الجزائر تتوسط مجددا لإنهاء الأزمة بين مالي والطوارق

وزير الخارجية الجزائري يسعى لإقناع الطرفين بالعودة إلى اتفاق 2006

TT

بدأ وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي أمس بالعاصمة المالية باماكو، اجتماعات مع مسؤولين بالحكومة المالية وقيادات من حركة المتمردين الطوارق، لإنقاذ «اتفاق السلام» الموقع بين الطرفين بالجزائر في صيف 2006. وقالت مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط»، إن لقاءات عديدة سيجريها الوزير مدلسي مع فرقاء أزمة الطوارق، على هامش اجتماع «اللجنة المشتركة الجزائرية المالية»، التي انطلقت أشغالها أمس وتدوم يومين. وأوضحت ذات المصادر، أن مدلسي «مكلف من أعلى السلطات الجزائرية بإنقاذ اتفاق الجزائر عن طريق جرَ الطرفين المتنازعين إلى العودة لبنوده».

وأشارت المصادر إلى أن رئيس الدبلوماسية الجزائرية سيسعى لإقناع المسؤولين الماليين «بالعدول عما يراه الطوارق مصدر استفزاز لهم»، في إشارة إلى أعمال دهم وتفتيش بيوت طوارق شمال البلاد، وانتشار دوريات للجيش النظامي بالمناطق التي يسكنها الطوارق، كانت قبل شهرين، سببا في ما يشبه ثورة قادها إبراهيم أغ باهانغا، زعيم متمردي الطوارق عندما اختطف حوالي 50 شخصا بينهم عسكريون، لايزال حوالي 20 منهم محتجزاً.

وشارك في اللقاءات التي أجراها مدلسي، سفير الجزائر بباماكو عبد الكريم غريب المشرف على ملف طوارق مالي ومهندس اتفاق الجزائر، حيث سمحت علاقاته الوثيقة بطرفي النزاع، حسب المصادر، بإقناعهما بضرورة بعث الاتفاق من جديد. ورجحت مصادر مطلعة، أن يحاول مدلسي حمل الحكومة على الإسراع بتنفيذ ما تعهدت به في الاتفاق، بخصوص إطلاق مشاريع اقتصادية لتنمية مناطق قاو وكيدال وتين زاواتين قرب الحدود الجزائرية، وتوفير مناصب شغل للآلاف من فقراء هذه المناطق. ويعد الشق المتعلق بالتنمية، من أهم بنود «اتفاق الجزائر» ومن شروط المتمردين الطوارق الذين يرون أن حكومة باماكو «تمارس التفرقة» من حيث توزيع الثروات على سكان مالي. وما يراه الطوارق «تملصا من الاتفاق» من جانب الحكومة، كان سببا في اضطرابات خطيرة أعادت الوضع إلى نقطة البداية.

وتشتكي الحكومة المالية من تأخر الدول المانحة في الوفاء بوعودها، وتبرر تأخر مشاريع التنمية في الشمال بتأخر وصول الاعتمادات المالية التي تعهدت بها دول أوروبية، وأخرى مجاورة مثل ليبيا. وفي المقابل، يسعى مدلسي، خلال لقاءاته بقيادات «الحركة الديمقراطية من أجل التغيير» (الطوارق)، إلى الانخراط ميدانيا في الاتفاق عن طريق التخلي عن العمل المسلح، تفاديا لاستفزاز الحكومة. غير أن أبرز ما في مهمة مدلسي، هو إقناع القائد إبراهيم أغ باهانغا بالافراج عن بقية الرهائن الذين يحتجزهم منذ نهاية أغسطس (آب) الماضي، وهو مطلب تلح عليه الحكومة وتعتبره سبباً مباشرا في وأد «اتفاق الجزائر». كما تتهم الحكومة باهانغا ورفاقه بإقامة علاقات مع السلفيين الجهاديين الجزائريين، وبمساعدتهم على التوغل في عمق التراب المالي لتنفيذ هجمات ضد دوريات الجيش، وربط اتصالات بينهم وبين ضباط عسكريين لشراء أسلحة.