبر عن امل وتفاؤل بتحقيق انجاز كبير في عملية واسعة» لتبادل الجنديين الاسرائيليين اللذين أسرا قبل حرب تموز (يوليو) من العام الماضي بالاسرى اللبنانيين وغير اللبنانيين والجثامين. وقد أطل نصر الله عبر شاشة تلفزيون «المنار» مساء امس ليتحدث عن «مفاوضات مستمرة وحثيثة» لتبادل مع اسرائيل، وذلك بعد 24 ساعة من عملية «التبادل الجزئية» التي تمت مساء امس الاول في منطقة رأس الناقورة الحدودية لأسير من المقاومة وجثتي شهيدين مقابل جثة مستوطن يهودي جرفته مياه البحر في العام 2005 الى شاطئ لبنان.

وأشار نصر الله الى ان مجريات التفاوض والتبادل في هذه العملية وفي الافق المقبل ذات هدف انساني وان كانت ستترتب عنها «نتائج سياسية».

وقال: «ان عملية التفاوض بدأت منذ عدة اشهر من خلال وسيط دولي مكلف من الامين العام للأمم المتحدة. وقد طلبت اسرائيل في هذه المفاوضات معلومات عن مساعد الطيار الاسرائيلي رون اراد والجنديين اللذين أسرا في يوليو من العام الماضي. كما اننا طلبنا معلومات تتعلق بالاسرى اللبنانيين وغير اللبنانيين بمن فيهم الاسرى الايرانيون الاربعة الذين اسروا في لبنان خلال الحرب وسلموا الى اسرائيل».

وأضاف: «ان العملية انجزت من دون اي اشكالات او عقبات نتيجة التكتم الشديد الذي اشترطه الوسيط الدولي وكان هاجسنا حرصاً على انجاز هذه العملية وقطع الطريق على التدخلات الخارجية».

وأوضح نصر الله: «ان هذه العملية جزئية ومحدودة في انتظار العملية الأوسع والأهم». وقال: «ما حصل يعطي دفعاً مهماً عندنا وعند العدو وعند الوسيط الدولي». واضاف: «ان جلسات المفاوضات مستمرة وحثيثة منذ اشهر وبعد ايام ستعاود المفاوضات واستطيع ان اتحدث عن تقدم ايجابي في ما يتعلق بالجنديين الاسرائيليين والاسرى اللبنانيين وغير اللبنانيين (...). فلأول مرة استطيع ان اتحدث عن أمل وتفاؤل وفرصة لتحقيق انجاز كبير وعملية واسعة».

وجدد نصر الله التزام المقاومة الاسلامية القاطع باستعادة الاسرى وجثامين الشهداء، وقال: «ان طاقم العمل المكلف من «حزب الله» في هذه المفاوضات هو طاقم ممتاز ولديه كفاءة عالية وحس كبير بالمسؤولية، وان ظروف هذا الملف بدأت تفتح فيها فرص كانت مقفلة في السابق».