السودان: «عودة المياه» بين الشريكين الحاكمين.. والبشير يجري تعديلا وزاريا

أبو الغيط وسليمان قادا جهود وساطة من جوبا وقدما مقترحات مصرية لإنجاح مفاوضات سرت حول دارفور

سودانيان يستريحان امام محل متحرك لبيع المرطبات (أ.ب)
TT

عادت المياه، بحذر، الي مجاريها بين الشريكين الحاكمين في السودان: حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير، والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة الفريق سلفا كير ميارديت، بعد ان استجاب الرئيس البشير لطلب الحركة الشعبية بإعلان تعديل لممثليها في الطاقم الوزاري والاستشاري في حكومة الوحدة الوطنية، ضمن مطالب أخرى اتفق الطرفان على مناقشتها في اليومين القادمين. وتضاربت الأنباء حول رد فعل الحركة الشعبية تجاه قرار التعديل الوزاري، وحول ما إذا كانت ستستمر في تعليق نشاطها أم ستستأنف عملها في الحكومة المركزية.

وقد انقشعت هذه الأزمة بعد أيام من تصاعدها على خلفية تعليق الحركة الشعبية نشاط وزرائها في الحكومة بالخرطوم احتجاجا على ما سمته تلكؤ حزب المؤتمر الوطني في تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما منذ عام 2005. وأصدر الرئيس البشير، بناء على مقترحات من الحركة الشعبية، مراسيم حملت تعديلا وزاريا، انحصر في ممثلي الحركة الشعبية في حكومة الوحدة الوطنية بين الطرفين. وبموجبها جرى تعيين الدكتور لام أكول وزيرا لوزارة مجلس الوزراء، ودينق ألور وزيرا للخارجية (تبادلا المواقع)، وجورج بورنيق وزيرا للتعليم العالي، والدكتور منصور خالد للتجارة الخارجية، وجيمس كول رون لشؤون الإنسان، وكوستا مانيبي وزيرا للاستثمار. وجرى تعيين بيتر نيوت كوك، ووليام اجاك دينق مستشارين لرئيس الجمهورية. وشملت التعديلات تعيين لوال اشول لوال وزير دولة برئاسة الجمهورية، وتيلارا دينق وزير دولة بوزارة العدل، وعباس جمعة عبيد الله وزير دولة بالثروة الحيوانية، وبول مريال دوق وزير دولة بالصناعة، واسماعيل خميس جلاب وزير دولة بالداخلية، واليوانيتو وزير دولة بالزراعة والغابات.

ونقلت وكالة السودان للأنباء الرسمية (سونا) عن مصدر مأذون برئاسة الجمهورية قوله إن وزراء الحركة الشعبية الذين لم تشملهم التعديلات الوزارية الصادرة بمراسيم جمهورية أمس باقون في مناصبهم. وأضاف المصدر أن الذين لم تشملهم التعديلات هم: هارون لوال مستشار رئيس الجمهورية، وكوال ميانق جوك وزير النقل والطرق والجسور، والدكتورة تابيتا بطرس وزيرة الصحة الاتحادية، ولوال اشويل دينق وزير الدولة بالمالية، وانجلينا تينج وزيرة الدولة بالطاقة، ومحمد يوسف مصطفى وزير الدولة بالعمل والخدمة العامة، والياس نيا ملل وزير الدولة بالتعاون الدولي. ونوه المصدر الى أن إجراءات أداء قسم المستشارين، والوزراء، ووزراء الدولة سيتم بعد وصول سلفا كير للخرطوم، ويتوقع ذلك خلال التربع والعشرين ساعة القادمة للقاء الرئيس البشير والتباحث معه حول اللقاءات المشتركة المرتقبة بين الشريكين بشأن تنفيذ الاتفاق. وكان حزب المؤتمر الوطني قد رفض بشدة قبول الدكتور منصور خالد لمنصب وزير الخارجية، بديلا للدكتور لام اكول «حتى لو أدى الأمر الى فض الشراكة بين الشريكين»، حسب مصادر في حزب البشير. وكان الرئيس السوداني قد تسلم قبل ساعات من إعلانه مراسيم التعديل الوزاري من وفد من الحركة الشعبية رسالة من سلفا كير تتعلق بترتيبات انفاذ اتفاق السلام الشامل وبعض المقترحات الخاصة بتعديل الحقائب الوزارية المتعلقة بالحركة الشعبية، في لقاء وصفته الحركة الشعبية بأنه كان وديا وصريحا ومثمرا، واتفق خلاله على ان يلتقي البشير وسلفا كير خلال 48 ساعة في الخرطوم، اعتبارا من أول من أمس.

وتضاربت في الخرطوم وجوبا ردود فعل الحركة الشعبية تجاه قرار التعديل الوزاري، فقد قال وزير الاعلام الجنوبي، سامسون كواجي، المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في جوبا، أمس إن الوزراء سيعودون الى وزاراتهم مرة أخرى على خلفية قرار التعديل الوزاري الذي أعلنه البشير. وأضاف كواجي لـ«رويترز» أن رئيس حكومة الجنوب سلفا كير سيذهب الى الخرطوم اليوم وسيصدر بيانا من هناك. ويؤدي الوزراء الجدد اليمين القانونية ثم يبدأون العمل». ونسب الى بيان من الحركة الشعبية لتحرير السودان بأنها ستنضم مرة أخرى الى الحكومة بعد وقت قصير من إقرار البشير.

لكن مسؤولين آخرين كبارا في الحركة الشعبية لتحرير السودان قالوا إن القرار الرسمي بشأن العودة الى الحكومة سيتخذ بعد اجتماع بين سلفا كير رئيس الحركة والبشير اليوم. وقال مسؤول كبير بالحركة طلب عدم نشر اسمه «الى ان يصبح سلفا كير راضيا عن نتيجة الاجتماع مع البشير، فان من يتخذ قرار استئناف العمل من عدمه هو سلفا». وقال المسؤولون إن الوزراء الذين أقرهم البشير ليسوا الوزراء الذين يريدهم سلفا كير، وان الرئيس كان يجب أن ينتظر الى أن يجتمع مع كير ليصدر إعلانه. لكن مسؤولين آخرين في الحركة الشعبية لتحرير السودان قالوا إن كير له الكلمة الأخيرة بشأن إن كان وزراء الحركة سيعودون الى العمل. وأمام حشد جماهيري كبير في جوبا، حذّر سلفا كير مجددا من انهيار محتمل لاتفاقية السلام، ودعا لاتخاذ التدابير الكفيلة بإنقاذها منعا لعودة الحرب، وطالب حزب المؤتمر الوطني بما سماه التعامل الجاد لحسم الخلافات بشفافية، خاصة في ما يتعلق بحسابات البترول وترسيم الحدود ومحاربة الفساد في الشمال.

من ناحية أخرى، أمضى وفد مصري برئاسة وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، ورئيس المخابرات العامة، اللواء عمر سليمان، يوما طويلا في السودان أمس بين العاصمة السودانية الخرطوم، وعاصمة جنوب السودان جوبا حول قضايا تنفيذ اتفاق السلام. وطرح الوفد في جوبا مقترحات مصرية لإنجاح مفاوضات سرت الليبية بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية المقررة في السابع والعشرين من أكتوبر الجاري.

وسلم أبو الغيط في الخرطوم رسالة للرئيس عمر البشير من نظيره المصري محمد حسني مبارك، وقال إنها تعكس اهتمامه واهتمام مصر وشعبها بالشأن السوداني ورغبتها وأملها في سودان قوي موحد. وقال وزير الخارجية المصرى في تصريحات صحافية في الخرطوم إن الزيارة تهدف لعقد لقاءات مع النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفا كير وأعضاء حكومته تتناول مجمل الأوضاع المتصلة بسير تنفيذ اتفاقية السلام، وأضاف «إننا نستشعر قدرا طيبا من التشجيع لإحساسنا ان الجانبين سواء الحركة الشعبية أو المؤتمر الوطني يسعيان لبناء التواصل والتنفيذ الكامل لاتفاق السلام الشامل»، وأكد الوزير المصري أهمية توحيد الرؤى التفاوضية لحركات دارفور قبل بدء مفاوضات سرت المرتقبة. وقال السماني الوسيلة، وزير الدولة بوزارة الخارجية، ان زيارة الوفد المصري الرفيع المستوى تعكس دور مصر الرائد تجاه القضايا التي تهم شعبي البلدين.