الإمارات تطلق مبادرة وطنية باسم «البصمة البيئية»

ثالث دولة في العالم بعد سويسرا واليابان تسعى للحفاظ على الموارد الطبيعية

وزير البيئة الإماراتي يطلق «البصمة البيئية» أمس في أبوظبي («الشرق الأوسط»)
TT

في محاولة جادة لوقف الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية، أطلقت الامارات العربية المتحدة أمس، مبادرة وطنية تحت مسمى «البصمة البيئية»، هي الثالثة من نوعها في العالم، للوصول إلى تحسين مرتبة الدولة في استخدام الموارد الطبيعية، والتي تعد الأمارات من أعلى الدول في العالم استنزافا لهذه الموارد.

وتدعو «البصمة البيئية» إلى تضافر الجهود الوطنية، من قبل الأفراد والمؤسسات والدوائر الحكومية، للعمل من أجل وضع الاسس المهمة لخلق وعي واهتمام بيئي جديد، يساهم في تقليل انبعاث غازات مثل ثاني أوكسيد الكربون، والتقليل من كميات المياه المهدرة، بالإضافة إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية بالحدود الدنيا.

وبإطلاق الامارات العربية المتحدة هذه المبادرة، تكون الدولة الثالثة في العالم، بعد سويسرا واليابان، التي تأخذ هذا المنحى المتقدم في السعي نحو إيقاف الهدر الذي تتعرض له الموارد الطبيعية.

وبحسب تقرير «الكوكب الحي 2006» الصادر عن الصندوق العالمي لصون الطبيعة، بالتعاون مع الشبكة العالمية للبصمة البيئية، فقد كشف أن اسـتمرار اتجاهات ومعدلات الاستنزاف الحالية سيجعل العالم يحتاج إلى ما يوازي مثلي الموارد الطبيعية لكوكب الأرض سـنوياً بحلول عام 2050.

وستنحصر المرحلة الأولى من «البصمة البيئية» بجمع البيانات التي تتعلق بتوافر المصادر وأنماط الاستهلاك في الامارات في مختلف القطاعات، مثل الطاقة والتجارة وصيد الأسماك والزراعة والمياه والتخطيط الحضري، على أن يتم تحليل البيانات التي يتم جمعها للحصول على البصمة البيئية لدولة الامارات العربية المتحدة.

وتقول مصادر إن إطلاق الامارات لهذه المبادرة، سيكون مقدمة لما يعرف بـ«المحاسبة البيئية»، حيث ستتوافق التشريعات والقوانين في الدولة الاماراتية، لتكون متناسبة مع التوصيات التي ستصدرها بحوث البصمة البيئية، ومن ثم تطبيق وتفعيل القوانين والتشريعات المتعلقة بدراسة الأثر البيئي للمشاريع الاقتصادية والعمرانية بما يتوافق مع النظم البيئية، وبالتالي السيطرة على إهدار الموارد الطبيعية، التي تتصدر الامارات قائمة دول العالم الأكثر استنزافا لهذه الموارد.

وقال الدكتور محمد سعيد الكندي وزير البيئة والمياه الاماراتي، في المؤتمر الصحافي الذي عقد للإعلان عن اطلاق المبادرة أمس، إن «إطلاق المبادرة يأتي في إطار الجهود المستمرة للمحافظة على الموارد البيئية واستدامتها، خاصة في ظل زيادة ظاهرة الاستهلاك بصورة غير مسبوقة».

ووصف الكندي المبادرة على أنها واحدة من الأدوات المهمة في قياس معـدلات اسـتنزاف الأفـراد للموارد الطبيعية، وإتاحة نتائج القياس للمسـؤولين وصناع القرار لوضع السياسات والخطط الكفيلة لضمان الاستخدام الكـفء لهذه الموارد، بما يخدم جيل الحاضر وأجيال المسـتقبل.

ويسعى المسؤولون عن هذه المبادرة إلى أن تدفع باتجاه وضع خطط ومعايير يتم على أساسها التخفيف من الأثر السلبي لسلوكيات الانسان على البيئة. واعترف الوزير الكندي بأن النهضة الشاملة التي شملت الامارات في السنوات الاخيرة «أثرت على مختلف أوجه الحياة فيها وشكلت ضغوطا على الموارد الطبيعية، خاصة موارد المياه والطاقة».

وتعتبر مبادرة البصمة البيئية جهدا وطنيا للتكفل بتحقيق مستقبل مستدام من خلال قياس وتفهم تأثير أسلوب الحياة على كوكب الأرض. وهي مبادرة تاريخية تقوم بجمع البيانات الوطنية الحيوية وفقا لمعايير موحدة ومعتمدة. ويعمل المشاركون في المبادرة على اعتبار أن البصمة البيئية هي الحاجة الملحة حاليا، خاصة إذا ما أخذ في الاعتبار معدلات استهلاك الموارد المتزايدة والنمو الاقتصادي السريع الذي تشهده الدولة. من جهته، قارن الدكتور ماثيس واكرناغيل المدير التنفيذي للشبكة العالمية للبصمة البيئية، الشريك العالمي في المبادرة الوطنية، بين عملية حساب البصمة البيئية بالمحاسبة المالية، مشيرا إلى أن البصمة البيئية تهتم بتأمين حياة جيدة للناس، وفي الوقت نفسه الوقوف على المحاذير البيئية وانها تساعد على تفهم أهمية الموارد الطبيعية لاقتصاد الدول، بالاضافة إلى المحاذير الاخرى التي ترافق أي استثمار.

وتعتبر البصمة البيئية مؤشرا على عامل الاستدامة يعمل على قياس استخدام المواد الطبيعية من قبل السكان. ووفقا لما أظهره تقرير كوكب الحياة (ليفنج بلانيت ريبورت) لعام 2006، جاءت الامارات العربية المتحدة في أعلى مرتبة عالمية، بدرجة 9.9 (هكتار عالمي) للشخص الواحد. ومع ذلك، فإن مراجعة وتحليل بيانات الموارد التي جمعها عند حساب البصمة البيئية لدولة الامارات، أشارت إلى وجود فجوة بين المعرفة والبيانات، وذلك بعد مقارنة السجلات العالمية مع البيانات الواقعية للمؤسسات المحلية.