الإضراب عن العمل شل القطارات والنقل العام .. والدراجات الهوائية والبخارية أنقذت الموقف

«الخميس الأسود» في فرنسا لم يكن أسود بالكامل

فرنسي غطى وجهه بإعلانات احتجاج ضد سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية خلال إضرابات عمال النقل أمس (أ.ف.ب)
TT

استجاب ثلاثة أرباع العاملين في قطاع النقل العام والسكك الحديد لنداء النقابات الفرنسية بالإضراب عن العمل يوم أمس. كما التحق بالإضراب عدد كبير من العاملين في قطاعات حكومية أخرى كالكهرباء والبريد والغاز، لكن المدارس فتحت أبوابها لضعف استجابة المعلمين للنداء. ويأتي الاضراب احتجاجاً على خطة إصلاح الأنظمة الخاصة للتقاعد التي أعلنتها الحكومة، في وقت سابق. ويستفيد من الأنظمة الخاصة جانب واسع من العاملين في القطاع العام، وبالأخص في حقل النقل. وفي حين أطلقت الصحف على نهار أمس تسمية «الخميس الأسود»، فإن الاضراب لم يتسبب بشل الحركة في المدن الكبرى وأولها باريس. ورغم بعض اختناقات المرور على مداخل المدن، ظلت حركة السير طبيعية داخل العاصمة. لكن خطوط «المترو» والحافلات توقفت بشكل شبه كامل. وكان مما ساعد على انتظام الحركة استعداد الناس المسبق واعتمادهم على وسائط بديلة في النقل، خصوصاً من كان يسكن داخل الحدود الصغرى للمدينة. وظهرت بشكل كثيف في طرقات باريس، أمس، الدراجات الهوائية والبخارية والعجلات المتحركة «رولرز»، بالاضافة الى مئات الآلاف الذين استيقظوا مبكرين للذهاب الى أماكن عملهم ودراستهم سيراً على الأقدام. وشجع على ذلك الطقس المشمس ذو النسمة الباردة الذي كان سمة نهار أمس.

وبخلاف سكان العاصمة وجد سكان الضواحي صعوبة في الانتقال الى مراكز عملهم نظراً لتوقف حركة القطارات التي بدأ العاملون فيها إضرابهم منذ مساء أول من أمس. وأعرب عدد من العاملين في السكك الحديد رغبته في تمديد الاضراب حتى نهار اليوم. ولم تتأثر حركة مطاري «شارل ديغول» و«أُورلي» بالاضراب. ولم ينضم الى الحركة أي من العاملين في أبراج المراقبة رغم النداءات العديدة التي وجهت لهم من النقابات.

وأغلق عدد من المتاحف والمعارض أبوابه، في حالة نادرة، لتعذر وصول عمال الحراسة وقاطعي التذاكر. ومنها متاحف «اورساي» و«كلوني» و«غيميه» وقصر فيرساي. كما ألغيت امتحانات القبول التي كانت مقررة للمتقدمين لشغل وظائف في بعض الوزارات، ومنها وزارة الخارجية.

أما وسائل الإعلام فلم يبد عليها التأثر بالاضراب وواصلت الإذاعة الإخبارية «فرانس أنفو» بث برامجها ونشراتها بشكل طبيعي، وكذلك إذاعة فرنسا الدولية التي تبث برامجها بعشرات اللغات، منها العربية. ومع هذا فقد التزم بعض مقدمي البرامج في إذاعات أُخرى بدعوة النقابات الى الاضراب وغاب عدد من البرامج الشهيرة، منها «مهرجو الملك» الذي يقدمه النجم التلفزيوني ستيفان بيرن. كما تبع حركة الاضراب 30 في المائة من منتسبي وكالة الصحافة الفرنسية. ومن المتوقع أن تصدر الصحف المحلية والقومية بشكل طبيعي، صباح غد، خصوصاً وأنها تتوقع زيادة في المبيعات بفضل تغطيتها لخبر انفصال رئيس الجمهورية عن زوجته.

ويذكر أن فرنسا لم تشهد إضراباً من هذا النوع منذ الحركة الاحتجاجية الكبرى التي وقعت في خريف 1995 وأدت الى شلل قطاع النقل وتذمر الطلبة والموظفين المجبرين الى الذهاب الى جامعاتهم وأعمالهم كل يوم. وكشف مصدر في إدارة النقل بالمترو والحافلات أنها تخسر في اليوم الواحد من الإضراب ما يتراوح بين 3 و4.5 مليون يورو في اليوم. أما إدارة السكك الحديد فتخسر مبلغاً يصل الى 20 مليون يورو في اليوم، أي ما معدله 830 ألف يورو في كل ساعة إضراب. وفي حالة التوقف الكلي، مثل يوم أمس، تضاف الى مبلغ الخسارة السابق زيادة تتراوح بين 3 و5 ملايين يورو هي كلفة إعادة برمجة نظام تشغيل شبكة المواصلات. وهذا لا يشمل تكاليف الاستجابة للمطالب النقابية ولا مبالغ تعويض المسافرين. وعلى سبيل المثال فقد تكلف إضراب عام 1995 مبلغاً وصل الى 180 مليون يورو دفعتها السكك الحديد عداً ونقداً.