رايس تتفهم مصاعب أولمرت وتخفض سقف التوقعات من مؤتمر أنابوليس

بحثت تأجيل المؤتمر بضعة أسابيع وستعود الى المنطقة مطلع الشهر المقبل

مزارعون فلسطينيون ينتظرون فتح بوابة حاجز قرب إحدى المستوطنات شمال نابلس في الضفة الغربية للعودة الى منازلهم بعد يوم آخر من موسم قطف الزيتون امس (ا ف ب)
TT

في تلخيص للجولة الأخيرة في الشرق الأوسط لوزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، أكدت مصادر اسرائيلية، أمس، ان هناك تفهماً واضحاً في واشنطن اليوم للصعوبات التي يواجهها رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، في ائتلافه الحكومي. وان البيان المشترك الذي يتفاوض حوله الطرفان، الاسرائيلي والفلسطيني، سيعكس هذا التفهم بحيث يكون ـ كما قالت رايس نفسها ـ «عمومياً، يشمل كل القضايا الجوهرية في الصراع ويشكل توجيهات أساسية حول المفاوضات المستقبلية، ولكنه في الوقت نفسه لا يخوض في التفاصيل ولا يعطي حلولا»، كما لن يقرن بجدول زمني.

وتعتمد هذه المصادر على تصريحات رايس العلنية، التي رفضت فيها الطلب الفلسطيني بوضع جدول زمني مفصل للمفاوضات التي تعقب مؤتمر أنابوليس بولاية ميريلاند، المقرر اواخر نوفمبر (تشرين الثاني) ومطلع ديسمبر (كانون الاول) المقبلين ورفضت فيها جعل البيان المشترك «اعلان مبادئ»، وكذلك يعتمد على مضمون جولة المفاوضات الأخيرة التي أجرتها مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ومع رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، أحمد قريع (أبو علاء)، ومع أولمرت نفسه. وحسب تلك المصادر، فإن رايس تكلمت بحدة مع أبو مازن عندما قال انه لن يذهب الى أنابوليس بأي ثمن وغضبت من تهديدات أبو علاء بأنه لن يفاوض اسرائيل على أساس بيان هزيل لا يوضح جوهر التسوية الدائمة للصراع، وقالت لهما: «نحن في ادارة الرئيس جورج بوش نحاول مساعدتكم على اقامة الدولة الفلسطينية بكل قوتنا وفقا للمعطيات الناشئة في المنطقة. فإذا كنتم تحلمون بتحصيل كل مطالبكم خلال مؤتمر من يومين في أنابوليس ومفاوضات سياسية من عدة أسابيع، فهذه أوهام لا نستطيع أن نكون شركاء معكم فيها». وفي الاجتماع الثنائي الذي جرى مع أولمرت على مدى ثلاث ساعات، قبيل مغادرة رايس المنطقة، أوضحت رايس انها نجحت في تخفيض سقف التوقعات من مؤتمر أنابوليس لدى الفلسطينيين والعرب والعالم. ولكنها أضافت: «الآن يأتي دوركم لتقديم التنازلات التي ترفع من سقف النتائج. فمن الضروري أن يكون مؤتمر أنابوليس مفاجأة ايجابية للفلسطينيين والعرب أنصار السلام وشركائنا في مكافحة الارهاب».

وتدارست رايس مع أولمرت السبل التي تستطيع فيها اسرائيل دفع المسار السياسي الى الأمام وشحن أبو مازن ورئيس حكومته، سلام فياض، بالقوة أمام المعارضين لهما في السلطة وأمام حماس»، قائلة ان القيادة الفلسطينية الحالية هي أفضل قيادة في تاريخ الشعب الفلسطيني لتحقيق السلام، وهناك مصلحة مشتركة لتقويتها وتفهّم مصاعبها الداخلية. ولم تستبعد تلك المصادر ان يكون أولمرت قد اتخذ قراره بالسفر الى روسيا (أمس) وباريس ولندن (الأسبوع المقبل)، لمواجهة «الخطر الايراني ودفع قضية تحرير الأسرى»، في اطار الجهود لتقوية مكانته الجماهيرية في اسرائيل حتى يستطيع تمرير قرارات «غير شعبية» في الشارع الاسرائيلي، مثل المفاوضات على التسوية الدائمة ومقتضيات ذلك. وفي الاطار نفسه، اتفق على تأجيل مؤتمر أنابوليس بضعة أسابيع حتى يعطى أولمرت الوقت الكافي لتعزيز مكانته من جهة وللقيام بخطوات ميدانية لصالح الفلسطينيين تقوي مكانة أبو مازن وحكومته، مثل ازالة حواجز عسكرية وتخفيف المعاناة اليومية لأوسع قطاع من الفلسطينيين. وقالت رايس ان الشروط التي تطلب من الفلسطينيين والاسرائيليين تنفيذها في اطار المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق (أي انسحاب اسرائيل من المدن الفلسطينية وتجميد البناء في المستوطنات وازالة البؤر الاستيطانية الجديدة من جهة، وجمع الأسلحة غير الشرعية في السلطة الفلسطينية وتفكيك التنظيمات المسلحة من جهة ثانية)، ستؤجل الى ما بعد مؤتمر أنابوليس، على أن يعلن عن تطبيقها في المؤتمر نفسه.

وستواصل واشنطن، في هذه الأثناء، اتصالاتها مع الوزراء الاسرائيليين المتحفظين من هذا المسار في حكومة أولمرت، لإقناعهم بدعمه. وسيصل مطلع الأسبوع المقبل مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، ستيف هادلي، ونائبه اليوت آبرامز، الى اسرائيل لعقد سلسلة اجتماعات بهذا الشأن. وقام عدد من المسؤولين في الخارجية الأميركية والبيت الأبيض بلقاء وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك، لهذا الغرض خلال زيارته الحالية الى الولايات المتحدة. وكذلك اجتمعوا الى أربعة أعضاء بارزين في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الاسرائيلي، وهو في واشنطن. وستعود رايس الى المنطقة مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لتواصل هذه الجهود.

وعلم ان أولمرت كان قد طلب من رايس أن تبذل قصارى جهودها حتى تضمن أوسع مشاركة عربية في المؤتمر، مؤكدا انه من دون الدعم العربي المطلق لن يجد أبو مازن القوة للتقدم في هذا المسار بالشكل المطلوب.