العراق يطالب مسلحي الكردستاني بالمغادرة وتركيا تحذر من اختبار تصميمها

باباجان يبدأ جولة عربية من القاهرة ويزور بغداد .. وزيباري يتوقع ضربة محدودة واجتماع الجوار قائم في أنقرة

الاف الأكراد في مدينة عين كاوا بالقرب من أربيل خرجوا محتجين على قرار البرلمان التركي التفويض للجيش بشن حملة عسكرية داخل اراضي كردستان العراق (رويترز)
TT

أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس ان العراق يريد مغادرة الانفصاليين الأكراد المتمركزين بشماله بأسرع ما يمكن، لينضم الى الاصوات العراقية المطالبة بتهدئة الاوضاع مع تركيا التي تهدد بدخول الاراضي العراقية لمواجهة «حزب العمال الكردستاني». وتزامنت تصريحات زيباري مع اخرى اطلقها نظيره التركي علي باباجان في القاهرة أمس من ان بلاده لن تتردد في العمل ضد المتمردين الاكراد، وحذر من اختبار تصميمها. ويقوم الوزير التركي بجولة عربية لتوضيح موقف بلاده، ومن المتوقع ان تشمل جولته زيارة الى بغداد خلال ايام. وقال زيباري في مقابلة أجرتها «رويترز» ان الحكومة العراقية غير مرتاحة للتصويت الذي أجراه البرلمان التركي أمس وأعطى الضوء الاخضر للجيش لعبور الحدود الى شمال العراق لتعقب أعضاء «حزب العمال الكردستاني» وأضاف: «هذا الحزب ليس موجوداً (داخل الاراضي العراقية) بموافقة الحكومة العراقية أو حكومة اقليم كردستان، وقد طلبت الحكومة منهم ومن مجموعات مسلحة اخرى مغادرة العراق»، موضحاً: «طلبنا الرسمي هو ان يتركوا الاراضي العراقية وان يتركوا العراق لشعبه وعدم جلب المزيد من المشاكل لنا». وأكد ان الحكومة تريد من المقاتلين ترك العراق «في اقرب وقت ممكن». ولم يتوقع زيباري أن تشن تركيا عملية عسكرية كبرى قريباً، موضحاً انه اذا حدث هجوم فربما يكون مجرد ضربات جوية على مواقع «حزب العمال الكردستاني» المشتبه بها في شمال العراق.

وقالت مصادر حكومية عراقية انها لا تتوقع شن هجوم تركي مع اقتراب موعد عقد المؤتمر الوزاري لدول الجوار العراقي بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويعقد اجتماع دول جوار العراق في اسطنبول مطلع الشهر المقبل بمشاركة مجموعة الثماني والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي. واضافت المصادر التي طلبت من «الشرق الاوسط» عدم الكشف عن هويتها ان اقتراب فصل الشتاء وسقوط الثلوج في المناطق الجبلية الوعرة سيؤجل اية عمليات عسكرية موسعة بعد ذلك الموعد. ومن جهتها، دعت حكومة اقليم كردستان العراق أمس انقرة الى اجراء حوار مباشر غداة موافقة البرلمان التركي على القيام بتوغل عسكري شمال العراق وناشدت تركيا الامتناع عن اي عمل عسكري في العراق. وقال بيان للحكومة نشر على موقعها الالكتروني ان «حكومة اقليم كردستان ترحب بحوار مباشر مع انقرة في كل القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين بضمنها قضية حزب العمال الكردستاني». واضاف البيان ان «حكومة الاقليم تعتبر ان علاقات طيبة مع تركيا هي احدى اولوياتها»، مؤكداً ان «الشعب التركي صديقنا وجارنا الذي نشاركه بالكثير من القضايا». ولفت البيان الى ان «التجارة والاستثمار التركي أمر أساسي في نمو اقتصاد اقليمنا». ويذكر ان التعاون التجاري بين البلدين يصل الى 5 مليارات دولار وكان من المتوقع ان يصل الى 8 مليارات دولار خلال العام المقبل، الا ان التخوف من العملية العسكرية المحتملة ادى الى تراجع نسبة التجارة بين البلدين. وقال بيان حكومة اقليم كردستان ان «اي مشكلة او اختلاف بين حكومة الاقليم وتركيا يجب ان يحل من خلال القنوات الدبلوماسية والحوار». واضاف: «نناشد اصدقاءنا وجيراننا الاتراك الامتناع عن اي عمل عسكري في العراق»، مشدداً على ان «الاقليم لا يريد اي مواجهة مع تركيا (...) ونحن لن نسمح ولا نسمح ان تستخدم مناطقنا قاعدة لشن هجمات ضد جيراننا». واكد ان «حكومة الاقليم لا تتدخل في شؤون تركيا الداخلية ونتوقع منها ذلك بالمقابل».

وعلى الصعيد الشعبي، تظاهر آلاف الاكراد العراقيين امام مقر الامم المتحدة في محافظة اربيل كبرى مدن اقليم كردستان العراق احتجاجاً على قرار تركيا التوغل في شمال العراق لمطاردة حزب العمال الكردستاني. وأجرى وزير الخارجية التركي علي باباجان محادثات أمس في القاهرة مع الرئيس حسني مبارك ووزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط.

وقال الوزير التركي للصحافيين عقب المحادثات ان التطورات في العراق كانت من القضايا التي نوقشت. وأضاف أن هناك تطابقا في وجهات نظر البلدين في القضايا المطروحة، لكنه لم يذكر ما ان كانت مصر تؤيد توغلا عسكريا لبلاده في شمال العراق. وسئل عما اذا كان قد طرح على الرئيس المصري احتمال تدخل بلاده عسكرياً في شمال العراق فقال: «مكافحة الارهاب تتطلب مشاركة دول العالم حيث لا تستطيع أي دولة بمفردها مكافحته». ولمّح وزير الخارجية التركي الى ان الفرصة ما زالت سانحة لحل توافقي لمشكلة المتمردين الاكراد الاتراك في شمال العراق، مؤكدا ان هذه المسألة ستناقش خلال اجتماع دول جوار العراق. وقال باباجان «الاجتماع الوزاري لدول جوار العراق الذي سيعقد في اسطنبول في الثاني من نوفمبر المقبل بمشاركة وزراء خارجية دول مجموعة الثماني والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن سيعطي فرصة لمناقشة كافة المشاكل في العراق ومشكلتنا مع الارهاب وعناصره». ولكنه حذر في نفس الوقت من انه «لا ينبغي على اي طرف ان يعتبر ان تركيا ليست عازمة على مكافحة الارهاب»، مضيفا «ان لدى تركيا العزم والتصميم على مواصلة مكافحة الارهاب وليس هناك تردد في ذلك».

وكان الوزير التركي يرد بشكل غير مباشر في ما يبدو على تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) جيف موريل الذي قال اول من أمس ان تركيا «ليست مستعجلة» لشن عملية عسكرية ضد المتمردين الاكراد الاتراك المتحصنين في شمال العراق، محذرا من «عواقب كبيرة لا تقتصر علينا ولكن تشمل الاتراك ايضا».

واشارت مصادر عراقية الى ان باباجان سيقوم بزيارة قصيرة الى العراق «قريباً»، رافضة تحديد موعد الزيارة لاسباب امنية. وقد تؤدي زيارة باباجان، بعد زيارة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي لأنقرة، الى تهدئة الاوضاع بين البلدين وتمهيداً للاجتماع الوزاري لدول الجوار. من جانبها شددت مصر على ضرورة استخدام العمل الدبلوماسي في مواجهة تلك الأزمة، وحملت القوات الأجنبية بالعراق، والقوات العراقية، مسؤولية ضبط الأمن على الحدود التركية العراقية وطالبت بإغلاقها، محذرة من عواقب لا يرغب أحد في رؤيتها.

وعلى لسان وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط وصفت مصر الوضع بالعراق بأنه «حزين ومأساوي» قائلة «ندين أي عمليات إرهابية تتم داخل تركيا، عبر الحدود ونتفهم القلق التركي من هذه الأعمال، لكننا نتمسك في ذات الوقت بمبدأ سلامة العراق، ووحدة أراضيه».

وأضاف أبو الغيط الذي كان يتحدث مساء أمس في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي علي باباجان عقب مباحثات بينهما بالقاهرة «أن القوات العراقية لم تعد موجودة بالشكل الذي كانت عليه في الماضي، وهناك قوات أجنبية في أراضي العراق، وأن تلك القوات عليها مسؤوليات، كالقوات العراقية».

وأوضح الوزير المصري «نحن نعلم أن هناك إقليماً بالشمال العراقي استحوذ على أوضاع لم تكن موجودة بالسابق، وأن هذه الأوضاع تؤدي إلى الوضع الذي نراه حالياً، وطالب أبو الغيط السلطات القادرة على فرض سيطرتها حالياً في الإقليم الشمالي الكردي بالتصدي لهذه الجماعات (يقصد حزب العمال الكردستاني)، وأن تقوم بإغلاق الحدود، مؤكداً أن مثل هذه الخطوة ستنهي الوضع القائم هناك.

وأكد أن «فقدان السيطرة العراقية على الإقليم منتصف التسعينيات اضطر تركيا للتعامل معها في هذا الوقت ولا نرغب في تكرار ذلك الوضع مستقبلاً».