رهينة سابق في السفار الأميركية في طهران: حان وقت التخلي عن التصريحات المثيرة والشتائم

لمبرت قضى 14 شهرا محتجزا في إيران وعشقها لأكثر من 40 عاما

السفير جون لمبرت («الشرق الاوسط»)
TT

حث السفير الاميركي المتقاعد جون لمبرت الحكومتين الاميركية والايرانية على التخلي عن التصريحات المثيرة و«تبادل الشتائم»، بعد عقود من التوتر في العلاقات بين البلدين. ولمبرت من الشخصيات الاميركية التي تجسد فعلياً تاريخ العلاقات بين البلدين، اذ كان جزءا اساسياً من حدث ما زال يلقي بظلاله على تلك العلاقات المتشنجة، اذ كان احد الرهائن الـ66 الذين احتجزوا في السفارة الاميركية لـ444 يوماً، هزت الاوساط السياسية الاميركية بين عامي 1979 و1981. والتقت «الشرق الاوسط» لمبرت اثناء زيارته لندن مع السفير المتقاعد بروس لانغهام، بعد مشاركتهما في مؤتمر عن ايران في جامعة سان اندروز في اسكوتلندا. وقال لمبرت انه يلتقي لانغهام بين حين وآخر وغيره من الرهائن السابقين في مناسبات معينة ولكن ليس باستمرار. وأضاف ان علاقة جيدة تربطه بلانغهام، موضحاً: «نحن من الاميركيين النادرين الذين لدينا شعور دافئ جداً تجاه ايران، ونريد ان نرى شيئا افضل في علاقتنا مع ايران». ولم يخض لمبرت في تفاصيل الاشهر الـ14 التي قضاها محتجزاً في السفارة الاميركية لدى طهران بين 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1979 وحتى 20 يناير (كانون الثاني) 1981، ولكنه قال: «ما جرى لنا خلال الـ14 شهراً كان صعباً وخطيراً ومخيفاً وفوق كل ذلك، ناقض كل التقاليد الشرق اوسطية التي تشدد على اهمية مراعاة الضيف». وأضاف: «الذين احتجزونا نقضوا جميع الاعراف الدولية والتقاليد الشرق اوسطية ولكن ما حدث للشعب الايراني كان الأسوأ». واعتبر لامبرت ان حادثة احتجاز الرهائن الاميركيين اثرت على مجريات التطورات في ايران خلال العقود الثلاثة الماضية، قائلاً: «يمكن لنا رؤية خط واضح يربط كل التطورات من الحرب الايرانية ـ العراقية والأزمة السياسية الايرانية ونمو النظام القمعي في ايران بهذا الحدث السيئ لايران». وأكد لمبرت ان حادثة احتجاز الرهائن الاميركيين، الذين كان 63 منهم دبلوماسياً و3 مواطنين عاديين، ما زالت تؤثر على تفكير الشعب الاميركي وقادته. وقال السفير المتقاعد الذي يدرس في الكلية البحرية في الولايات المتحدة اليوم: «هذه الحادثة تلقي ظلاً كبيراً على العلاقات بين البلدين، ويتذكرها الاميركيون، حتى الجيل الجديد الذي لم يولد عند وقوعها». وأضاف: «يتصور الاميركيون ان ايران هي ما شاهدوه من لقطات تلفزيونية لايرانيين يطلقون شعارات معادية للولايات المتحدة ويصرخون في الشارع ويأخدون رهائن اميركيين، كلها صور سلبية رسخت في ذهن الاميركيين». وتابع: «ترك ذلك انطباعا بأن النظام الايراني يعاني من الهيستريا ولديه ميول انتحارية، وقد ادت الاحداث السياسية الى تصوير الايرانيين على أنهم غير انسانيين واقرب الى الجنون». الا انه اردف وقال بأن الايرانيين لديهم حادثة خاصة بهم تجعلهم يعادون الولايات المتحدة وهي «اسقاط نظام مصدق» عام 1953 في طهران الذي تورطت به وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي أي أي). واضاف: «لا اشعر بأن هناك عددا كافيا من الاميركيين والايرانيين يفهمون وقع تلك الحادثتين على كل طرف». وعما اذا كان قد تعرف على اي من الخاطفين الإيرانيين بعد إطلاقه، أكد لمبرت أن عدداً منهم تسلموا مناصب رفيعة، مثل نائب رئيس البرلمان الايراني محمد رضا خاتمي، شقيق الرئيس السابق محمد خاتمي. ولكنه أضاف: «لا أتذكر ما إذا كان (الرئيس الايراني الحالي محمود) احمدي نجاد ضمن مجموعة الخاطفين، وصراحة لم يعرفوا انفسهم لنا ولا اتذكر الكثير منهم». وتابع ضاحكاً: «بعضهم التحقوا بالسلك الدبلوماسي واعتقد انهم اخذوا دروسهم منا». وعما اذا كان يشعر بغضب لرؤية بعض الخاطفين في مراكز سلطة قال: «لو شعرت بأنهم نادمون على ما فعلوه في صغرهم وفي وقت الكثير يقومون فيه بالحماقات لكان من الممكن تقبل المسألة، ولكنهم حتى الآن لا يواجهون ماضيهم». ومن المثير انه عند حديثه عن ازمة الرهائن، لا يبدي لمبرت اية مؤشرات غضب أو كراهية تجاه ايران. وجزء من ذلك يعود الى علاقة السفير المتقاعد، القوية مع ايران، اذ ان زوجته، التي تزوجها منذ 41 عاماً، ايرانية الاصل، وهو يتقن اللغة الفارسية، كما انه اصدر كتاباً عن الشاعر حافظ بعنوان «شيراز في زمن حافظ». وقد غادر ايران منذ عام 1981 بعد اطلاق سراحه ولم يعد منذ ذلك الوقت، قائلاً: «اتمنى ان اعود الى طهران، ولكني من غير المرغوب بهم هناك». وعن واقع العلاقات بين البلدين قال لمبرت: «من المحزن الواقع الذي وصلت اليه العلاقات بين البلدين، وعلينا التوصل الى مخرج لها». وأضاف: «لقد تبادلنا التهم والشتائم منذ 28 عاماً، وحان الوقت لشيء مختلف». واعتبر ان الطريقة الامثل للتوصل الى هذا الحل هو «النظر الى العالم بعين الطرف الاخر والتعرف على مخاوفه». وعما اذا كان يتوقع مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وايران بسبب الملف النووي الايراني، قال لمبرت: «لا اعرف الكثير عن الجانب القانوني والتقني للقضايا النووية، ولكن جو عدم الثقة بين الطرفين يجعل كل طرف يتصور ان ما يفعله الطرف الثاني بسوء نية». ولفت الى ان الوضع نفسه ينطبق على العراق. ويذكر ان لمبرت عمل في العراق بين عامي 2003 و2004، مختصاً في مجال اعادة الاعمار. وقال لمبرت «ان ما حدث في العراق محزن للغاية والشعب العراقي لم يستاهل (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين ولا يستاهل الوضع الراهن، يجب ان يكون هناك الافضل». وأضاف: «لا يمكن لايران ان تسيطر على العراق، وفكرة خضوع العراق لايران غير ممكنة ولكن هناك مصالح ايرانية في العراق لا يمكن تجاهلها». وتابع انه من الافضل للولايات المتحدة وايران التوصل لـ«طريقة عقلانية» للتعاون في العراق. وخلص بالقول: «علاقة الولايات المتحدة وايران تشبه الزواج غير السعيد الذي لا يمكن انهاؤه، وهناك شعور متزايد من التوتر المتفاقم».