دول بحر قزوين ترفض استخدام أراضيها لشن هجوم على إيران.. وتؤكد حقها النووي

فشلوا في التوصل لاتفاق لتقاسم ثروات قزوين.. وأذربيجان تنفي استخدام قواعدها لمهاجمة طهران

بوتين مع أحمدي نجاد خلال القمة أمس (أ. ف. ب)
TT

دافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة الدول المطلة على بحر قزوين الآخرون، ايران واذربيجان وقزاخستان وتركمانستان، عن حق طهران في الطاقة النووية، محذرين من اي عمل عسكري، خلال قمتهم في طهران، كما تعهدوا بعدم استخدام اراضي أي من دول بحر قزوين في أي عمل عسكري ضد دولة اخرى. وقال بوتين ان الاعلان الصادر عن القمة حدد «مبدأ عدم جواز ان تضع دولة ما أرضها في التصرف في حال شن عدوان على دولة اخرى». وأضاف: «بحر قزوين يجب ان يوحدنا بدلا من ان يقسمنا». ويكتسي مبدأ عدم استخدام أراضي اي دولة لشن هجوم على دولة اخرى اهمية كبرى بالنسبة لايران التي تخشى ان تستخدم الولايات المتحدة اذربيجان لشن هجوم عليها، بالرغم من ان الرئيس الاذربيجاني الهام عالييف استبعد هذا الاحتمال. وأشاد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بـ«اجماع دول بحر قزوين على ان.. سفنها وقواتها العسكرية هي وحدها التي يؤذن بوجودها في هذا البحر». وتفقد عسكريون اميركيون قواعد جوية في اذربيجان التي أبرمت اتفاق شراكة مع حلف شمال الاطلنطي وسط تكهنات في وسائل اعلام روسية بأنهم قد يخططون لاستخدام المنشآت في هجوم محتمل ضد ايران. من جهة اخرى، لم يتمكن رؤساء الدول الخمسة المطلة على بحر قزوين من التوصل إلى اتفاق نهائي حول الوضع القانوني للبحر وتقسيم ثرواته وتركوا الموضوع للنقاش في محادثات مقبلة. وقال أحمدي نجاد إنهم اتفقوا على عقد قمة سنوية واجتماعات نصف سنوية لوزراء الخارجية مضيفا أن القمة المقبلة ستعقد في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل بمدينة باكو عاصمة أذربيجان. وأضاف أن اللجنة الاقتصادية لدول بحر قزوين ستشكل برئاسة الرئيس الروسي.

ووصل بوتين الى طهران، في اول زيارة يقوم بها زعيم من الكرملين الى ايران منذ عام 1943، بالرغم من ورود معلومات بشأن احتمال تعرضه لمحاولة اغتيال خلال زيارته. وعقد بوتين بعد القمة لقاء مع نظيره الايراني محمود احمدي نجاد قبل ان يستقبله المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية علي خامنئي. وافاد بوتين ان مسألة المحطة النووية التي تبنيها روسيا في بوشهر بايران ستطرح خلال اللقاء. وقال «ان روسيا هي الدولة الوحيدة التي تساعد ايران على بناء محطة نووية لأهداف سلمية، وستكون هذه المسألة موضع محادثات جدية». ويتم ارجاء انجاز محطة «بوشهر» باستمرار منذ سنوات عدة وتتذرع روسيا لتأجيل الاشغال بتأخير في المدفوعات الايرانية فيما نفت ايران الأمر، غير ان الخبراء الغربيين يرون في هذه المسألة وسيلة ضغط لإلزام ايران بالشفافية بشأن برنامجها النووي. وقدمت القمة دعما ضمنيا لطهران على صعيد برنامجها النووي إذ أيدت «حق اي دولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي من دون تمييز في تطوير الابحاث حول الطاقة النووية وانتاجها واستخدامها لاغراض سلمية، في اطار هذه المعاهدة وآليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وعلق بوتين لاحقا على هذه النقطة مشددا على «وجوب السماح بالنشاطات النووية السلمية». واقر مجلس الامن الدولي سلسلتي عقوبات بحق ايران صوتت عليها روسيا ايضا، بسبب رفضها تعليق تخصيب اليورانيوم. ولطالما ابدت موسكو معارضتها تشديد العقوبات على طهران وتزايد في الفترة الاخيرة الاختلاف في وجهات نظرها مع الغربيين بهذا الصدد. وقد دعا الرئيس الروسي الاثنين خلال زيارة الى المانيا الى «التحلي بالصبر» في هذا الملف، بعد ان اكد لنظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي الاسبوع الماضي انه ليس لديه «معلومات تفيد بان ايران تطمح الى انتاج اسلحة نووية». وتبقى روسيا مع الصين الحاجز الاخير في وجه اصدار مجلس الأمن قرارا ثالثا يقضي بفرض عقوبات على طهران بسبب رفضها تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم. ولا تزال موسكو تراهن على التعهد الذي قطعته طهران في اغسطس (آب) بإمداد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمعلومات حول الجوانب الغامضة في برنامجها النووي. كما أعلنت دول بحر قزوين في بيانها امس أنها لن تسمح باستخدام اراضيها لشن هجوم على احدى الدول الاعضاء في رد فيما يبدو على تكهنات بلجوء الولايات المتحدة لاستخدام القوة في مواجهتها النووية مع ايران. وقالت روسيا وايران واذربيجان وقازاخستان وتركمانستان انها «لن تسمح تحت أي ظرف بان تستخدم دولة ثالثة أراضيها لشن عدوان او القيام بأي تحرك عسكري اخر ضد دولة عضو». وقال بوتين أمام القمة «لا ينبغي حتى التفكير في استخدام القوة في هذه المنطقة». وتابع «هذا التعاون.. الذي يهدف لتفادي تنافس عسكري في البحر ودرء القوى المعادية ومكافحة الجريمة المنظمة في ذات الوقت.. سيتطلب تشكيل آلية اقليمية في المستقبل القريب».

وأشاد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي يتمسك بان بلاده لن توقف انشطتها النووية التي يصر على انها سلمية، بالاعلان ووصفه بأنه «قوي جدا». ويسلط الضوء على حضور بوتين وهو أول زعيم للكرملين يزور ايران منذ عام 1943 نظرا لاحتمال استغلال روسيا ثقلها كشريك تجاري لايران ومورد لمعدات نووية لكبح جماح طهران نيابة عن قوى عالمية اخرى. وتهدف القمة للتقريب بين الدول الخمس للتوصل لكيفية تقسيم بحر قزوين واحتياطياته الضخمة من النفط والغاز ولم يتم التوصل لاتفاق نهائي رغم تحديد الزعماء الاقتصاد ومجالات اخرى يشملها المزيد من التعاون.

وأكد بوتين أن روسيا تعارض إنشاء حواجز زائدة أثناء تحديد الوضع القانوني لبحر قزوين وتدعو إلى إبقاء الجزء الأكبر من البحر للاستخدام المشترك بين الدول المطلة عليه. واستبعدت موسكو التوصل إلى اتفاق سريع حول تقسيم الثروات الطبيعية من النفط والغاز في بحر قزوين، حيث أفادت وكالة أنباء إيتارتاس عن ميخائيل كامينين الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية قوله إن القمة ستصدر فقط بيانا كوسيلة مساعدة نحو التوصل إلى اتفاق قانوني حول توزيع مصادر الثروة تحت البحر.

يذكر أن قمة بحر قزوين الاولى التي كانت قد عقدت عام 2002 في العاصمة التركمانستانية عشق آباد، فشلت في التوصل إلى حل حول توزيع الثروة الطبيعية أسفل بحر قزوين حيث طالبت روسيا وقازاخستان وأذربيجان بتوزيع الثروة طبقا لطول السواحل لكل دولة، فيما أكدت إيران وتركمانستان رغبتهما في التوزيع العادل لمصادر الثروة بغض النظر عن طول السواحل.

وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين صرح بأن الدول الخمس ستوقع أثناء القمة إعلانا يمثل الموجه السياسي لقضايا المنطقة حتى إعداد الاتفاقية الخاصة بتحديد الوضع القانوني للبحر. وقال كامينين في مقابلة أجرتها معه «نوفوستي»: «سيصبح الإعلان الختامي الذي يتضمن قواعد تصرف الدول المطلة على بحر قزوين موجها أساسيا لحين إعداد الاتفاقية الخاصة لتحديد الوضع القانوني للبحر».

الى ذلك، قالت صحيفة «كومرسانت» الروسية انه من المتوقع ان يوقع الرئيس الروسي صفقة يبيع بموجبها 50 محركا جديدا لطائرات ميج 29 للقوات الجوية الايرانية خلال زيارته لعاصمة الجمهورية الايرانية. وذكرت صحيفة «كومرسانت» الاقتصادية الروسية نقلا عن مصادر لم تكشف عنها ان الصفقة وقيمتها المبدئية 150 مليون دولار مقابل 50 محركا طراز ار. دي 33 لطائرات «ازرخش» الايرانية المقاتلة يمكن ان توقع خلال حضور بوتين قمة دول بحر قزوين. وقالت الصحيفة ان مصنع «تشرنيشيف» للمحركات في موسكو سيقدم هذه المحركات من خط انتاج محركات طائرات «ميج 29»، ولم يتسن الاتصال بالمصنع للتعليق. وطبقا لتقديرات الحكومة من المتوقع ان تجني روسيا عضو مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى والعضو الدائم في مجلس الامن التابع للامم المتحدة 5ر7 مليار دولار من مبيعات السلاح هذا العام وهو مبلغ قياسي مقارنة بما بلغ 4ر6 مليار عام 2006. والطائرة الايرانية ازرخش هي النسخة الايرانية من طائرات «اف 5 أي» الاميركية في السبعينات التي كانت تباع بلا قيود لايران قبل الثورة الايرانية عام 1979 وقطعت كل العلاقات مع واشنطن ووقف صفقات السلاح مع الشركات الاميركية.

وقالت ايران في اغسطس ان طائراتها المقاتلة «الصاعقة» الجيل الجديد من طائرات ازرخش «البرق» تنتج على المستوى الصناعي وانها تصنع على غرار الطائرة الاميركية اف/ايه 18 هورنيت بل انها أقوى منها.

وعلى صعيد اخر، صدرت احكام بالسجن تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات بحق ثلاثة طلاب ايرانيين اعتقلوا في مايو بعد قيامهم بنشر صحف جامعية اعتبرت «مهينة» بحق قادة البلاد على ما نقلت وكالة «مهر» عن محاميهم. وصرح المحامي محمد علي دادكاه للوكالة انه «حكم على احسان منصوري بالسجن سنتين وعلى مجيد توكلي ثلاث سنوات وعلى احمد غسابان سنتين ونصف السنة» موضحا انه لا يعلم بعد ما اذا كانت هذه الاحكام قابلة للتنفيذ فورا. وكان دادكاه اعلن في 22 سبتمبر (سبتمبر) لدى افتتاح المحاكمة ان الطلاب الثلاثة في جامعة امير كبير متهمون «بالمس بالامن القومي والتطاول على القيم المقدسة والمسؤولين». وأعلن مسؤولو صحف طلابية اصلاحية ان «مجهولين» حاكوا مؤامرة للايقاع بهم حيث استحوذوا على شعارات المتهمين لنشر المقالات والرسوم المدانة. وأعلن دادكاه ان موكليه سيستأنفون الحكم «نظرا لانهم كانوا دائما يدفعون ببراءتهم من التهم الموجهة اليهم». واعلنت ايزام تاجيك والدة احسان منصوري في اغسطس ان الطلاب الثلاثة تعرضوا للتعذيب وهو ما نفاه بشدة القضاء الايراني.

وتعتبر جامعة امير كبير من معاقل حركة الاحتجاج الطلابية وتعرض فيها الرئيس محمود احمدي نجاد السنة الماضية الى التشويش خلال القائه خطابا، وردد الطلاب هتافات معادية له.